اعتبر خبراء سياسيون أن البلاغات التى تقدم حاليا من قبل بعض الحركات الثورية والائتلافات ضد المشير حسين طنطاوى وأعضاء المجلس العسكرى المتقاعدين هى محاولة لـ«إحراج الرئاسة»، والضغط عليها، فى ظل ما يتردد عن سيناريو الاتفاق على الخروج الآمن للقادة المتقاعدين، وأشاروا إلى أن المشير وأعضاء المجلس العسكرى لا يتمتعون بأى حصانة قانونية، وأنه إذا ثبتت أدلة على اتهامهم فى أى من البلاغات المقدمة ضدهم فستتم محاكمتهم أمام المحاكم المدنية، واستبعدوا فى ذات الوقت فكرة خضوع أى من أعضاء المجلس للمحاكمة، وأن السيناريو الأقرب هو لحاقهم بالفريق أحمد شفيق إلى الخارج.
قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، المتحدث باسم اللجنة التأسيسية للدستور، إن التقاضى حق لكل مواطن، ومن رأى أنه تضرر من المجلس العسكرى فعليه أن يقدم بلاغات ضده، واستطرد: لكن هناك قيودا مفروضة على مقاضاة المشير طنطاوى والفريق عنان، رغم أنهما ارتكبا جرائم سياسية وإنسانية كبيرة أثناء إدارتهما للمرحلة الانتقالية.
وأضاف «عبدالمجيد» أن المشير تسبب فى قتل نحو ألف شهيد، غير أن القضاء العسكرى يمنع محاكمته وأعضاء المجلس أمام القضاء المدنى، حيث ينص على أن أى دعوى ترفع ضد العسكريين حتى بعد التقاعد ينظرها القضاء العسكرى، فضلا عن أن تعيينهم، مستشارين للرئيس، أعطاهم حصانة إضافية.
ورأى «عبدالمجيد» أن الرئيس «مرسى» إذا أراد أن يثبت انحيازه للثورة، فعليه إلغاء هذا النص من قانون القضاء العسكرى، ورفع أى حصانة أعطيت للمشير والفريق عنان بموجب تعيينهما، مستشارين له، وقال: «طنطاوى وعنان ليسا فوق القانون وليس على رأسيهما ريشة، ولا يجوز تحصينهما»، مشددا على أن تلك الخطوة هى بالونة اختبار لـ«مرسى»، فإما أن ينجح ويبرئ نفسه من عقد الصفقات أو يفشل.
وأوضح الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن جميع التجارب السياسية التى أدت إلى وصول العسكر إلى السلطة، بعد انقلابات عسكرية أو ثورات أو بعد قيادة المراحل الانتقالية، غالبا ما يتم الخروج منها بناء على اتفاقات «عميقة» مع الحكام الجدد. وقال: «الحالة المصرية ليست جديدة، وقد جرت فى عديد من الدول الأفريقية فى القرن الماضى مثل السنغال، وبالتالى نحن لسنا أمام حالة جديدة» .
واستبعد «عبدالفتاح» فكرة خضوع أعضاء المجلس العسكرى للمحاكمة، وقال: «أعتقد أن مؤسسة الرئاسة ستحترم الاتفاقات التى تمت بمباركة أمريكية»، مؤكدا أن البلاغات التى تقدم حاليا فى ظل سيناريو تلك الاتفاقات تمثل ضغطا على الدكتور مرسى وتستغلها أطراف سياسية، بهدف الإحراج السياسى له.
وأشار «عبدالفتاح» إلى أنه فى حال ما تعرض الدكتور مرسى لضغوط شعبية بتزايد تلك البلاغات ضدهم، فقد يؤدى ذلك إلى كسر الاتفاقات، للخروج من المأزق، وترك أعضاء «العسكرى» يواجهون الاتهامات أمام القضاء. وقال: «أتخيل أن السيناريو الأفضل الذى سيتم التفكير فيه هو سيناريو اللحاق بالفريق أحمد شفيق والسفر إلى الخارج، للخروج من هذا المأزق، لأن العملية معقدة جدا، ومن الصعب أن تقدم القوات المسلحة بعض قادتها البارزين للمحاكمة، خاصة فى ظل التوترات الأمنية فى مصر وبشكل خاص فى سيناء، كما أن كسر الاتفاقات قد يؤدى إلى غضب المتعاطفين مع (العسكرى) وإثارة بعض التوترات فى الشارع مرة أخرى».
من جانبه، رأى الخبير الأمنى اللواء عبداللطيف البدينى أن البلاغات بشكل أو بآخر ستقدم وستتوالى بلاغات أخرى، وأنه إذا توافرت أدلة ضد المشير أو أى من أعضاء «العسكرى» فيجب خضوعهم للمحاكمة فورا.
ونوه « البدينى» بأنه ليست هناك حصانة قضائية أو عسكرية لهم، موضحا أن الحصانة هى ضمانة قانونية لفئات قانونية محددة فى المجتمع، والمشير والمجلس العسكرى ليسوا ضمن هذه الفئات.
وأضاف: حتى لو كان أعضاء «العسكرى» مازالوا فى مناصبهم فلا يتمتعون بأى حصانة قانونية، سوى أنهم يحاكمون أمام المحاكم العسكرية، على خلاف الوضع الحالى، باعتبارهم مدنيين.
ولفت إلى أن جهات التحقيق أو المحاكم المنوطة برفع قضايا ضدهم هى المحاكم المدنية، واستبعد «البدينى» فكرة محاكمة المشير، وقال: «إننا لا نستطيع إنكار دور المجلس العسكرى فى حماية الثورة فى فترة من الفترات، لكن ذلك لا يعنى عدم عقابه، إذا أخطأ وتطبيق القانون عليه».
ورجّح «البدينى» فكرة تطبيق المواءمة السياسية فى هذه القضية على تطبيق القانون وقال: أعتقد أن مؤسسة الرئاسة ستميل إلى نوع من المواءمة، خاصة أن هناك اتفاقا حدث قبل خروج المشير للتقاعد.