x

الحاج «سعد الحرامى».. بائع فول ومصاب ثورة وكسب «فريد شوقى» فى «الدومينو»

السبت 21-04-2012 20:39 | كتب: اخبار |
تصوير : other

على أحد مقاهى ممر «أفتر إيت» بوسط البلد فى أحد أيام صيف عام 1998، جلس الفنان عبدالمنعم مدبولى يتأمل شخصاً يرتدى سروالاً قصيراً و«فانلة حمالات»، حاملاً صينية عليها أطباق الفول، مشاغباً زبائنه من الصحفيين والسياسيين والفنانين والطلبة، يناديه أحد الزبائن: «ياحرااااامى»، فيرد بصوته المبحوح الذى لا يتناسب مع جسده النحيل القصير: «يا شيوعيين يا ولاد الـ..... »، فيعرض عليه «مدبولى» دوراً فى إحدى مسرحياته، فيرفض: «أنا أشهر من أى ممثل». هكذا يعيش «سعد الحرامى» أشهر بائع فول فى وسط البلد.

نزل «سعد الحرامى» يوم الجمعة 20 إبريل، لأنه يرى أنه «لا شىء تغير»، وأن من يحكمون فى صفوف الوزارات والمحافظات هم رجال مبارك المستفيدون، وأن الرصاصات الأربع التى دخلت جسده يوم 28 يناير 2011، وغيرت مسار حياته، لم يؤخذ ثأره من قناصيها حتى اليوم.

يوم 25 يناير فى حوالى العاشرة مساء فوجئ «سعد» بمجموعة من الشباب يطلبون منه الانضمام إليهم فى الثورة فأجابهم: «وربنا لنازل معاكم» وأحضر كرتونة كبيرة وكتب عليها «يسقط الحاكم الظالم»، وناداه أحد أصحاب المقاهى: «ارجع هتنضرب بالنار يا بن الـ...؟»، فأجابه: «لو هاموت، البلد مليانة سرطان وفشل كلوى وفيروس كبدى والستات الغلابة فى العشوائيات بيبيعوا شرفهم علشان ياكلوا»، فحمله الشباب على أعناقهم، وكلما مر «سعد» بمقهى من مقاهى وسط البلد انضم إليه المزيد حتى دخلوا الميدان ليلاً وقد أصبحوا ما يزيد على 1500 شخص ليصيح «سعد»: «باسم محمد باسم بولس.. الشعب المصرى زى تونس».

فى يوم جمعة الغضب علم «سعد» ما يفعله الأمن بالمتظاهرين، فأحضر صندوقاً به زجاجات مياه غازية فارغة من المخزن المجاور له، و«كاوتش داخلياً لعجلة سيارة، وقصه ليصبح «نبلة»، وطلب من عامل الجراج أن يفتح له تانك أى سيارة، وعبأ منه الزجاجات بالبنزين، ثم أضاف إليها باروداً بعد أن بعث صبيه يشترى له «بمب».

صعد «سعد» سطح عمارة 9 شارع ميريت الساعة 3 عصراً، ووجد قوات الأمن قد أغلقت الطريق على المتظاهرين القادمين من عبدالمنعم رياض، وأخذ يرمى الزجاجات عبر «النبلة» على قوات الأمن وكانت الزجاجات بمجرد أن تصطدم بالأرض تنفجر بقوة مشتعلة، فتتفرق قوات الأمن، ويعبر الثوار من عبدالمنعم رياض إلى الميدان.

بدأت الشرطة فى الانسحاب فتوجه «سعد» ومجموعة من الثوار إلى شارع شامبليون، وعند نادى القضاة كانت تقف سيارتان للأمن المركزى اشتبكتا مع الشباب، فكان نصيبهما ــ على حد تعبير «سعد» ــ «علقة زى الفل»، لكن الأمن لجأ لإطلاق الرصاص الحى، وعندما حاول «سعد» أن يفادى أحد الشباب دخلت جسده أربع منها: واحدة بترت إصبع السبابة بيده اليسرى، وثانية قطعت أذنه اليسرى، ودخلت الثالثة فى جنبه الأيسر، واستقرت الرابعة فى قدمه اليسرى.

ظل «سعد» فى المستشفى لمدة ثمانية أشهر، أنفق خلالها 60 ألف جنيه، منها 38 ألف جنيه على العلاج، وصرف تعويض مصابى الثورة بقيمة 20 ألف جنيه، ولم يعد يعمل من 3 عصراً حتى 4 فجراً، فبسبب الإصابة أصبح يعمل من السابعة صباحاً حتى الواحدة ظهراً.

عن أصل تسميته بـ«الحرامى» يتذكر «سعد» أنه فى عام 1979 كان يجلس على أحد المقاهى، وهو فى السادسة عشرة يلعب الدومينو مع مجموعة من أصدقائه منهم صديق اسمه «سعودى» وهو رسام لأفيشات الأفلام السينمائية، وأثناء اللعب جاءهم الفنان فريد شوقى الذى كان يتعجل أفيشاً لأحد أفلامه، فسألهم: «انتو بتلعبوا دومنة على إيه؟»، فأجابه «سعد»: «على عشا»، فتحمس «فريد» وشاركهما اللعب، فاشترطا عليه أن يدفع 200 جنيه منه مقابل 20 جنيهاً من الآخرين فوافق، وبدأ اللعب وكسب الصبى «سعد» بعد أن أخفى قطعة الدومنيو الأخيرة بين قدميه، وأصبح العشاء فخماً تكلف 150 جنيهاً، وأخذ سعد الـ50 جنيهاً الباقية، وطلب «سعد» من صديقه أن يكتب له عبارة على عربة الفول، فكتب «سعودى» بعد غيظ من الـ50 جنيهاً التى ذهبت لسعد: «يا ناس يا عسل.. الحاج سعد الحرامى وصل».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية