x

«اختبار» الاقتصاد بعد السياسة في «مصر الثورة»

الخميس 01-03-2012 11:23 | كتب: رويترز |
تصوير : other

 

يرى الكثير من المحللين أن مصر على موعد مع معركة جديدة مؤجلة في المجال الاقتصادي بعد الانتهاء من إعادة ترتيب السلطة السياسية، التي من المفترض أن تبدأ ملامحها في الوضوح في يونيو المقبل، حيث يتولى رئيس الجمهورية المنتخب مهام عمله.

سيكون على الإدارة الجديدة إقناع البلاد بتطبيق إجراءات تقشف بعد عام من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، وفقًا للتفاصيل التي تكشفت بشأن الاتفاق المزمع مع صندوق النقد الدولي.

وتريد مصر إبرام اتفاق مع صندوق النقد للحصول على 3.2 مليار دولار لتفادي أزمة تلوح نذرها في الأفق، لكن الصندوق يريد من مصر في المقابل أن تخفض العجز في الميزانية.

وقال مسؤول مصري يتابع المحادثات عن كثب «يتضمن اتفاق صندوق النقد شروطًا من المتوقع أن تنفذها مصر لتحصل على الأموال، أحد هذه الشروط خفض عجز الميزانية».

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: «تلك الشروط لها تبعات سياسية»، ولهذا قال مسؤولون في السابق إن شروط صندوق النقد تؤثر على سيادة مصر.

وطلب صندوق النقد من مصر إعداد خطة للإصلاح الاقتصادي تتضمن معايير وأهدافًا وإقناع القوى السياسية المصرية بها والحصول على تعهدات بمساعدات من مانحين آخرين.

وأعلنت الحكومة هذا الشهر أنها وافقت على خطة تستغرق 18 شهرًا هي نفس مدة برنامج صندوق النقد وأنها ستوقع اتفاقًا في مارس. لكن حتى الآن لم تطرح الحكومة الخطة للنقاش العام كما وعدت، وقال صندوق النقد بشكل مقتضب إن المحادثات لاتزال جارية.

ولم تنشر إلا تفاصيل قليلة عن إجراءات التقشف التي تتضمنها الخطة، لكن تقريرًا نقل عن وزير المالية، ممتاز السعيد، في العاشر من فبراير قوله إن الإجراءات تتضمن تغيير ضريبة المبيعات البالغة 10% إلى ضريبة للقيمة المضافة، وتوجيه دعم الطاقة إلى الفئات الأكثر احتياجًا.

ولم يكن فرض ضرائب جديدة أو خفض الدعم الحكومي أمرًا سهلًا في يوم من الأيام، وقد حاولت الحكومة منذ فترة طويلة تطبيق إجراءات مماثلة لكنها لم تنجح، وفرضت ضريبة المبيعات في إطار برنامج سابق لصندوق النقد عام 1991 كخطوة أولى نحو ضريبة القيمة المضافة، وحاول يوسف بطرس غالي، وزير المالية آنذاك، إنجاز التحول إلى ضريبة القيمة المضافة على مدى أعوامه السبعة في المنصب.

وحاول بطرس غالي أيضًا التصدي لدعم الطاقة الذي يلتهم حصة متزايدة من ميزانية الدولة مع نمو الاستهلاك.

وحاول في نهاية 2010 تطبيق نظام لترشيد الدعم لأسطوانات البوتاجاز التي تستخدمها المنازل لأغراض الطهي، ويشكل دعم الطاقة ولاسيما الديزل وغاز البترول المسال والوقود الذي تستخدمه الصناعة نحو 20% من الميزانية.

كانت الشكوى من الظروف الاقتصادية أحد العوامل التي فجرت ثورة 25 يناير، ولاتزال البلاد تشهد بشكل يومي إضرابات لعاملين يطالبون بزيادة الأجور وتحسين تعاقداتهم بعد مرور عام.

وقال رضا أغا، الخبير الاقتصادي لدى «رويال بنك اوف سكوتلند»: «كيف ستخفض الدعم في الوقت الذي يشكو فيه الناس من التضخم والبطالة وعدم المساواة؟ ستكون هذه مسألة صعبة من الناحية السياسية».

وقد طالب صندوق النقد الدولي بأن يحظى أي اتفاق بتأييد سياسي واسع داخل مصر لاسيما من جماعة «الإخوان المسلمين» التي فازت بنحو نصف مقاعد البرلمان الجديد، وحتى الآن يرفض «الإخوان» إبرام اتفاق إلا كملاذ أخير، لكن محللين يقولون إن الجماعة قد لا تجد خيارًا سوى الموافقة.

ومن بين الأسئلة المهمة هل تمتلك مصر الموارد اللازمة لتجتاز الانتخابات الرئاسية قبل أن تحدث أزمة مالية.

وتنفق مصر ملياري دولار شهريًا من احتياطياتها الأجنبية منذ أكتوبر تشرين الأول لدعم عملتها، وبلغت الاحتياطيات 16 مليار دولار أي أقل من نصف مستواها قبل الثورة، وتتضمن هذه الاحتياطيات سبائك ذهبية بقيمة أربعة مليارات دولار ستجد الحكومة حرجًا شديدًا في استخدامها.

وقال سعيد الهرش، الخبير الاقتصادي لدى «كابيتال ايكونوميكس»: «إذا استمروا بالوتيرة الحالية فستنفد كل احتياطياتهم تقريبًا بحلول ذلك الوقت، وحينئذ سيكونون عند نقطة فارقة، وهو ما يعني أننا قد نشهد انخفاضًا غير محكوم في قيمة العملة».

وأضاف أن هذا سيرفع التضخم ويدفع الحكومة لرفع أسعار الفائدة لدعم العملة، وسيخفض قيم الأصول ويرفع تكاليف الاقتراض في الاقتصاد الضعيف أصلًا.

وحتى إذا توفر التأييد الداخلي للخطة فقد قال صندوق النقد إنه يتعين على مصر أن تحصل على أموال من مقرضين أجانب لسد العجز الذي تقدره الحكومة بنحو 11 مليار دولار على مدى فترة البرنامج البالغة 18 شهرًا، وهو ما يعني أنها ستحتاج للحصول على نحو ثمانية مليارات دولار من مانحين غير صندوق النقد.

وطلبت مصر من البنك الدولي مليار دولار ومن الاتحاد الأوروبي 660 مليون دولار ومن البنك الأفريقي للتنمية 500 مليون دولار ومن صندوق النقد العربي 500 مليون دولار أخرى.

ويبدو أن مصر تعول على مساعدة من الدول الخليجية للحصول على المبلغ الباقي، لكن تقريرًا نقل عن وزير المالية الأسبوع الماضي قوله إن مصير تلك المساعدة غير واضح، وكانت السعودية قد تعهدت العام الماضي بدفع ثلاثة مليارات دولار لدعم الميزانية.

وقال رئيس الوزراء، كمال الجنزوري، إن دول الخليج تريد أن تبرم مصر اتفاقًا مع صندوق النقد قبل أن تقرضها، ويقول محللون إن تلك الدول قد لا تشعر بالارتياح لإرسال تلك الأموال حتى ترى طبيعة الحكومة التي تتشكل في يوليو.

وعلى سبيل الاحتياط تدرس مصر وسائل أخرى لتمويل عجز الميزانية من بينها بيع شهادات إيداع وأراض للمصريين في الخارج وإصدار صكوك إسلامية.

لكن محللين يقولون إن العديد من هذه الإجراءات غير متكرر ولا يخفض عجز الميزانية في الأجل الطويل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية