«وفياً للبيروقراطية الأردنية»، هكذا يصف المحللون السياسيون رئيس الوزراء الأردنى الجديد، الدكتور فايز الطراونة، الذى تسلم منصبه بناء على إرادة ملكية من العاهل الأردنى الملك عبدالله بن الحسين، ليتولى الحكومة الأردنية الرابعة منذ أحداث الربيع العربى، خلفاً للدكتور عون الخصاونة، الذى تقدم باستقالته الخميس الماضى، والتى اعتبرها البعض «لغماً» فى طريق الطراونة ومسؤولية كبيرة عليه لإقناع الرأى العام بجدية الدولة فى برنامج الإصلاح بعد فشل الحكومات الثلاث السابقة.
ويبلغ الدكتور «الطراونة» 63 عاماً، وهو ابن السياسى الشهير، أحمد باشا الطراونة، وحصل على الدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة جنوب كاليفورنيا، وكذلك شغل منصب عضو مجلس أعيان لعدة دورات، وتقلد مناصب قيادية أخرى وكذلك حصل على العديد من الأوسمة.
كان «الطراونة» يشغل منصب رئيس الوزراء فى عهد الملك حسين بن طلال والد العاهل الأردنى، خلال عامى 1998 و1999 الذى شهد وفاته، وسقطت حكومته وقتها على وقع عدة أزمات وقضايا فساد.
وشغل أيضاً عدة حقائب وزارية، منها الصناعة والتجارة والتموين عام 1988، والخارجية عام 1997، وتولى رئاسة الوزراء ووزارة للدفاع عام 1998، ولهذا يرى المحللون أن اختيار الطراونة هو اختيار الملك حسين بالأساس.
ولدى «الطراونة» سجل محافظ بعيداً عن الديمقراطية سواء خلال رئاسته للحكومة أو فى آرائه داخل لجنة تعديل الدستور، ويرى منتقدوه أن اختياره لم يأت عبثا، لأنه فى ظل ظروف الربيع العربى والمطالبات المستمرة بالإصلاح، يُعتبر الطراونة من المنادين بالأحكام العرفية وفرض حالة الطوارئ فى البلاد، وبالتالى سيمكنه قمع الحركات الوطنية التى تنادى بالإصلاح. كما يرون أنه غير مقنع أن يكون رئيسا للوزراء فى مرحلة «الربيع الأردنى»، وسيواجه تحديات كبيرة فى إقناع الناس بمقدرته على الإصلاح.
ويعانى «الطراونة» من رفض شعبى عام، حيث خرجت مظاهرات منددة بتقلده هذا المنصب، بعد ساعات قليلة من تسلمه، مذكرين بدوره فى المفاوضات الأردنية - الإسرائيلية، حيث كان عضواً فى مفاوضات السلام الأردنية - الإسرائيلية بين عامى 1991 و1994، ورئيساً لوفد الأردن إلى المفاوضات بين عامى 1993 و1994، كما أشاروا إلى تاريخه، عندما كان وزيرا للتموين فى حكومة زيد الرفاعى فى عام 1989، والتى أقالها الملك حسين بن طلال آنذاك، على وقع احتجاجات دموية فى مدن الجنوب تعرف بـ«هبة نيسان (إبريل) ».
فى المقابل، يجد البعض أن «الطراونة» مناسباً لهذه المرحلة، حيث إنه مطالب بتشكيل حكومة انتقالية لا يتوقع أن يزيد عمرها على 3 أشهر، ومهمتها الأساسية هى إنجاز مشروع قانون الانتخاب الذى اعترض عليه رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة، وحل مجلس النواب تمهيداً لحكومة أخرى تجرى الانتخابات النيابية، كما أنهم يرون أن حكومته ربما لا تنفع لكنها فى الوقت نفسه لا تضر، وهذا هو المطلوب فى المرحلة المقبلة.