سماح محمد عبدالله أو «أم زياد»، كما يناديها زوجها، رزقها الله بأربعة أطفال ذكور، ووسط فرحتها بأولادها وأحلامها الوردية لمستقبلهم، تأتيها الصدمة من الأطباء بأنها ستفقدهم جميعا، مثلما فقدت شقيقها بسبب مرض «ضمور العضلات».
«سماح» من أسرة مصرية بسيطة فى مدينة كفر الدوار، وكان والدها يعمل «بقال»، وهى كبرى أخواتها، وكان شقيقها محمد فى الصف الأول الإعدادى عندما ظهرت عليه أعراض مرض ضمور العضلات، واستطاع رغم مرضه دخول كلية الآداب، لكنه ذهب إلى ربه وعمره 18 عاما.
تزوجت من رجل لا توجد بينها وبينه أى صلة قرابة، ورزقها الله بـ«زياد» 10 أعوام، ثم «أنس» 6 أعوام و«يوسف» 5 أعوام و«مهاب» 3 أعوام. عندما بلغ «زياد» 6 أعوام، لاحظت سماح أن حركته بدأت تقل، لا يستطيع الجلوس وحده وحركته أصبحت أكثر صعوبه، وبدأت تقلق من هذه الأعراض وذهبت إلى العديد من الأطباء حتى وصلت إلى طبيب عرف المرض وأجرى تحليلاً واكتشفا إصابة زياد بمرض ضمور العضلات الذى مات به شقيقها.
نصح الطبيب «سماح» بإجراء التحليل لباقى إخوته، فاكتشفت إصابتهم جميعا بالمرض الذى لا تظهر أعراضه إلا بعد سن السادسة، فالمرض وراثى وانتقل لأولادها من خلالها لأنه لا يصيب إلا الذكور، وغالبا يموت المريض خلال سنوات قليلة بعد ضمور جميع عضلاته، وتنتهى حياته بضمور عضلة القلب.
«سماح» أملها فى الله لم ينقطع، وبدأت رحلة العلاج، «أنس ويوسف ومهاب» يأخذون مكملات غذائية لزيادة المناعة، أما «زياد»، فقد أكد طبيب مشهور أن علاجه الوحيد هو زرع خلايا جذعية، باعت «سماح» كل ما تملكه، وبعد معاناة، دبرت وزوجها تكاليف الجراحة التى وصلت إلى 30 ألف جنيه، بين الطبيب والمعمل وإقامة المتبرع فى المستشفى، ورغم ذلك لم تتحسن حالة «زياد».
لم تيأس «سماح»، وواصلت البحث والقراءة، حتى وصلت إلى طبيب ألمانى يدعى «نيلز هيبرلاند» الذى قال إن الجراحة التى أجريت لـ«زياد» كانت بدائية جدا، ونصح بإجرائها فى مكان من اثنين فقط فى مصر، هما: مستشفى مصر للطيران ومستشفى القوات المسلحة، أو فى ألمانيا، لكن المشكلة أن التكاليف تصل إلى 90 ألف جنيه.
تحتضن أم زياد أولادها الأربعة كل مرة كأنها المرة الأخيرة، ومع كل نظرة لولد من أولادها تتخيل مشاعرها وهى تودعه إلى مصيره المحتوم، فهى تقوم فى الليل لترفع الغطاء عن وجوههم حتى لا يختنقوا لأنهم لا يستطيعون تحريك أيديهم، ومع ذلك تحلم بأن يبعث لها الله من يساعدها.