اختلف فقهاء دستوريون حول إمكانية تطبيق قانون العزل السياسى فى الوقت الراهن، وتطبيقه على اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، ففى الوقت الذى قال فيه البعض إنه لا يمكن العمل به حاليا، بسبب عدم جواز عمل القوانين بأثر رجعى، أكد آخرون إمكانية تطبيقه بعد إقراره من المجلس العسكرى.
قال الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون الدستورى: «على الرغم من تأييدى السياسى للقانون، ووقوفى بجانب الرأى القائل بضرورة عزل فلول النظام السابق من العمل السياسى، إلا أن هذا القانون به شبهة عدم دستورية، وشبهة سوء استخدام من السلطة التشريعية، لأن المجلس لم يسع لسن هذا القانون إلا بعد أن شعر الإسلاميون بأن ترشح عمر سليمان سيشكل خطورة على مرشحهم، وليس من أجل المصلحة العامة، وهو ما يمثل انحرافاً فى السلطة التشريعية، وبعدا عن المصلحة العامة».
ولفت إلى أنه فى حالة إقرار القانون لا يمكن العمل به بأثر رجعى، خاصة بعد أن تم الانتهاء من الترشح، وموافقة اللجنة العليا على من ترشحوا، واستبعادها لآخرين، وفقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى، التى تجعل قرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية قرارات نهائية لا يجوز الطعن عليها.
وأضاف: «قانون العزل السياسى قانون عظيم، لأن نزول أتباع النظام السابق يهدد الثورة، وكان يجب أن يتضمن الإعلان الدستورى نصا يمنع أتباع النظام السابق، ممن أفسدوا الحياة السياسية، من الدخول فيها، إلا أن هذا لم يحدث»، متهما الإخوان بأنهم من تسببوا فى عدم تحقيق الإعلان الدستورى الغرض منه، والإعلاء من شأن الثورة، وقال إنهم رفضوا صياغته بطريقة تخدم مصالح الثورة، ووافقوا على بنوده التى وضعها العسكرى، لهذا ليس من حقهم الشكوى من تلك البنود التى وافقوا عليها؟! - حسب تعبيره.
واتفق مع عيسى الدكتور حمدى عمر، أستاذ القانون الدستورى، الذى قال: «قانون العزل السياسى به شبهة عدم دستورية، لأن باب الترشح للانتخابات قد فتح قبل إقراره، الأمر الذى لا يجوز معه تطبيقه بأثر رجعى، لأن السلطة التشريعية لا يجوز لها التدخل بعد فتح باب الترشح».
وأضاف: «وفقًا للمواثيق الدولية، لا يجوز منع أو حرمان مواطن من حقه فى الانتخاب أو الترشح إلا بحكم قضائى من محكمة الجنايات، حتى إن قانون الغدر، الذى صدر فى شهر نوفمبر عام 2011، لا يجوز تطبيقه إلا بدعوى تحركها النيابة الإدارية، والتى تحوله بدورها إلى محكمة الجنايات، وعند اقتناعها بالاتهامات المقدمة ضد الشخص، موضع الخلاف، تصدر قراراً بعزله سياسياً، ومنعه من ممارسة الحقوق السياسية، بدعوى إفساده الحياة السياسية فى مصر».
وقال: «إذا ما خرج قانون العزل السياسى إلى النور، فإن من حق النيابة عدم العمل به، وإثبات عدم دستوريته، لأن لها السلطة التقديرية فى إقرار القانون، بأن يكون هناك هدف عام من القانون، ولا يستهدف شخصاً بعينه»، لافتا إلى أن إصدار مجلس الشعب لهذا القانون الآن، يعد انحرافاً تشريعياً، لأنه يستهدف أشخاصاً بعينهم، مما يؤدى إلى عدم دستوريته.
وأضاف أنه «كان على مجلس الشعب عدم إثارة الواقع السياسى المصرى بقوانين جديدة، لا أهمية لها سوى الجدل الدستورى، وإشغال الرأى العام، لأن هناك قانوناً موجوداً بالفعل، وكان عليهم أن يرفعوا دعوى قضائية ضد من يرونه أفسد الحياة السياسية، وتقديم دلائل حقيقية حول إفساده الحياة السياسية فى مصر، ليكون استبعاده بقرار قضائى، لا يجوز الاعتراض عليه، وتلتزم اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية بتنفيذه فى ظل رضا شعبى ودولى، وتطبيق تام للقانون والمواثيق الدولية»، مؤكدا أن القرار فى النهاية يعود إلى اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، التى يكفل لها الإعلان الدستورى اتخاذ ما يناسبها من قرارات دون القدرة على الطعن على أى من أحكامها، وفقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى.
فى المقابل، قال المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، إنه فى حالة صدور قانون العزل السياسى وإقراره من قبل المجلس العسكرى، الذى يقوم بمهام رئيس الجمهورية، سيتم تطبيقه فوراً على اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، باعتباره أحد من عملوا مع النظام الذى سقط رئيسه، مشيراً إلى أن القانون يحسم الأمر تماما.
وقال الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستورى، إن القانون يمكن العمل به، إذا ما صدر قبل يوم 26 أبريل، لكنه لا يجوز بعدها العمل به، مؤكدا صحة القانون، وعدم مخالفته الدستور، ومطالبا بسرعة تنفيذه، حفاظا على الحياة السياسية فى مصر ما بعد الثورة.