قال الدكتور محمد جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، إن مظاهرات 24 أغسطس تهدف إلى إسقاط هيبة الدولة، وأكد في الحوار الذي أجرته معه «المصري اليوم»، ضمن مواجهة بينه وبين محمد أبو حامد، أحد الداعين إلى تلك المظاهرات، أن الشعب المصري لن يستجيب إليها، ولن يشارك في تلك المظاهرات.
ما رأيك فى الدعوة التى وجهتها بعض القوى السياسية المعارضة للتظاهر يومى 24 و25 أغسطس الجارى أمام «مكتب الإرشاد» والقصر الرئاسى ضد الجماعة والرئيس محمد مرسى؟
- الهدف من هذه الدعوة إشعال الفتنة وتعطيل مشروع النهضة الذى تتبناه الجماعة، والداعون لها ليسوا إلا سفهاء، والدعوات المحرضة كثيرة فكلما حاولنا أن نستشعر الحرية ونستمتع بنتائج الثورة التى حركت الشعب يأتى هؤلاء المتربصون من الداخل والخارج لسرقة فرحة المصريين.
■ ولكن بعضهم من شباب الثورة الذين يعترضون على سياسة الهيمنة التى تتبعها «الإخوان» للاستحواذ على كل شىء، على حسب قولهم؟
- من يطالبون ويدعون للثورة ضد الإخوان من المؤكد أن لهم مصلحة فى إسقاط هيبة الدولة، وهناك سؤال: من المستفيد من الإصرار على الزج بلفظ شباب الثورة والثوار فى هذه الدعوة؟، هذه التظاهرة ستخلق انطباعًا سلبيًّا لدى المصريين عندما يجدون أن الأمر تحول إلى ملهاة وعبث وفقد قيمته بين شد وجذب واتهامات بالتخوين والتفريط وإثارة الفوضى، ومن ثم سيؤثر ذلك سلبا على الاستفادة من ميدان التحرير، عند الحاجة إليه، ومن جهة أخرى ألحظ أن هناك أحاديث عن العمالة لتنظيمات إرهابية أو لأمريكا، وأطالب من يتشدق بهذا الكلام أن يثبت ذلك، ومن يؤكدون أننا يمكن أن نستخدم العنف ضد المتظاهرين لإثارة الفزع والخوف فى قلوب المواطنين، بهدف زعزعة الاستقرار بدلا من إرسائه هم عملاء.
■ ما رأيك فى الحملة التى تتبنى عرض كشف حساب لـ«الإخوان» لرصد الأخطاء التى وقعت فيها خلال الفترة الماضية، ووصفها الجماعة بأنها أكثر ديكتاتورية من النظام السابق؟
- الحملة تؤكد محورية دور الإخوان فى الفترة الماضية، وتكشف عن كم الغل والكراهية للنجاح الذى تحقق، فضلا عن أن حصول حزب الحرية والعدالة على الأغلبية فى مجلسى الشعب المنحل والشورى الحالى، دفع البعض لتوجيه اتهامات للجماعة بالتكويش، وهذا اتهام باطل، فمثلا ليس فى المجلس القومى للمرأة إلا واحدة من الجماعة، وقد اعتذرت ولم تقبل التعيين، فى حين أن هناك 61 من «الفلول» و11 من التيار اليسارى والليبرالى و2 من المستقلين، والسؤال: كم رئيس مدينة من 340 على مستوى مصر من الإخوان؟، وكم رئيس مجلس قرية فى أكثر من 4000 قرية من الإخوان؟، وكم رئيس مجلس إدارة أو مؤسسة أو عضواً منتدباً فى هيئات وشركات حكومية أو فى قطاع الأعمال من الإخوان؟، والإجابة لا وجود للإخوان فى أى منصب تنفيذى تم بالتعيين فأين إذن التكويش، والعجيب أن الإخوان يزداد تواجدهم فى الهيئات والجمعيات والمؤسسات التى يجرى بها انتخابات بإرادة شعبية حرة.
