دعا الأزهر الشريف، جميع الأحزاب والقوى السياسية، إلى التوافق الوطني من أجل مواجهة المخاطر التى تحيط بالوطن في المرحلة الحالية، وحل أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.
وأصدر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بيانًا رسميًا، الإثنين، حمل عنوان: «دعوة للتوافق الوطنى»، أكد فيه أنه فى إطار استجابة الأزهر لتطلعات المصريين فى هذه المرحلة الدقيقة يؤكد سعيه الحثيث نحو التوافق الوطنى، والوصول إلى كلمة سواء فى الشأن العام، تلتقي حولها القلوب، وتطمئن إليها العقول.
وقال إنه إعمالاً لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية، ارتضاها الجميع ووجدوا فيها بغيتهم، وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني، استجابة لذلك كله اتفق المجتمعون على التأكيد العملي على سيادة الحق والقانون، وضرورة خضوع المواطنين كافة لأحكامه، والامتثال لأوامره ونواهيه، باعتبارها مناط الاستقرار، ودعامة الحل للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فالقانون هو حامي الحقوق، ولا يجوز التهاون في تطبيقه على الجميع، حفاظًا على هيبة الدولة، وإقرار العدل، وتعزيز التكافؤ وحق المواطنة وضمانًا لتقدم المجتمع نحو التحقيق الأمثل للتحول للديمقراطية المنضبطة بسيادة القانون.
وشدد على وجوب الاحتكام فى هذا المسار القانوني لـ«القضاء المصري الرصين ذي التاريخ المشرف العريق، في كل القضايا والتقلبات، مع الحرص الكامل على مراعاة استقلال القضاء ونزاهته، والحفاظ على هيبته، وتجنب ما يؤدى إلى زعزعة الثقة به، أو النيل من مكانته، تأكيدًا لدوره التاريخى في بناء الدولة المصرية الحديثة، وصيانة مؤسساتها، وتطبيق منظومات القوانين العادلة فيها على الحكام والمحكومين معًا، الأمر الذي يوجب على جميع السلطات توفير مناخ الأمن والطمأنينة للقضاء، لكي يباشر مهامه دون ضغط من مسؤول أو ترويع من الجماهير، لكي تتم ممارسة جميع درجات التقاضي الضامنة للعدل بسلاسة وسرعة، وتصبح عنوانًا للحقيقة كما هو الشأن فيها دائما».
وأكد شيخ الأزهر أنه يتعين في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة الحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، في إطار التكامل الحقيقى والتوازن التام بينها، دون السماح بأن تطغى سلطة على أخرى أو تتدخل فى شؤونها، حتى لا ينتشر الفساد والطغيان ويختل ميزان العدل.
وأشار إلى أن نخبة من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين اجتمعت وتدارست الموقف الراهن من كل جوانبه، وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل، وتغليب الصالح العام، واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة، وتقاليد العيش المشترك الودود فيما بينهم.
وأكد المجتمعون أن اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني، وتتطلب أعلى درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة، مما يقتضي تنازل جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم، حتى يلتقوا في منتصف الطريق، وينجحوا جميعًا في تحقيق أهداف الثورة النبيلة، في العيش المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة، ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم على أساس متين دون إحباط أو إخفاق.
ودعا الطيب إلى ضرورة الاحتكام لما استقر في الأعراف الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه دون نكوص أو تراجع، وأشار البيان إلى أن الأزهر الشريف والمثقفين المشاركين له بصدد الشروع في مبادرة حول مقترحات استرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، توضع بين يدي الهيئة البرلمانية المنتخبة لمجلسي الشعب والشورى للاسترشاد بها، انطلاقًا من مبدأ الجمع بين تمثيل مختلف فئات الشعب من ناحية، وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية، واحترام النصوص الدستورية في ذات الوقت.