أجمع المحللون السياسيون وخبراء القانون على ضرورة أن يتحلى أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور والمزمع اختيارهم قريباً بالاستقلالية والجرأة، وأن يتم اختيارهم بعناية وأن يمثلوا جميع الأطياف حتى يخرج الدستور معبراً عن الشعب المصرى، فيما اختلف البعض بشأن مدة وضع الدستور التى حددها المشير «طنطاوى» بعد أن طالب بوضع الدستور قبل انتخابات الرئاسة.
حدد الدكتور عمار على حسن، المفكر والباحث السياسى، عدة نقاط لاختيار أعضاء اللجنة، وقال: «يجب أن نعود إلى ما كتبته الأمم الأخرى من المواصفات المطلوب توافرها فى أعضاء اللجنة، ولنا أسوة فى تاريخنا الدستورى من واقع اللجنة الدستورية التى كتبت دستورى 23 و54، كما يجب أن نعيد النظر فى الحالة الراهنة واستئثار تيار البرلمان بأكبر عدد من أعضاء اللجنة، هذا فضلاً عن أن أعضاء اللجنة السابقة لم يكونوا على مستوى المهمة الموكلة إليهم». ومن بين المعايير أيضا أضاف: «علينا أن نحدد من هى الشخصيات المطروحة على أن يتم اختيارها وفقاً لمبدأ الخبرة فى المجال القانونى، وأن تحظى بالقبول لدى الرأى العام، كما يجب أن تتمع هذه الشخصيات بالاستقلالية والجرأة وأن تمثل تمثيلاً أميناً معبراً عن جميع أطياف الشعب، وألا يتم ترشيحها بشكل ارتجالى بل تتم دراسة الأعضاء بعناية وبعيدا عن الأهواء الشخصية، بما يضمن خروج النص الدستورى معبراً عن الجميع، وإن كان مضمون الوثيقة هو الأهم، والخوف من أن يكون تمثيل الشخصيات جيداً مع وثيقة رديئة». وشدد د. عمار على ضرورة إعادة النظر فى آلية التصويت والتى تنص على إما التوافق الكامل بين الأعضاء أو التصويت بنسبة 51%. وانتقد «حسن» عودة الشخصيات العامة التى كانت ضمن تشكيل اللجنة السابقة قائلا: «إن معظم هذه الشخصيات تم انتخابها وفق تصور معين بما يخدم التيار الإسلامى أو كانت متعاطفة مع النظام البرلمانى».
وقال الكاتب الصحفى صلاح عيسى إن اللجنة التأسيسية يجب ألا تشكل من البرلمان والهيئات والنقابات أو غيرها من الفئات، مشيراً إلى أن هذا تفكير خاطئ ويفتح المجال لجملة اعتراضات وأضاف: إن الدساتير لا تنظم فئات اجتماعية إنما تشكل أساس النظام السياسى والقانونى للبلاد. واقترح «عيسى» شكلاً محدداً للجنة التأسيسية على أن تمثل 4 تيارات أساسية فى المجتمع المصرى وهى التيار الإسلامى والليبرالى والاشتراكى والقومى العروبى، على أن يتم اختيار هذه الأعضاء على قدر من المساواة. على أن يضم هذا التقسيم العام بعضاً من ممثلى هذه التيارات من أصحاب الثقافة الدستورية والقانونية، كما تضم أيضاً أعضاء يمثلون أحزاباً سياسية مختلفة، وبعضاً من الطوائف الدينية غير الإسلامية. وانتقد «عيسى» الأصوات التى تنادى باختيار أحمد حرارة داخل اللجنة التأسيسية ممثلاً عن المعاقين أو أسر الشهداء قائلا: إن الدستور معبر عن الشعب وليس عن فئة معينة.
وقال: «بالعودة إلى الشخصيات التى ساهمت فى وضع دستور 54 والتى ضمت نقيب المحامين باعتباره شخصية قانونية كما كان وفدياً ليبرالياً، وهو ما يؤكد أنه كان يمثل فئة معينة وثقافة قانونية وأيديولوجية ما، والأمر كذلك فى اختيار الدكتور طه حسين، فكان يمثل المفكر والأديب ولديه خبرة فى الدستور ولم يكن ممثلاً عن المعاقين. وفيما يتعلق بالمدة التى حددها المشير طنطاوى، الرئيس الأعلى للقوات المسلحة، للانتهاء من وضع الدستور قال «عيسى»: إن هذه المدة كافية والتى تقدر بنحو شهرين ذلك لأننا نضع دستوراً مؤقتاً لمدة لن تتجاوز 5 سنوات أو فترة رئاسة واحدة.
من جانبها أكدت الدكتورة منى مكرم عبيد، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن الكفاءة والسمعة الطيبة والخبرة السياسية والدستورية والقبول لدى الناس هى السمات الأساسية التى يجب أن تراعى فى اختيار أعضاء اللجنة. وأضافت أن المرأة والشباب والأقباط يمثلون جميعاً شخصيات عامة وليسوا ممثلين عن فئات بعينها داخل اللجنة، وشددت على ضرورة أن تمثل المرأة نسبة لا تقل عن 20% كشخصيات عامة داخل اللجنة فىجميع المجالات التشريعية ولا يقتصر دورها على مناقشة قضايا المجلس القومى للمرأة وذلك أن المرأة، يمكن الاستعانة بها فى مجالات مختلفة. كما ترى أن اللجنة يجب أن تضم ممثلين عن الأزهر والكنيسة برقم وفقاً لرؤية كل مؤسسة دينية على حدة. وتساءلت: هل سيتم استبعاد الشخصيات العامة التى تم اختيارها بالتوافق فى اللجنة التأسيسية السابقة، لاسيما أن من بين هذه الشخصيات من تحظى بقبول لدى الجميع؟
قال المستشار بهاء الدين أبوشقة، القيادى بحزب الوفد، إنه يجب أن تمثل جميع القوى السياسية داخل اللجنة التأسيسية، لأننا أمام دستور يعبر عن الشعب المصرى، لذا يجب أن تكون الجمعية توافقية وبناء عليه تخطر كل من الأحزاب والنقابات المهنية والمؤسسات الدينية، وأضاف: لا مانع من أن تستعين التأسيسية بلجان استماع متخصصة فى جميع المجالات. وقال: إن تحديد عدد الأعضاء والبالغ 100 شخصية لا يمثل مشكلة، وقد يكون العدد أقل من ذلك ولكن الهدف أن تمثل جميع التخصصات الفنية داخل اللجنة.