رصدت «المصرى اليوم» 16 مشهداً لحادث تمثيل المئات من أهالى قرية «بندف» فى الشرقية بجثث 4 من لصوص السيارات، بعدما اتهموهم بمحاولة سرقة سيارة من أحد أبناء القرية تحت تهديد السلاح وقتلهم، وسحلهم بسيارة كارو، وهو ما اعتبره الأهالى تطبيقاً لـ«حد الحرابة» عليهم. عاشت القرية ليلة مرعبة، آثار الدماء مازالت واضحة فى الشوارع، النساء اختفين خلف الأبواب، والأطفال يخشون النزول من منازلهم، والشرطة تحاصر القرية بقرابة ألف مجند وضابط، وأسر القتلى يهددون بحرق منازل أهالى القرية.
بحسب أقوال شهود عيان، وتحريات الشرطة، رصدت «المصرى اليوم» تفاصيل الليلة المرعبة.
المشهد الأول
كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة مساء أمس الأول، عندما كان يجلس سائق يدعى محمد بصحبة أصدقائه على مقهى فى شارع الحرية بالقرية ليرن هاتفه المحمول، ويتلقى اتصالا من صديق له يدعى عليوة محمد، «تاجر أدوات صحية» يعيش فى قرية «تلحوين» المجاورة، أخبره بأن 5 لصوص سرقوا سيارته، وهم الآن عند مدخل القرية، وحاولوا الإمساك بهم، ليرد على صديقه: «حاضر يا عليوة متقلقش»، وينهى المكالمة.
المشهد الثانى
فى لحظات، كان جميع رواد المقهى قد تنبهوا إلى المكالمة، وبدأ أصدقاء السائق فى الاتصال بذويهم وأقاربهم، للاتفاق على إغلاق الطريق، وإقامة كمين للصوص السيارة، حتى يتمكنوا من ضبطهم، وبالفعل لم تمض 30 دقيقة إلا كانوا انتهوا من وضع سيارتين وكتل خرسانية على الطريق، وأحكموا إغلاق مدخل القرية، وبعد لحظات شاهدوا سيارة تتجه نحوهم، ويطلق سائقها «الكلاكسات» بشكل متكرر، حتى فوجئوا باللصوص داخل السيارة يصطدمون بالسيارتين اللتين أغلقوا بهما الطريق فى محاولة لتجاوزهما والهرب، ويبدأ أحد المتهمين فى إطلاق النيران بشكل عشوائى.
المشهد الثالث
وفى لحظات كان اثنان من اللصوص خارج السيارة المسروقة، وبحوزتهما بنادق آلية، فيما يحاول زميلهما الذى يقود السيارة الهرب وبصحبته اثنان آخران، ثم تعلو أصوات الطلقات النارية وتتزايد بشكل لفت أنظار جميع أهالى القرية.
المشهد الرابع
بدأ المئات من أهالى القرية فى التوافد على مكان إطلاق النيران، وعندما علموا بأمر اللصوص قرروا مطاردتهم، حيث هرب اللصوص إلى طريقين داخل القرية، وأثناء محاولة سائق السيارة المسروقة الفرار فى أحد الطرق المؤدية للقرية اصطدم بسائق يدعى خالد عكر، أحد أبناء القرية، وسحله أسفل السيارة لمسافة 15 مترا، ليصطدم بعدها بحائط، ليخرج اثنان من اللصوص كانا بصحبته داخل السيارة منها، ويتفرقا فى شوارع القرية.
المشهد الخامس
تمكن أهالى القرية من ضبط سائق السيارة المسروقة، وبدأ بعضهم فى الاعتداء عليه بالضرب انتقاما للسائق الذى سُحل أسفل إطارات السيارة التى كان يقودها، ثم جردوه من ملابسه، وتوجهوا به إلى غرفة الحجز فى منزل عمدة القرية، كما احتجز الأهالى السيارة المسروقة، واتصل بعضهم برجال الشرطة، وسادت حالة من الرعب والخوف بين الجميع.
المشهد السادس
لحظات وتسرب شعور الرعب والفزع إلى الأهالى وسط شوارع القرية، التى شهدت مطاردات بين الأهالى واللصوص الأربعة الهاربين، الذين تفرقوا، وسارع كل منهم للهرب فى شوارع متفرقة، وهم يطلقون النيران بصورة عشوائية على الأهالى.
المشهد السابع
أغلق الأهالى منازلهم وسط صرخات النساء وبكاء الأطفال بسبب الخوف والذعر الذى ساد فى القرية بعدما سمعوا صوت الطلقات النارية التى يطلقها المتهمون بطريقة عشوائية.
المشهد الثامن
تمكن شاب من أبناء القرية من القبض على أحد اللصوص، واستولى على بندقيته الآلية، فيما تمكن لص كان بصحبته من الهرب وسط الزراعات، وبدأ الأهالى فى التجمع حول اللص المضبوط، لتلقينه درسا لن ينساه، فجردوه من ملابسه، وقاموا بسحله على الأرض حتى منزل العمدة بعدما وثقوا يديه وقدميه بالحبال، وقاموا بتصويره، مبررين ما فعلوه بأنهم يطبقون «حد الحرابة» انتقاما للسائق الذى تم سحله وكاد يقتل بسبب اللصوص.