■ هناك دعوات إلى الاستمرار فى الاعتصام حتى ينفذ الرئيس مطالبهم؟ فما تعليقك؟
- الهجوم لا يمكن أن يصل بنا إلى مرحلة اليأس من أن الرئيس لن يحقق برنامجه المتمثل فى مشروع النهضة لأنه وصل إلى الرئاسة بالصندوق، وبتوافق والتفاف شعبى غير مسبوق، بغض النظر عن شكل الانتخابات وما حدث فيها، ونحن نعرف كيف كان المنافس وكيف حصل على هذه الأصوات، كما أن الخطابات التى ألقاها مرسى أراحت قلوب وصدور وتخوفات كثيرة عند البعض تحدث فيها من قلبه وكسر حاجز الخوف والقلق والهيبة المكذوبة التى ضخمها الإعلام الكاذب قبل ذلك، والتى كانت عائقا بين الرئيس السابق والمواطنين حتى ضاعت حقوق الناس وجاءت ثورة 25 يناير.
■ وماذا عن الدستور الذى كان من أهم مطالب الجماهير، ويرى البعض أن الإخوان سيطروا على الجمعية التأسيسية ولديه مخاوف من أن يصبح دستورا طائفيا؟
- قضية الجمعية التأسيسية أصبح من الملل أن نتحدث فيها، لأنها اتخذت جميع الإجراءات لتشكيل يمثل كل التيارات والاتجاهات والطوائف من أزهر وكنيسة ومهنيين وجيش وشرطة وعلماء وقانونيين ونساء وشباب وعمال وفلاحين ومجتمع مدنى ومتخصصين فى القانون الدستورى وصياغة القوانين، كما أن الدستور سيطرح فور الانتهاء منه للاستفتاء الشعبى مباشرة دون العودة لمجلسى الشعب والشورى، لذا كل ما نرجوه أن يتضافر الجميع للسير قدما ومساعدة الجمعية لإتمام دستور يناسب مصر المستقبل بعد ثورة 25 يناير بعيدا عن أسلوب الاتهامات والتنكيل.
■ هناك من يرى أن الحكومة الجديدة شُكِّلت على أساس يخدم تنظيم الإخوان الدولى وليس مصلحة مصر، كما وصفها محمد أبوحامد، مؤسس حزب حياة المصريين، بأنها حكومة طائفية؟
- «مرسى» أوفى بما تعهد به حول تشكيل الحكومة لأن معظم من فى تشكيلها ورئيسها ليسوا من الإخوان، ويجب على المواطنين التعامل بإيجابية مع الحكومة الجديدة والتعاون معها، لا أن يرفضوا عملا لم يخرج للنور بعد، وهذه الحكومة تحتاج إلى الدعم والصبر والانتقاد البناء، ومن لا يستطيع أن يقول خيرًا فعليه أن يصمت.
■ يقول المعارضون إن تشكيل الحكومة لم يرض إلا الإخوان، ما تعليقك؟
- للأسف هناك بعض القوى السياسية تسعى لإفشال رئيس الحكومة هشام قنديل وحكومته، ومن الظلم احتساب الفترة الماضية من الـ100 يوم، حيث قضى الرئيس الفترة الماضية فى المشاورات لتشكيل الحكومة والتعرف على مؤسسة الرئاسة.
■ ماذا عن أزمة عدم الثقة بين الجماعة والشعب من جهة، وبينها وبين القوى السياسية من جهة أخرى؟
- هناك حالة من عدم الثقة تنتاب الحياة السياسية المصرية بدأت منذ استفتاء مارس 2011، فبناء على النتائج المعلنة حقق التيار الإسلامى وأنصاره حضورا قويا بلغت نسبته أكثر من 75%، وهنا هاجت باقى التيارات لتصف ما حدث بالخديعة والضحك على الناس واستغلال العاطفة الدينية الإسلامية باعتبار أن الكنيسة والأقباط قد انحازوا للطرف الثانى الليبرالى واليسارى والقومى والعلمانى، وادعاءاتهم بتوزيع المواد التموينية على البسطاء لشراء أصواتهم لصالح الاتجاه الإسلامى والاستقطاب الدينى فى أول ممارسة ديمقراطية، ولكن ما لا يعرفونه أنه منذ أكثر من 60 عاما ينجح الإسلاميون فى الانتخابات فى النقابات المهنية من أطباء ومهندسين ومعلمين ومحامين وغيرها، وذلك من غير زيت ولا سكر ولا مسح دماغ.
