أكد اللواء محمد شوقى رشوان، رئيس جهاز تنمية سيناء، أن زراعة شبه الجزيرة بالبشر أصبح ضرورة ملحة لمواجهة التمدد الطبيعى للسكان من دول الجوار، وأنه لا يفضل إقامة منطقة حرة فى رفح، وقال إن الأوضاع الأمنية فى سيناء لن تمنع الدولة من المضى قدماً فى خطط التنمية، منوها بأن الجهاز سيبدأ عمله، خلال أيام، فى مقر مؤقت بمدينة العريش بالاستعانة ببعض الموظفين المنتدبين من الوزارات كمعاونيين له.
اللواء «شوقى» كان مسؤولاً عن ملف سيناء، خلال عمله السابق فى جهاز المخابرات المصرية، وتناول الحوار معه عدة موضوعات، منها مشكلة «البدون» ويقصد بهم بعض المنتمين لقبيلة «العزازمة» والذين يؤكد شوقى أن بينهم فلسطينيين وإسرائيليين يعيشون فى سيناء ، وإلى نص الحوار:
■ هناك انتقادات تم توجيهها لطريقة إنشاء جهاز تنمية سيناء بسبب عدم الاستعانة بأبناء المنطقة؟
- حتى الآن لا يوجد موظف رسمى، غير رئيس الجهاز، أما باقى الهيكل فلم يتم التوافق عليه، وأؤكد أن أبناء سيناء سيكونون أساس إنشاء الجهاز إذا كانوا مؤهلين لذلك، وقررنا البدء فى العمل خلال أيام من خلال مبنى المركز الاستكشافى التابع لوزارة التربية والتعليم بالعريش، حتى إنشاء مبنى خاص بالجهاز، وسيكون العمل من خلال مجموعة من المنتدبين من الوزارات المختلفة، كمساعدين منفذين لرئيس الجهاز، حتى يتم تشكيل الهيكل الكامل الذى سيكون لأبناء سيناء الأولوية فى أى تعيين فى وظائفه.
■ ينتقد أبناء سيناء اهتمام المسؤولين بلقاء شيوخ قبائل معروف عنهم علاقاتهم بأمن النظام السابق وتجاهل الحركات الثورية؟
- لم نتعمد تجاهل أحد، واللقاءات التى عقدتها حتى الآن ضمت شيوخ القبائل، وبعض ممثلى الحركات الثورية، خاصة أن معظم تلك اللقاءات لم تتم بشكل رسمى، وإنما ضمن الحوار المجتمعى للتعرف على مشاكل أبناء القبائل ومن خلال معرفتى بهم من موقع وظيفتى السابقة، وقد يشعر بعض الشباب بالتجاهل لأنه هناك صراعاً طبيعياً بين الأجيال، فالشباب متحمس والكبار يتسمون بالحكمة، ولذلك لابد أن يتم تغليف الفكر الثورى بالخبرة، مع العلم أن ليس كل ما يطرح فى النقاشات قابل للتطبيق، لأن الرأى العلمى هو الذى سيحدد الأفكار الصالحة للتنفيذ.
■ هل الحديث عن تخطيط مشروعات تنموية فى ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة له جدوى؟
- ليس من المعقول أن نوقف التنمية لانتظار عودة الأمن، وصحيح أن أى مستثمر يضخ أمواله فى المشروعات لابد أن يشعر بالأمان قبل بدء العمل، ولكن سيناء ليست أسوأ مناطق الجمهورية من حيث الأمن وهناك أماكن بها مشكلات كبيرة، وبها استثمارات ناجحة، والدليل أن إنشاء مصنع للأسمنت فى وسط سيناء، كان مغامرة كبيرة، وعندما بدأ لم يكن هناك توقع لنجاح تلك التجربة، ولكن المستثمر أقبل على المغامرة «المحسوبة» وحقق نجاحات غير مسبوقة.
■ هل لجهاز تنمية سيناء أى دور رقابى على تنفيذ المشروعات؟
- الجهاز مهمته التخطيط والإشراف، أى أنه يقترح الأفكار ثم يتابع تنفيذها، ويعتبر الجهاز هو الأول من نوعه فى الدولة، الذى يفصل التخطيط عن المتابعة والتنفيذ، لأنه لا يمكن أن نكون جهة تخطط وتنفذ وتراقب، فى الوقت نفسه، لأننا لن نستطيع انتقاد أنفسنا، ولكن سيقتصر دورنا على رفع تقارير دورية عن المقصرين إلى رئيس الوزراء، ولذلك الجهاز تم إنشاؤه بقانون والفارق بينه وبين جهاز تعمير سيناء أن الأخير يتبع وزارة الإسكان، ولكن جهاز التنمية يتبع رئيس الوزراء مباشرة.
■ أين ذهبت الأموال التى تم تخصيصها فى السنوات السابقة لتنمية سيناء؟
- مشكلة الميزانيات التى تم رصدها فى السابق أنها كانت تواجه نوعا من البيروقراطية والروتين، بمعنى آخر أنه لم تكن هناك ميزانية مخصصة لتنمية سيناء بشكل محدد ولكن كان يخصص لها موارد فى موازنة الدولة، وفى نهاية السنة المالية، غالبا لا يتم استخدام تلك الموارد، وكانت هناك إشكالية أخرى، وهو ما يسمى نظام المناقلة أو نقل تلك الموارد واستخدامها لخدمة مشروعات أخرى فى محافظات كان المسؤولون يرون أنها أكثر أهمية، من حيث إنها تخدم عدداً أكبر من المواطنين، وهذا النظام تم إيقافه حالياً.
■ وماذا عن المخصصات المالية الحالية؟
- محافظتا سيناء الشمالية والجنوبية لهما اعتمادات من الموازنة العامة للدولة، موزعة على الوزارات المختلفة وتبلغ ملياراً و95 مليون جنيه ومعظمها اعتمادات مدرجة على مشروعات قائمة بالفعل وهذا المبلغ موزع على 23 جهة بين وزارات وهيئات، منها 8 جهات رئيسية، تأخذ الحجم الأكبر من تمويل مشروعات موجودة بالفعل، مثلا وزارة الإسكان مخصص لها 238 مليوناً لعمل مشروعات ووزارة النقل 151 مليوناً لإنشاء مشروع الطريق الدائرى حول العريش والمرصود له 116 مليوناً ثم وزارة الزراعة، ثم وزارة الداخلية كما أن هناك 25 مليون جنيه موزعة على 15 جهة أخرى، وهناك 250 مليوناً تبرعاً من وزارة الدفاع وسيتم استخدامها فى التنمية المجتمعية، وهناك 50 مليون دولار، منحة من الوكالة الأمريكية للتنمية، كانت متوقفة منذ الثورة بسبب عدم رغبة الجهة المانحة فى صرف المبلغ لتعللها بعدم وجود حكومة أو سلطة تشريعية ولكن بعد انتخاب رئيس الجمهورية، زالت تلك الأسباب وتم التنسيق وخلال أسبوع سوف يبدأ العمل فى المشروعات، وحتى الآن هى الجهة المانحة الوحيدة.
■ وهل سيكون للجهاز دور فى مراقبة تلك المخصصات؟
- الجهاز سيكون مسؤولاً عن مراجعة الخطط والمشروعات ومتابعة المشروعات المدرجة فعلاً فى الميزانية على المشروعات القائمة بالفعل وهو ما استقر رأى الحكومة على البدء بها، ومعظمها مشروعات للبنية التحتية، وسيتم تنفيذها 2012.
■ يعتبر البعض أن قرار تملك أبناء سيناء أرضيها مجرد حبر على ورق؟
- القرار تم اتخاذه بالفعل، وسارى التنفيذ منذ صدوره، ومن حق أى مواطن يحمل الجنسية المصرية، وينتمى لأبوين مصريين التملك فى سيناء، ولكن تطبيق القرار سيتم على مراحل، وسيتم البدء بتمليك المنازل، أما الأراضى فستأخذ وقتاً، لأن أجهزة الدولة من شهر عقارى والمصالح المرتبطة به والمطلوبة لاستقبال طلبات التمليك لن تستطيع استيعاب الطلبات كلها مرة واحدة، وبالتالى سيتم التملك على مراحل وعند الانتهاء من مرحلة تملك المنازل سيتم البدء فوراً فى تمليك الأرض، ولا بد أن نعرف أنه لم يكن هناك أى ممارسات عنصرية ضد أبناء سيناء، بدليل أنهم كانوا يستطيعون تملك الأراضى فى أى محافظة أخرى، أى أن المشكلة فى الرؤية الجامدة للنظام القديم وطريقة تعامله مع هذا الجزء من أرض مصر، ولكن بعد الثورة أصبح الموضوع أكثر مرونة.
■ وماذا عما أثير حول إتاحة الفرصة للأجانب لتملك الأراضى فى شبه الجزيرة؟
- ليس هناك تملك للأجانب، ولكن من لم تتوافر فيه شروط التملك العادية، ومن يحمل جنسية مزدوجة، أو أن أمه غير مصرية، سيكون التملك له بنظام حق الانتفاع لمدة 50 عاماً وسيطبق هذا النظام بمزايا غير مسبوقة، وبحيث إذا استفاد بالأرض بشكل جيد وأنشأ مشروعاً ذا جدوى ستكون هناك إمكانية لتوريث حق الانتفاع، لمدة أخرى وهكذا بحيث يكون هناك فرصة لأصحاب المشروعات الجادة والمفيدة.
