وصف الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، عودة الفريق أحمد شفيق، إلى انتخابات الرئاسة بأنه خطأ قانونى فادح من لجنة الانتخابات الرئاسية، وتوقع إعلان تأجيل الانتخابات خلال أيام، ووصف المشهد السياسى بأنه بالغ التعقيد ويسير نحو إنتاج مرحلة انتقالية جديدة يظل فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة حاكماً للبلاد لمدة عامين آخرين على الأقل، وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى قرار إعادة الفريق أحمد شفيق إلى انتخابات الرئاسة من جديد؟
- لجنة الانتخابات الرئاسية، ارتكبت خطأ قانونياً قاتلاً سيزيد المشهد تعقيداً، حيث لا يجوز لها إحالة قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية العليا، لعدم وجود خصومة بين طرفين، وإلا من سيدافع عن دستورية القانون، والتظلم الذى قدمه شفيق لا يعد منازعة أو خصومة هذا أولاً، ثانياً قانون مباشرة الحقوق السياسية مازال قائماً وواجب التطبيق ولم يحكم بعدم دستوريته بعد، فلماذا تجاهلت اللجنة تطبيق القانون، ولماذا استبقت الحكم وأقرت بعدم دستورية القانون وهذا ليس من شأنها، ثم إن اللجنة بهذا القرار أعادت له الحق فى الترشح لكنه مازال ممنوعاً من حق الانتخاب وفقاً للقانون.
■ وماذا لو حكم بدستورية القانون؟
- سنكون فى وضع قانونى خطير لا نحسد عليه، وقتها سيكون لدينا رئيس معزول سياسياً وتجب إعادة الانتخابات الرئاسية من جديد.
■ هل تعتقد أن قرار اللجنة سياسى وليس قانونياً؟
- بكل تأكيد، هذا هو الواضح تماماً، لكن الغريب أن التسرع جعل اللجنة لا تضبط الأمر حتى يبدو منطقياً وقانونياً، فكان من الممكن أن تقول له اذهب واطعن على القانون أمام المحكمة، وعندما تأتى بحكم بعدم الدستورية، سنرى ماذا سنفعل، لكن اللجنة قررت من تلقاء نفسها أن القانون غير دستورى واتخذت قرار وقف الاستبعاد.
■ إذا كان القرار سياسياً كما تقول.. فلماذا الإصرار على عودة شفيق؟
- أعتقد أن القرار سياسى الهدف منه تأجيل الانتخابات، وليس بالضرورة عودة شفيق، فمن المتصور الآن وبعد أيام قليلة أن يصدر قرار تأجيل الانتخابات بدعوى أن قانون مباشرة الحقوق السياسية معروض على المحكمة الدستورية العليا، ولم يفصل فيه، وبالتالى يجب الانتظار حتى لا يتم الوقوع فى معضلة قانونية فى المستقبل إذا فاز شفيق، وأعتقد أن هذا هو السيناريو المرسوم، رغم تأكيد اللجنة بالالتزام بالموعد المحدد سلفاً، وكل شىء وارد الآن وأعتقد أن السيناريو يسير وفق هذا الاتجاه.
■ بعد إقامة خيرت الشاطر دعوى أمام المحكمة العسكرية والحصول على رد اعتبار.. هل يمكن عودته للانتخابات؟
- الإعلان الدستورى وتحديداً المادة 56 الفقرة 9 تنص على «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالعفو عن العقوبة أو تخفيفها، أما العفو الشامل لا يجوز إلا بقانون»، وبالتالى الآثار المترتبة على العقوبة لا تكون إلا بقانون، ولا يملك المجلس سوى إصدار قرار بالعفو أو تخفيف العقوبة، وإن حدث وصدر تفسير بما يشمل الآثار المترتبة وقتها لا يُلزم لجنة الانتخابات، هذا من الناحية القانونية، ولكن إذا كنا أمام لجنة تسير وفق أهوائها «ومن دماغها» فكل شىء وارد، وبالمناسبة لم يحدث فى تاريخ القضاء العسكرى أنه رد اعتبار شخص، أعتقد أن خيرت الشاطر نصب له فخ ووقع فيه، وكان المقصود أن ينزل خيرت الشاطر بناء على اتفاق بين المجلس العسكرى والإخوان لتفتيت أصوات الإسلاميين قبل الاصطدام بالعوائق القانونية.
■ ترددت أنباء أن هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الدستورية العليا انتهت من إعداد تقريرها حول الانتخابات البرلمانية وأوصت فيه بحل البرلمان؟
- لا يجوز فى هذا الوقت حل البرلمان إذا أخذنا فى الاعتبار الوضع السياسى المعقد الذى نعيشه، لأن هذا يعنى أن نبدأ من نقطة الصفر، بالإضافة إلى خسارة الوقت والمال، وهنا تكمن فكرة المواءمة السياسية فى كون الوقت غير مناسب، ولكن إذا حدث ذلك سيترتب عليه إعادة الانتخابات من جديد، لكن لا يترتب على حكم الحل بطلان قراراته أو القوانين التى أصدرها.
■ وماذا عن مرشحى الرئاسة الذين ترشحوا بناء على تأييد أعضاء هذا البرلمان؟
- وضعهم سليم.. وحل البرلمان لا يبطل إجراءات ترشحهم.
■ كيف ترى ضم عدد من النواب إلى الجمعية التأسيسية للدستور بصفتهم الحزبية؟
- ضم شخص واحد من داخل المجلس سيبطل التشكيل، ولا يوجد ما يسمى «صفتهم الحزبية»، ولا يجوز دخول عضو واحد من البرلمان ولا حتى رئيس مجلس الشعب، وهذا التفاف غير جائز.
■ ما توقعاتك للوضع السياسى فى المستقبل فى ظل التعقيدات القانونية والدستورية الحالية؟
- المشهد بالغ الخطورة، ففى 30 يونيو المقبل، الذى يفترض أن يكون نقطة فاصلة فى تاريخ مصر، سيحدث أحد الاحتمالات الآتية، إما أن تنتقل السلطة إلى رئيس مدنى، وهذا أمر وفق التطورات الحادثة مشكوك فيه، أو يتم تأجيل انتخابات الرئاسة، ويتعثر تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ويبدأ البرلمان إجازته التى تستمر حتى نوفمبر، وإعادة ترتيب المشهد السياسى وإنتاج مرحلة انتقالية أخرى تؤدى إلى بقاء المجلس العسكرى عامين على الأقل، وهذا كله ناتج عن أن الإخوان والسلفيين لم يفهموا فكرة الدستور أولاً، وأدخلونا فى هذه المتاهة وشق الصف الوطنى والارتباك التى يعانون هم منها الآن ويشكون من تبعاتها.