مرة أخرى تثبت أصالة أنها «شخصية عنيدة».. ليس فقط لأنها اختارت هذا العنوان لأحدث ألبوماتها الذى قدمته لجمهورها فى توقيت صعب، وأحوال سياسية مضطربة، بل أيضاً لإصرارها على أن تكون نفسها، وأن تقدم للناس لونها الغنائى وشخصيتها الفنية الفريدة، فى الوقت الذى تواصل فيه إعلان موقفها السياسى الواضح مما يحدث فى بلادها وفى العالم العربى إجمالاً غير عابئة بمن «ينصحها» بالصمت، أو من يهددها بخسارة جزء من جمهورها لأنها تعتقد أن الفنان «موقف».. وأن الصمت أحيانا يكون جريمة.
أصالة تحدثت لـ«المصرى اليوم» فى حوار طويل عن ألبومها الجديد وظروف صناعته، وانتقلت إلى موقفها من الثورة السورية والتهديدات التى تتلقاها يومياً، وخلافها الحاد مع مواطنتها ميادة الحناوى.
■ ما سبب تأجيل ألبومك أكثر من خمس مرات؟
- الظروف كانت سيئة فى سوريا ومصر، والظاهر أنها لن تستقر إلا بعد وقت طويل، والعالم يحتاج أن يعيش وبالتالى أنا أحتاج أن أعيش أيضا، لذلك قررنا طرح الألبوم خلال موسم العيد وأعتبره بمثابة تصبيرة للجمهور فى ظل كم الأحزان التى نعيشها حالياً، وبشكل خاص كنت أحتاج إلى عودة قوية.
■ ألم تشعرى بالخوف من أن يقال إن أصالة تطرح ألبومها فى ظل قتل العشرات يوميا من أبناء بلدها؟
- أشعر أن هذا الألبوم للثورة، الناس تحتاج إلى الموسيقى، خاصة الذين يعانون وفقدوا أعز ما لديهم، وأتذكر أننى كنت أكثر إنسانة فى العالم حزنت على والدها وارتديت الملابس السوداء لمدة ثلاثة سنوات، وخلال هذه الفترة كنت أستمع إلى الموسيقى سواء من فيروز أو عبدالوهاب أو الصافى، وهى السبب الذى جعلتنى أعيش وليس هذا لكونى فنانة بل إنسانة، والموسيقى تعتبر بمثابة العلاج فى حالة الحزن، واعتبرت أن الناس فى ظل أحزانها تبحث عن ملجأ روحانى حتى لا تموت إنسانيا، وهذا الملجأ هو الموسيقى لذلك لم أتردد فى طرح ألبومى.
■ أليس غريباً أن يخلو ألبومك من أغنيات وطنية تساند الشعب السورى؟
- فضلت ألا أنكد عليهم، وتعمدت أن الجمهور يفصل بين الموت والموت الذى نعيشه، لأننا نستحق أن نعيش مدة الألبوم 45 دقيقة نبتعد خلالها عن الواقع الأليم.
■ لأول مرة تبتعدين عن الكلاسيكيات وتقدمين ألبوماً لجيل الشباب؟
- تعمدت ذلك، لأن جمهورى خارج مصر جمهورى ما بين 17 و25 عاماً، وهؤلاء مرتبطون بى إنسانيا وفنياً، أما فى مصر فجمهورى أغلبهم من الكبار وفخورة بهم، لكنى بحاجة إلى جيل الشباب، وللأسف ارتبط لدينا فى مصر أن الأغنيات الخفيفة للأصوات السخيفة، وهذا الجيل غير قادر على الاستماع إلى الأصوات الضخمة لأنها تغنى كلاسيكى، لذلك قررت أن أقسم نفسى مناصفة بين الأغنيات التطريبية والخفيفة، وللعلم الأخيرة أعتبرها الأصعب خاصة لأننى دقيقة فى الغناء ومن الممكن أن أعيد تسجيل الأغنية أكثر من 100 مرة.
■ وما أكثر أغنية أعدت تسجيلها فى ألبومك الجديد؟
- «شخصية عنيدة»، وأنا بشكل عام من المطربين الذين يستغرقون وقتا طويلا فى التسجيل، حتى أقدم الأفضل، خاصة لأننى أتفلسف فى الغناء، لذلك يعتبر الغناء البسيط هو الأصعب، وزوجى طارق كان مصرا على أن أكون بسيطة فى غنائى.
■ أغنية «أنا حبك» تحمل أكثر من معنى؟
- قاطعتنى قائلة: تعجبنى دائما الأغنيات التى تحمل أكثر من معنى فى المشاعر، وأغنية «أنا حبك» قد يفهمها البعض أن الحبيبة مبسوطة لأنها تسمع هذا الكلام من حبيبها، أو أنها تعى أنه يقول هذا الكلام وتعلن أنه كاذب.
■ أغنية «كبرت على سيدك» بعيدة تماما عن لون «أصالة» الغنائى؟
- بالفعل، كنت خائفة جدا لأنها ليست لونى وبعيدة عنى، لكنى بالاستديو حاولت أصدق نفسى حتى تخرج بأفضل شكل ممكن، وسجلتها بعد أن اقتنعت بها، وهذه الأغنية اختارها المخرج موسى عيسى شريكنا فى نجاح الألبوم.
■ اعتمدت على عدد كبير من الموزعين الموسيقيين فى الألبوم واستخدمت آلات موسيقية غريبة على الأذن المصرية؟
- فى هذا الألبوم ركزت على التوزيع الموسيقى وفضلت أن يكون جديداً ومختلفاً وبعيدا تماما عما قدمته سابقا، واستعنا بآلات موسيقية صوتها غير دارج، والبركة فى الموزعين ومنحتهم مطلق الحرية فى تقديم أفضل ما لديهم ولم يخذلنا أى منهم.
■ لماذا اختفت ابتسامة أصالة الشهيرة التى لازمتها لسنوات على أغلفة أعمالها المختلفة؟
- الابتسامة لا معنى لها ولا طعم فى ظل الأوضاع التى تعيشها بلادى سوريا، وأظن أننى لو افتعلتها فلن تكون جميلة ولا صادقة وأنا أفضل أن توثق صورى للمراحل الشعورية التى أعيشها حتى عندما أراها لاحقا لا أشعر بالخجل أو تأنيب الضمير.
■ ألبومك «شخصية عنيدة» هو الثانى لك مع زوجك «طارق العريان» منتجا.. فهل وجدت معه المنتج الذى يرضى طموحك تماما؟
- أنا عموما لا أتصيد الأخطاء لمن ينتج أعمالى وعلاقتى بروتانا مثلا ما زالت قائمة على الود والاحترام المتبادل، لأننى أثق أن الكل يريد تقديم أفضل ما عنده ويريد النجاح ويأتى الخطأ أو التقصير عادة بشكل غير متعمد، والمجهود الذى بذلة طارق وشقيقى أنس يغفر لهما لمدة 20 عاما مقبلة.
■ كيف تصفين علاقتك بروتانا بالود ونحن تابعنا تصريحات سالم الهندى ضدك؟
- أعترف أننى صدمت فيما قاله الهندى لأننى أقدره وتجمعنى به علاقة ود ومحبة عبر سنوات طويلة، وأعتقد أن سبب هذه التصريحات أنه أحياناً ما يكون مندفعا وهى أمور تحدث مع انتهاء أى تعاقد وتأخذ وقتها، لكنى أعتقد أنه بعد أن يعود إلى منزله يندم عليها.
■ «أصالة» ذات الشخصية العنيدة.. هل حدث يوما أن قدمت عملا ولم ترضى عنه؟
- لست منزهة عن الخطأ وأعترف أن هناك أغنيات قدمتها أتمنى لو أنها تم محوها من تاريخى «بأستيكة»، لأسباب مختلفة، هناك أعمال لى عندما أراها لا تعجبنى، دعنى أعترف مثلا أننى عندما أشاهد أغنية «انتهينا من العتاب» أشعر بأن من تغنى واحدة غيرى أو كأننى ارتديت فستان مطربة أخرى، أما أغنية «الا والله» فعندما أتابعها أشعر وكأننى بهلوان و«أضرب شقلبظات» فى الجو.
■ أعود معك إلى تصريحات سالم الهندى والتى قال فيها إن ألبوماتك مع روتانا لم تكن تحقق مبيعات جيدة؟
- ربما كان معه حق.. لا أدرى، بالتأكيد هناك أغنيات أو ألبومات لم تحقق النجاح المتوقع لكن استمرار أصالة وبقاءها على الساحة يعنى أن مشروعى الغنائى ناجح، لا يوجد إنسان بلا أخطاء أو عثرات لكن الحكم يكون على حصيلة المشوار وليس إحدى نقاطه.
■ وألبوماتك الآن التى ينتجها لك زوجك هل تغطى تكلفتها أم أن الاعتماد على الحفلات اللايف والبرامج؟
- لا أشغل بالى بالماديات ولا أحسبها أنا فنانة أغنى للناس لأعبر عنهم وأقدم لهم المشاعر والأحاسيس وأترك الأمور الماديات لغيرى.
■ عفوا.. لكنك تشترطين الحصول على أعلى أجر فى الحفلات والبرامج؟
- المسألة هنا لا علاقة لها بالمادة ولكن بنظرتى لنفسى، وأفضل أن أحصل على الأجر الأعلى، وأنا عموما مقلة فى الظهور وأشترط أشياء عديدة بخلاف المادة، لأن هذا يريحنى نفسيا.
■ ما سر قيامك بإغلاق صفحتك الخاصة على موقع «تويتر» لفترة مؤخرا قبل أن تعود للعمل؟
- أغلقتها لأنى فوجئت بأناس فى منتهى الوضاعة، نوعية من البشر لم أتخيل أبداُ أنهم موجودون ولا أنهم بهذه القدرة على الإساءة للآخرين بسبب مواقفى الداعمة للثورة، وكنت أنوى إغلاقها بشكل دائم لكن بعض أصدقائى وجدوا حلا، حيث يدخلون قبلى ويمسحون الشتائم والإساءات لأظل على تواصل مع جمهورى ومحبينى.
■ أصالة.. ألم تشعرى يوما بالندم على ما خسرته لإصرارك على موقفك فى هذا الموضوع بالذات؟
- أنا أعلنت موقفى من منطلق إنسانى بحت ولم أكن أتخيل أنه سيثير كل هذه العداوات والأحقاد، وأعلنت رأيى من منطلق أن الفنان واجبه أن يعبر عن جمهوره من البسطاء والناس العاديين وليس عن الحكام أو المسؤولين، لأن هؤلاء البسطاء هم من صنعوا نجوميتى، هم من يشترون ألبوماتى ويحضرون حفلاتى، لكنى فوجئت بأن هذا الموقف الطبيعى غير طبيعى بالمرة عند البعض.
■ ميادة الحناوى اتهمتك بتلقى أموال لمهاجمة النظام السورى؟
- «ميادة» أنا أحب صوتها لكن على المستوى الشخصى والإنسانى لا أحبها ولا أحترمها، وهذا موقف كل «الثوار» منها، ومن اتهاماتها الجارحة.
■ إذن ما حقيقة الاتهام الموجه لك بتلقى أموال من الخليج مقابل مواقفك السياسية؟
- الجمهور العربى ذكى، لأن تاريخ إعلانى موقفى المؤيد للثورة لم تكن هناك أى دولة عربية لها أى موقف، وفى ذلك الوقت لم يصل عدد الذين تعرضوا للضرب وليس للقتل بضع مئات، ولو فكروا سيقولون إن أصالة بطلة لأنها غامرت بنجاحها ومستقبلها، وليس منطقيا أيضاً أن يمنحنى أمير مبلغا من المال لأنه بعد شهور سيعلن موقفه المؤيد للثورة، ولو أعلنت موقفى الآن بعد أن ارتفع عدد الثوار والدول أعلنت مواقفها فكان من الممكن أن يخرج مثل هذا الاتهام الساذج.
■ هل تتفقين معى فى أن موقفك الداعم للثورة فى سوريا أدخلك نفقا مظلما وأثر على تواجدك على الساحة الفنية؟
- بل أدخلنى نفقا آخره شمس ونهار سيشرق على شعبنا بالكامل، وبالنسبة للخسائر المادية والحفلات التى ألغيت فى لبنان فأنا كما قلت فى أول الحوار لا أهتم بالماديات، ولا أدع الفلوس تحكم حياتى وإلا لما كنت انفصلت قبل سنوات عن زوجى السابق وتركت ثروة بالملايين لأبدأ حياة جديدة من الصفر تقريبا.
■ ثوار سوريا أصبحوا الآن يحملون السلاح ويوصفون بالإرهابيين والجماعات المسلحة؟
- ليسوا إرهابيين بل ثوار.. خرجوا ليطالبوا بأبسط حقوقهم وكلنا رأينا تحول ثورتهم من السلمية إلى المسلحة وكيف حملوا «البارودة» بعد أن قتل إخوانهم واغتصبت أخواتهم، وتحولوا لمقاتلين بعد أن أصبحت الحياة لا معنى لها.
■ فى وقت سابق تلقيت تهديدات.. فما الموقف الآن؟
- ما زلت أتلقى تهديدات من وقت لآخر.. وقادرة على الرد على كل موقف بما يناسبه.
■ ما رأيك فى مواقف الفنانين السوريين تجاه الثورة وهل تعتبرنهم خذلوك؟
- هم خذلوا شعبهم ولم يخذلونى، وبشكل خاص أقدر الذين أعلنوا رأيهم مثل فضل شاكر الذى يتمتع بدرجة عالية من الرجولة، وهذا ثبت من خلال مواقفه السياسية.
■ هل تتوقعين حلاً للأزمة السورية قريبا؟
- مليش فى السياسة ولا أفهم فيها، ولا حدا فى العالم يفهم فيها حتى أوباما، وكل يوم تخرج كلينتون بتصريحات لا يتحقق منها أى شىء، وأحب أن أنهى كلامى عن الثورة السورية بجملة «عندما أعلنت موقفى المؤيد للشعب لم أكن ضد أى جهة لكنى عبرت عن موقف إنسانى بحت وتطور هذا الرأى من منطق إنسانى لذلك كان موقفى غير مرتبط بالسياسة لكن تم تسييسه».