x

الريدى: «طهران» تسعى للتقارب مع «القاهرة» خوفاً من العزلة الدولية

السبت 25-08-2012 18:14 | كتب: داليا عثمان |
تصوير : محمد كمال

قال السفير عبدالرؤوف الريدى، الرئيس الشرفى للمجلس المصرى للشؤون الخارجية، الذى يعد أول جهة غير حكومية ستشارك فى أعمال قمة حركة «عدم الانحياز» بطهران، المقرر انعقادها فى 26 أغسطس الجارى، إن هناك قوى عالمية تعمل على زرع الفتن بين دول العالم الإسلامى، وتعمل على إذكاء روح العداء بين هذه الدول خاصة العربية.

وأضاف «عبدالرؤوف»، فى حواره لـ«المصرى اليوم» أنه شارك فى القمة الأولى للحركة فى الستينيات، وأن الدور المصرى دوليا اختلف كثيرا، مشيرا إلى أنه فى هذه الفترة كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى قمة تألقه كزعيم شاب، أما الآن فالدور المصرى اختلف كثيرا، ومن الصعب المقارنة بين عبدالناصر والرئيس محمد مرسى، الذى يعد أول رئيس مصرى منتخب.

وأشار إلى أن إيران تسعى لأن يكون لها تأثير إيجابى فى المنطقة، وهى تسعى للتقارب مع مصر، خاصة بعد التهديدات التى تواجهها من أمريكا وإسرائيل التى قد تجعلها تعيش عزلة دولية، وإلى نص الحوار:

لأول مرة تشارك منظمة غير حكومية فى أعمال قمة لحركة «دول عدم الانحياز»، فما الذى دفع المجلس للمشاركة فى هذا التوقيت تحديدا؟

- لقد بحث المجلس فكرة المشاركة فى القمة قبل التقدم بطلب لمكتب تنسيق الحركة، ووجد أنها ستكون ضرورية لإرساء مبدأ مشاركة منظمات غير حكومية فى أعمال القمة، للتعبير عن رأيها فى القضايا الدولية.

هل الموافقة على المشاركة تأتى نتيجة لاختلاف الأوضاع السياسية فى مصر بعد الثورة؟

- قد يكون ذلك، وقد تعد من العوامل التى أخذت فى الاعتبار من قبل مكتب حركة عدم الانحياز، خاصة أن مصر تنتقل من عهد إلى عهد ومن حقبة إلى حقبة تتسم بالعمل على إرساء التجربة الديمقراطية وإنجاحها، وانتهاء نظام الرجل الواحد أو الحزب الواحد.

ما أهم القضايا التى سيطرحها المجلس للنقاش فى مباحثات القمة؟

- نأمل الذهاب إلى هناك وتتاح لنا فرصة فى التحدث وإلقاء بيان حتى لو كان مختصراً، وأن نلتقى بالمسؤولين ونعبر عن صوت غير حكومى، هو قطاع المجتمع المدني، حيث يحمل الوفد المشارك العديد من القضايا، أهمها جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل خاصة الأسلحة النووية، لاسيما أنه الملف الذى يحظى باهتمام المجلس منذ عام 1999، حيث إنها فرصة لمناقشة ذلك قبل انعقاد مؤتمر منع انتشار الأسلحة النووية، المقرر عقده هذا العام، لذلك يهمنا الحصول على دعم أكبر تجمع دولى فى العالم، المتمثل فى حركة دول عدم الانحياز، فعلى الرغم من تقليص دورها فى المرحلة الأخيرة، إلا أنه مازال لها دور مهم.

أشرت فى كتابك رحلة العمر إلى مشاركتك الأولى فى هذه القمة كدبلوماسى ضمن الوفد المصرى برئاسة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فكيف ترى اختلاف المشاركة الآن مع اختلاف رئاسة الوفد المصرى؟

- مازالت صورة قمة عدم الانحياز الأولى، فى عام 1960، فى ذهنى وكنت وقتها دبلوماسيا ناشئا مع مستشار الرئيس عبدالناصرللشؤون الخارجية، محمود رياض، وقبلها انعقد مؤتمر وزراء الخارجية فى القاهرة 1960، وكانت القضايا السائدة هى قضايا التحرير من الاستعمار، والحصول على حق تقرير المصير للشعوب المحتلة وقضايا السلام ونزع السلاح ومقاومة الاستقطاب، وتقسيم العالم لمعسكرين متنافرين، والعمل على ألا يؤدى هذا الانقسام لوقوع حرب عالمية جديدة. من ناحية أخرى كان لمصر دور فى قضية التحرير، حيث طرحت قضية التحرير الوطنى، ولعبت دورا فى هذه الفترة بقيادة الرئيس الراحل عبدالناصر فى القرن الأفريقى، كما كانت المنطقة العربية والخليج العربى يعانيان من الاستعمار، أما الآن فقد تغير الوضع، وتغيرت الأجندة المطروحة، وأصبح التخلص من كم الأسلحة النووية فى العالم على رأس الأولويات، إلى جانب ذلك المشاكل الاقتصادية التى تعانى منها الدول النامية، خاصة فى أفريقيا.