■ هل هناك فرصة لإعادة إحياء المشروع القومى لتنمية سيناء الشهير بمشروع 94؟
- لن نستطيع إعادة إحيائه لأنه توقف لأسباب تسأل عنها الحكومات السابقة، وكان الهدف منه توطين 3 ملايين مواطن فى سيناء، ولكنه تعطل ولم يعد محلاً للتنفيذ، حيث إن المخصصات المالية التى كانت مرصودة له لم تعد موجودة، ويصعب تنفيذ ما تم التخطيط ليتم فى 17 عاماً ليتم فى 4 سنوات.
■ ماذا عن المشروعات التى توقفت أو فشلت، خاصة مشروع ترعة السلام هل سيتم التفكير فى بديل له أم سيتم استكماله؟
- مشروع ترعة السلام لم يفشل أو يتوقف ولكن الروافد لم تصل لها المياه وهناك 80 ألف فدان خارجة من ترعة السلام ويمكن توصيل المياه إليها وزراعتها من غد ولكننا لا نريد تشغيلها لأن هناك تعديات على تلك الأراضى، ونسبة كبيرة من المنتفعين منها من أبناء الوادى وليس من أبناء سيناء، خاصة أن هناك فرصة أتاحها القانون لتقنين وضع اليد نهاية الشهر الجارى، ولو فتحنا الماء كل شخص سيطمع فى الأرض حتى يتم تقنين أوضاعه.
■ وماذا عن مشاكل «البدون» فى سيناء وقبيلة العزازمة تحديداً؟
- أستطيع القول من خلال عملى السابق فى المخابرات العامة، أن العزازمة قبيلة مقسمة إلى أجزاء ومنها «عزازمة مصريون وآخرون فلسطينيون وعزازمة إسرائيليون ومن يحمل ورقاً غير معين الجنسية فهو «غير مصرى» والفيصل هنا هو القانون، ولو هناك شخص يعلم جيداً أن انتماءه لمصر لماذا لم يلجأ للتقاضى.
■ وكيف يلجأ للتقاضى وهو لا يحمل أى أوراق ثبوتية؟
- يستطيع بالورقة التى يحملها اللجوء للتقاضى، ويجب أن يعلم الرأى العام أن استمرار تلك المشكلة للعزازمة لوقت طويل ليس معناه إهمالاً ولكن معناه أن هناك حلقة مفقودة، وأسباباً منطقية قد أكون أعرفها جيدا ولكن ليس مصرحاً لى الحديث عنها، أما من لم يلجأ للتقاضى فليس له الحق فى الحديث عن أحقيته فى الجنسية المصرية، مع العلم أن شيوخ القبائل يعرفون جيدا أنهم ليسوا مصريين ولا يعترفون بوجودهم وهناك 23 قبيلة اسألهم عن حقيقة العزازمة فهم يعرفون كل شىء عنهم.
■ وهل هناك نيه للاستثمار فى جبل الحلال؟
- جبل الحلال ليس منطقة ملائمة، لإقامة استثمارات صناعية، ولكن يمكن استخدامه فى أعمال التنقيب أو كمحاجر لطبيعته الجبلية، ولكن سيكون هناك 4 مناطق صناعية، منها واحدة فى الوسط وسيتم مراعاة طبيعة المنطقة وملائمتها للمشروعات التى تنفذ فيها.
■ هل من الوارد إقامة منطقة حرة على الحدود بالتعاون مع حماس؟
- إقامة أى مشروع يكون الهدف منه مصلحة الشعب المصرى مع كامل احترامنا للشعب الفلسطينى، وليس للحدود علاقة بالمناطق الحرة، وهناك اقتراح لثلاث مناطق منها نويبع والعريش ورفح، والعريش ونويبع أفضلها لتوافر الإمكانيات بها لإقامة مثل هذا المشروع.
■ ما حقيقة ما يقال عن مشروع «الوطن البديل» بتوطين فلسطينيين فى سيناء؟
- سيناء مساحتها 61 كيلو متر مربع أى 6٪ من مساحة مصر وبالقرب منها مناطق مساحتها أقل بكثير، ولكن عدد سكانها أضعاف العدد الموجود فى سيناء وبالتالى لو لم ننتبه، فالتمدد الطبيعى للبشر سيحدث ويصب فى منطقة الفراغ وبالتالى لابد أن نزرع سيناء بالبشر وهو أفضل وسيلة لتأمينها.