■ البعض يؤكد أن كثرة الوعود والتراجعات أحد الأسباب التى دعت إلى عدم تصديق الإخوان فهل تتفق مع ذلك؟
- يجب ألا نصف أى قرارات لحزب أو جماعة بالوعد لأن هناك كلاما قيل من قبل الليبراليين ولم يتم العمل به فهم من نادوا فى البداية ببقاء المجلس العسكرى لعامين أو أكثر فى الحكم، ثم عادوا ليغيروا رأيهم بل هاجموه وكذلك بعض أعضاء مجلس الشعب الذين نادوا بإسقاط حكم العسكر ومن ثم تغير الهتاف إلى «فليحكمنا العسكر»، كل هذا يؤكد أنهم ليسوا صادقين، ولكن مرسى وعد وأوفى وإن كان الإخوان تراجعوا فهذا فى القرار السياسى جائز لأنه قابل للتغيير وفقا لأى أمور من الممكن أن تتجدد بين الحين والآخر وللأسف وسائل الإعلام ساعدت بعضهم على ذلك.
■ هل ترى أن الإعلام ساعد فى نقل صورة خاطئة عن الإخوان، أو أن البعض انحاز ضد الإخوان؟
ليس جميع الإعلام، فبعضه رسالته كانت تشويه الإخوان، وفى المقابل كان هناك إعلاميون شرفاء لهم دور كبير فى التصدى لهذا الهجوم من أصحاب المصالح والإعلام التابع للنظام السابق، والذى يريد حاليا إسقاط مؤسسة الرئاسة، خاصة أن الإعلام سلاح فتاك أخطر على مصر من الانفلات الأمنى لأن آثاره نفسية وقد تفرق بين الأب وابنه والأخ وأخيه، هناك من يحرك الناس ضد الرئيس وهناك من يتلون ويسب ويخون المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومرة يمجد فيه وينظم مسيرات ومظاهرات من أجل تأييده، ولا أحد يقول له شيئا، بينما عندما يتحدث أحد عن العسكرى يحاكم أمام المحاكم العسكرية وهناك من يثير الخوف والرعب دون معرفة ما يجرى ولا يتركون المعركة دون تشويه.
■ البعض يشير بأصابع الاتهام إلى حماس بل يؤكدون أن علاقتكم بها هى السبب الرئيسى وراء الحادث الغادر الذى شهدته مدينة رفح وراح ضحيته ضباط وجنود، وأن غلق المعابر هو الحل لتلافى ذلك مستقبلا؟
- الشخصيات التى تقول هذا أسقطت أقنعتها التى كانت تتخفى وراءها وهى التى حاولت إفشال مؤسسة الرئاسة لأن الاعتداء على الجنود المصريين يعد تعاملاً إجرامياً عن طريق أيادٍ صهيونية ومن غير المعقول أن يقوم مسلمون بمثل هذا الحادث، لأنها لو كانت عملية جهادية لكان من الأولى أن تكون داخل الأراضى الإسرائيلية، والاتهام هو إفشال المصالحة الفلسطينية وإهلاك للموقف السياسى بين الشعبين المصرى والفلسطينى، وأهل غزة، ويعد المستفيد الأول منها هو العدو الصهيونى، ومحاولة لتمزيق الصف الفلسطينى وإيجاد حالة من الشكوك فى العلاقة بين مصر وفلسطين، ومن المتوقع أن المخابرات الإسرائيلية لها يد ويجب أن تسرع القوات المسلحة بالتدخل لمعرفة حقيقة الهجمات، وهل هى من الداخل أم من الخارج وسرعة اتخاذ الإجراءات، لأن هذا سيكشف جزءًا كبيرًا من الغموض.