معنى ذلك أن ملامح الدور المصرى فى حركة عدم الانحياز عهد الرئيس محمد مرسى ستختلف عما كانت عليه فى عهد عبدالناصر؟

- بطبيعة الحال سيختلف الدور المصرى لاختلاف الأجندة والقيادة والتطور الذى حدث فى مصر، فنستطيع القول بأنه فى أول مؤتمر قمة عام 1961 كانت فترة تألق عظيم جدا لمصر ولدور هذا الزعيم الناشئ الذى ظهر على المسرح الدولى وكان يبلغ من العمر آنذاك 43 سنة، فبظهور هذا الشاب أثر على موقع مصر الاستراتيجى وقيادة الأمة العربية بلا منازع والتف العالم العربى حول فكر هذا القائد وأصبح نجما عالميا، كان لديه كاريزما كبيرة وأصبح ينظر إليه بواسطة الشعوب الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية على أنه قائد كبير، ولعبت مصر وقتها دورا كبيرا فى لم الصف العربى.

وماذا عن ملامح الدور المصرى فى عهد الرئيس مرسى وتأثير مشاركته فى أعمال القمة؟

- شخصية «مرسى» تختلف عن «عبدالناصر»، ووضع مصر الآن خطير ودقيق، ومن شأنه بطبيعة الحال أن ينتقص من قدرة مصر فى لعب دور محورى ومؤثر فى السياسة العالمية، والرئيس لم يمر على توليه الرئاسة سوى أقل من مائة يوم، ولكنه جاء بأسلوب ديمقراطى، وهو أول رئيس منتخب من الشعب المصرى ومشاركته فى أعمال القمة كأول رئيس مصرى منتخب تمثل أملا لوضع مصر فى المنطقة، ويصعب المقارنة بينه وبين عبدالناصر، الذى رغم أنه لم يأت بديمقراطية لكنه نجح فى أن يفرض نفسه كزعيم للمنطقة بينما «مرسى» أمامه الكثير من التحديات، أهمها التحدى الاقتصادى للبلاد، والتواجد الإسرائيلى فى المنطقة، وتفكك العالم العربى، مثلما يحدث فى سوريا، فضلا عن غياب الأمل فى إمكان تحقيق وحدة عربية، رغم وجودها فى فترة عبدالناصر، وعلى الرغم من أن «مرسى» رئيس منتخب فإن الزهوة التى كانت تتمتع بها مصر فى القمة الأولى لحركة عدم الانحياز ليست موجودة الآن.

ستتسلم إيران رئاسة حركة عدم الانحياز على الرغم من أن البعض يرى أن إيران تخالف المبادئ التى أنشئت من أجلها الحركة، فما تعليقك؟

- أنا لست من المعجبين بإيران، ولكن لا شك أن هناك قوى تزرع الفتنة فى العالم العربى والإسلامى وتعمل على إذكاء روح العداء بين الدول الإسلامية، حيث يجرى بث الروح العدائية بين الدول العربية.

هل ترى أن إيران ستسعى فى ظل رئاستها للحركة أن يكون لها تأثير إيجابى فى العديد من القضايا؟

- آمل ذلك، لأن العالم الإسلامى مهدد بالخلافات، كما أن الأزمة الإيرانية مع اسرائيل ودعم أمريكا للمزاعم الإسرائيلية حول تسلح إيران بالنووى يعدان عقبة أمام إيران.

شهدت العلاقات المصرية الإيرانية توترا فى العلاقات فى عهد النظام السابق، فما تأثير ذلك على مشاركة مصر فى القمة؟

- استضافة إيران لأعمال قمة عدم الانحياز هذا العام قرار تم اتخاذه فى نهاية أعمال القمة فى عام 2009 أى بحضور مصر، فهذا يجعلنا نتساءل: هل إيران عدو لمصر فى ضوء التوتر الذى كان موجودا من قبل والتباعد المتعمد بين النظام السابق والنظام الحاكم فى إيران، الذى اتخذ مواقف غير مقبولة فى مصر، ولكن هذه التوترات يجب ألا تحول الدول إلى أعداء، والمشكلة الحقيقية هى أن إيران تعمل على الحصول على التكنولوجيا النووية وهذا ليس محظورا وفقا لاتفاقية منع الانتشار النووى التى تحدد ذلك طالما فى إطار سلمى، ولكن إسرائيل لا تريد ذلك وتعمل بمساعدة أمريكا على فرض العزلة على إيران، ومصر لا ينبغى أن تقع فى مثل هذا الأمر لأنه ليس من مصلحتها معاداة أى دولة فى المنطقة بل عليها العمل على دعم العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول الجوار.

لاحظ الجميع مؤخرا أن إيران تسعى للتقارب مع مصر بعد ثورة، فما تفسيرك؟

- أزمة إيران مع إسرائيل بشأن برنامجها النووى، جعلت هناك محاولات غربية لفرض العزلة عليها، وإيران لا تريد أن تكون دولة معزولة فى المنطقة وتعمل على استعادة العلاقات مع مصر لأن مصر دولة مهمة فى هذه المنطقة.

أثير مؤخرا أنه سيتم استبعاد مناقشة ملف الأزمة السورية على أعمال قمة حركة عدم الانحياز، فهل وفد المجلس سيطرحه؟

- الأمر مطروح بشكل رسمى أو غير رسمى، وسيفرض نفسه على أجواء المؤتمر، وعلى المشاورات الثنائية التى ستدور الأزمة السورية وتهديدها لاستقرار المنطقة ليس من شك أنها ستكون موضع نقاش بين قادة الدول غير المنحازة، خاصة أن الدول المعنية، فى المقام الأول، بهذا الأمر ستكون مشاركة فى أجواء القمة.

هل هناك مخاوف من فترة رئاسة إيران للحركة؟

- نعم، ويجب على إيران العمل على إزالة هذه المخاوف وطمأنة الدول العربية ودول الخليج، فاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث الإماراتية يثير مشاعر القلق للدول المجاورة، لذا نرجو من إيران معالجة هذه القضايا، ومصر يهمها قضية أمن الخليج.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية