موقف الرقابة من فيلم «الخروج من القاهرة» لم يكن الأول أو الأخير فى ملف قصص الحب بين المسلمين والأقباط على الشاشة، وهو الملف الشائك الذى هرب منه السينمائيون تجنباً لصدام متوقع مع جهاز الرقابة، ومن الأفلام القليلة التى غامر صناعها، وقرروا اقتحام هذه المنطقة المحرمة سينمائياً فيلم «الشيخ حسن» لحسين صدقى إنتاج عام 1954، ولم يسلم هذا الفيلم من الصدام مع الرقابة التى صادرت نسخه، ثم تقرر عرضه بقرار جمهورى من الرئيس جمال عبدالناصر، وفيلم «لقاء هناك» إخراج أحمد ضياء الدين، وإنتاج 1975، وفيلم «حسن ومرقص» لعادل إمام وعمر الشريف، وإنتاج عام 2008. الدكتور سيد خطاب، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، كشف عن حقيقة منع عرض «الخروج من القاهرة» فى مهرجان الأقصر، وقال: تمت المطالبة بعرض الفيلم فى ظروف حرجة، فضلاً عن أن المهرجان نفسه وقع فى خطأ إدارى لأنه لم يتقدم بطلب لعرضه، وأعتقد أن سيد فؤاد، رئيس المهرجان، تم توريطه فى اللحظات الأخيرة لكى يعرضه، خاصة أن كل الأفلام المشاركة كانت قد عرضت على الرقابة وتمت إجازتها.
وأضاف: فوجئنا بالفيلم يشارك فى المسابقة الرسمية فاتصلت برئيس المهرجان، وطلبت منه أن يرسل نسخة منه، لكن الذى أرسلها هو المنتج شريف مندور، وحتى الطلب الذى أرسله كان يتضمن التصريح بالعرض دون التوضيح بأن هذا العرض تجارى أم بالمهرجان فقط، فشعرت بريبة، وفوجئت بأن الرقباء الثلاثة الذين شاهدوه رفضوه، لأنه مخالف لشروط تصريح السيناريو. وأكد «خطاب» أن كل النقاد الذين شاهدوا الفيلم فى مهرجان دبى كتبوا عنه بشكل سيئ، كما أن مخرجه هشام عيسوى رأى المجتمع بعين تختزن فى عقلها الباطن صوراً نمطية عن علاقة المسلمين بالأقباط، بالإضافة إلى استخدامه ألفاظاً تسيئ للمسيحيين. وقال: الأسرة المسيحية التى يتعرض الفيلم لمعاناتها عبارة عن زوجة مات زوجها وتركها وابنتها، وتعيش الزوجة دون زواج مع شخص ذى سلوك وأخلاق سيئة اسمه شنودة، بينما شقيقة الزوجة تعمل فتاة ليل، والابنة فى الوقت نفسه تعيش قصة حب مع شاب مسلم، وفى النهاية ترفض واقعها وتهرب معه، وهذا الفيلم يظهر حالة من الانفلات الأخلاقى، ويسيئ لطبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وحتى عندما أراد أن يحدث نوع من التوازن قدم فتاة مسلمة فى صورة ضحية لشاب مسيحى، لتعمل بعد ذلك فى مهن منافية للآداب، والفيلم بشكل عام مليىء بالقبح ومتجرد من أى مظاهر للآدمية.
وأضاف «خطاب»: أزمتى الحقيقية مع الفيلم تتعلق بالواقع، لأن لدى قانوناً يسمح لى بالتعامل مع اللحظة الراهنة والحفاظ على أمن البلد، ومن تدخلوا للمطالبة بعرضه فى المهرجان لم يشاهدوه، لكن دافعهم هو مبدأ حرية الإبداع، ولا يستطيع أحد أن يزايد علىّ فى ذلك، لكنى تحملت مسؤولية قرار المنع والظهور فى موقف المتهم لأن ذلك أفضل من إحداث بلبلة ربما كانت تؤدى إلى عواقب سيئة خاصة أن المهرجان أقيم فى الصعيد.