فتحت زيارات لمدينة القدس والمسجد الأقصى مؤخرا من طرف علماء دين، برفقة أمراء من العائلة الملكية الأردنية، أبواب الجدل إزاء التطبيع ومقاومته، وبينما برر البعض هذه الزيارات بأنها تأتى فى سياق فك الحصار عن الأقصى والقدس، اعتبر علماء وسياسيون أنها تخدم الاحتلال الذى يمنع الفلسطينيين ويسمح للقادمين من الخارج تحت حمايته بزيارة المدينة المحتلة، فى الوقت الذى تسعى فيه تل أبيب لتدعيم سيطرتها على المدينة المقدسة.
كان مفتى الديار المصرية الشيخ على جمعة المسجد الأقصى زار قبل أيام برفقة الأمير غازى بن محمد، كبير مستشارى الملك عبدالله الثانى، وذلك بعد أسبوعين من زيارة قام بها الشيخ على الجفرى برفقة الأمير هاشم بن الحسين شقيق الملك.
ورفض الديوان الملكى الأردنى الذى نظم الزيارتين التعليق على دور الأميرين فى ترتيب الزيارتين.
ونشرت وسائل الإعلام الرسمية أخبارا مقتضبة عن الأمير غازى ومفتى مصر قالت إنها جاءت تشجيعا للمسلمين القادرين على زيارة الأقصى من باب إحياء سنة شد الرحال للمساجد الثلاثة وخاصة القدس، وقالت إن الأمير غازى حدد خلال الزيارة مكان كرسى وقفية الملك عبدالله الثانى بن الحسين لدراسة فكر الإمام الغزالى الذى ساهمت فى إنشائه مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامى بإحدى الغرف التابعة للباب الذهبى، حيث اعتكف الإمام الغزالى وألف كتابه الذائع الصيت «إحياء علوم الدين» قبل نحو تسعمائة عام.
ولاتزال الأوقاف الإسلامية بالقدس تابعة لوزارة الأوقاف الأردنية منذ عام 1967، كما أن الكنيسة الأرثوذكسية بالمدينة المقدسة تدار من خلال قانون أردنى، كما منحت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994 الأردن حق الإشراف على الأماكن المقدسة بالقدس.
وهاجمت جماعة الإخوان المسلمين بالأردن وأحزاب ونقابات الزيارتين واعتبرتهما خدمة مجانية للاحتلال الذى يمنع الفلسطينيين من دخول القدس، بينما يسمح بالزيارات تحت سيادته وحرابه، ووصف المراقب العام للجماعة د. همام سعيد زيارات العلماء الأخيرة برفقة أمراء هاشميين بأنها «هجمة تطبيع جديدة وخطيرة»، ورفض اعتبار الزيارة كسرا لـ«حصار القدس».
وفى الوقت الذى يثور فيه الجدل فى العالم العربى حول جدوى زيارة القدس فإن إسرائيل تعمل على تدعيم قبضتها على المدينة، من خلال تنفيذ مخططاتها لنقل مقارها الأمنية والعسكرية وتركيزها فى قلب الأحياء الفلسطينية بالقدس المحتلة، حيث تتطلع إلى بناء مقر للكلية العسكرية وقيادة هيئة أركان على سفوح «جبل المشارف» من الناحية الجنوبية المطلة على المسجد الأقصى، وإقامة حديقة وطنية توراتية على أراضى العيسوية.
وتشرف على المخططين «سلطة تطوير القدس» التى تقول إن نقل المقار العسكرية والأمنية من تل أبيب وحتى من غرب القدس، ينسجم مع قرارات سابقة للحكومة الإسرائيلية بجعل القدس «مركزا للسلطة وتدعيما لمكانتها كعاصمة للشعب اليهودى». وتتذرع بأن الحديقة الجديدة الممتدة على مساحة 740 دونما «تهدف إلى خدمة المواطنين والسياح» فى المدينة المقدسة، كما ستمتد مقار الكلية العسكرية الملاصقة لمخطط «الحديقة الوطنية» المذكور على مساحة 14 دونما، وتصل مساحة المبانى قرابة 40 ألف متر مربع، وتضم مقار «للكلية العسكرية» وكلية الأمن القومى وقاعات دراسية ومساكن لإيواء نحو 500 عسكرى، إلى جانب مقر القيادة العامة لهيئة أركان الجيش الإسرائيلى.
وكرد فعل على التحركات الإسرائيلية، كثف المقدسيون اعتصامهم فوق الأراضى المستهدفة، وأطلقوا مسيرات دورية داخل الأحياء وقبالة البؤر الاستيطانية والعسكرية، كما نظموا مظاهرات بالتعاون مع حركة «تضامن» اليسارية الإسرائيلية بهدف معارضة الخطط الإسرائيلية.