المشهد التاسع
مرت ساعة، وكان بعض أهالى القرية فى حفل عرس أحد أبنائها، وفوجئوا باثنين من اللصوص يقتحمان الحفل، ويطلقان النيران فى الهواء، مما تسبب فى هروب «المعازيم» وفزع النساء والأطفال، كما أنهما لم يكتفيا بذلك بل أطلقا أعيرة نارية على أعمدة الكهرباء فى محاولة لقطع الكهرباء عن القرية، ثم اقتحما منزل محمد بدوى أحد أهالى القرية، وهددوا زوجته وطفلته التى لم تبلغ سوى 4 شهور من العمر، ثم اعتلوا سطح منزله.
وقال «بدوى»: «ذهبت لحضور حفل زفاف زميل لى فى قرية مجاورة، وتلقيت اتصالا من زوجتى تستغيث بى، سمعت صوت صرخاتها، وبين الصرخات كانت تقول إن لصوصاً اقتحموا المنزل ومعهم سلاح، طلبت منها الهدوء، وعندما هدأت أخبرتنى بأنهم هددوا طفلتى الصغيرة، وصعدوا أعلى السطح ليطلقوا النيران على أهالى القرية بصورة عشوائية، تركت حفل الزفاف مسرعا فى محاولة للعودة إلى المنزل فى أسرع وقت».
المشهد العاشر
المئات من أهالى القرية تجمعوا حول المنزل، فيما تبادل الشاب الذى حصل على سلاح أحد المتهمين المضبوطين إطلاق النيران مع اللصين، حتى نفدت ذخيرة السلاح، وألقى الأهالى الطوب والحجارة بكثافة عليهما، وأصيب 4 من أهالى القرية برش خرطوش، ثم تسلل أحد الأهالى إلى المنزل المجاور، ومنه إلى السطح، وعندما شاهده اللصان هدداه بالقتل وطالباه بالنزول قبل إطلاق النيران عليه، ثم أوقف اللصان إطلاق النيران على الأهالى.
المشهد الحادى عشر
حضر النقيب محمد الحسينى، رئيس مباحث منيا القمح، وبصحبته 3 أمناء شرطة، وطالب الأهالى بالابتعاد عن موقع الحادث خوفا على حياتهم، ثم صعد فريق الشرطة إلى سطح المنزل وألقى القبض على اللصين، وأثناء نزوله والتوجه إلى منزل العمدة، هاجم الأهالى قوة الشرطة وتمكنوا من الوصول إلى اللصين، وتعدوا عليهما بالضرب بالطوب والأحذية والعصى، وجردوهما من ملابسهما، ومزقوا جسديهما، ثم سحلوهما لما يقرب من 700 متر حتى منزل العمدة بعد أن قيدوهما بالحبال.
المشهد الثانى عشر
تحول المكان أمام منزل العمدة إلى بركة دماء، بعدما سحل الأهالى اللصوص، الذين تم ضبطهم وكانوا قد لفظوا أنفاسهم بسبب الطعنات التى تلقوها من أسلحة بيضاء كانت بحوزة الأهالى، وتجمع العشرات مع أفراد الشرطة وكبار العائلات لاستجواب اللصين اللذين ضبطا داخل المنزل، بعدما تم تقييدهما بالحبال، ووضعهما على عربة كارو.
المشهد الثالث عشر
أبعد الأهالى رجال الشرطة عن المتهمين، وجردوهما من ملابسهما وقيدوهما بالحبال من أقدامهما وأيديهما، وتعرفوا على هويتهما.
المشهد الرابع عشر
اقتربت عقارب الساعة من الواحدة بعد منتصف الليل، وفوجئ الأهالى بصرخات متتالية داخل منزل عجوز تدعى «الحاجة زينب»، وتبين أنها توفيت نتيجة إصابتها بأزمة قلبية بسبب الخوف والرعب الذى أصاب أهالى القرية، وبدأت حالة من الهياج والغضب تسود بين الأهالى، مما تسبب فى مقتل اللصين الآخرين، وتحولت المنطقة إلى بركة من الدماء.
المشهد الخامس عشر
3 سيارات إسعاف جاءت لحمل جثث اللصوص، فى حراسة رجال الشرطة، وتسلم أفراد الأمن البنادق الآلية التى كانت بحوزتهم، وأوراق إثبات شخصيتهم، وهواتفهم المحمولة، وقبل أن يغادر رجال الشرطة القرية رن هاتف أحد اللصوص القتلى، ليرد عليه أحد أبناء القرية، ليكتشف أنه اللص الخامس الذى هرب فى الزراعات، والذى طالب أهالى القرية بتسلم جثث زملائه، وإلا فسوف يحرق القرية بأبنائها، فطلب ضابط المباحث التحدث إليه وطالبه بتسليم نفسه إلا أنه رفض.
المشهد السادس عشر
بدأ أهالى القرية فى تلقى تهديدات من أهالى قرية اللصوص القتلى باقتحام منازلهم، وحرق القرية بأبنائها انتقاما لمقتل ذويهم، وتعيش القرية حالة من الذعر والخوف بسبب تلك التهديدات. وتحاصر أجهزة الأمن القرية بقرابة ألف مجند.
وشيع أهالى قرية شنبارة الميمونة صباح أمس جثامين اللصوص، وسط صراخ العشرات من أفراد أسرهم وتهديدات بالثار.
قال محمد يوسف، أحد أهالى «شنبارة الميمونة»، إن ما حدث لأولادهم هو جريمة يجب معاقبة الجناة عليها. وأضاف: «أولادنا اتقتلوا بوحشية.. أهالى قرية بندف مزقوا أجسادهم.. ومثلوا بجثثهم فى الشوارع.. كان لابد أن يسلموهم للشرطة لو هما حرامية، إحنا مش عايشين فى غابة، ولو القانون مش هيجيب حقهم إحنا هنجيب حق ولادنا».