قالت وكالة رويترز للأنباء، الإثنين، إن القرارات التى أصدرها الرئيس محمد مرسي، الأحد، بعزل قادة الجيش وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة الشهر قبل الماضي، أثارت ردود فعل متباينة لدى الشارع المصري.
وأضافت «رويترز» أن سلطة مرسي ستواجه بتحديات قضائية جديدة بعدما قالت القاضية بالمحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي لموقع لصحيفة الأهرام إن «مرسي ليس من حقه إلغاء الإعلان الدستوري المكمل».
كانت القرارات التى شملت إحالة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام ووزير الدفاع، المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس أركان القوات المسلحة، الفريق سامي عنان إلى التقاعد.
وقال مصدر عسكري إن القرارات صدرت بعد التشاور مع طنطاوي وعنان وباقي المجلس العسكري.
ومرت مصر في ظل إدارة المجلس العسكري لشؤونها باضطراب سياسي وقانوني وحوادث انفلات أمني واحتجاجات فئوية كما إندلعت اشتباكات بين محتجين وقوات أمن وسقط فيها أكثر من مئة قتيل وألوف المصابين.
وقال المجلس العسكري إن طرفا ثالثا تدخل في الاشتباكات والقوا عليه باللوم عن سقوط قتلى وجرحى، لكن سياسيين وناشطين قالوا إن «العسكري» يتنصل من المسؤولية.
وقال أحمد دومة، الناشط السياسي (24 عاما): «إن ما يحدث الآن هو ما سبق أن حذرنا منه وهو الخروج الآمن للعسكروهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً بالنسبة للثورة، ولن نرضى إلا بعد القصاص منهم والثأر لدماء شهدائنا».
كان أعضاء قياديون في جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي تحدثوا بعد إسقاط مبارك عن خروج آمن لرئيس وأعضاء المجلس العسكري حين يسلم السلطة التي سلمها بالفعل لمرسي يوم 30 يونيو.
وأعلنت قرارات مرسي في وقت تنتاب فيه كثير من المصريين مشاعر قلق إزاء ظهور جماعات جهادية في شبه جزيرة سيناء نسب إليها قتل 16 من أفراد قوات حرس الحدود، الأحد، فى هجوم مباغت.
وقال حسين يوسف محمد، (32 عاما)، يعمل موظفًا: «قرارات مرسي خاطئة. كان المفترض أن ينتظر إلى أن تنتهي مشكلة سيناء».
وأضاف: «كنت أفضل بقاء المشير أكثر من ذلك لأنه يفهم كل شيء. مرسي كان محتاجًا لأحد بجانبه لديه دراية بكل أمور البلد».
لكن محمد السيد محمد (32 عاما) وهو موظف أيضا قال: «قرارات مرسي سليمة وعليه دائما أن يتخذ القرارات التي تخدم برنامجه. المشير رجل كبير في السن وكان ضروريا إحداث تجديد في القيادة العسكرية. على العموم مرسي مسؤول عن قراراته والناس تعد عليه باليوم وسيتحمل النتائج».
كان المجلس العسكري، أصدر الإعلان الدستوري المكمل، مع إغلاق لجان الانتخاب في جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة يوم 17 يونيو، واختص نفسه في الإعلان بشؤون الجيش دون الرئيس.
وبمقتضى الإعلان الدستوري المكمل، استرد المجلس العسكري سلطة التشريع التي كان سلمها لمجلس الشعب الجديد في يناير . وكان المجلس العسكري حل مجلس الشعب المنتخب قبل إصدار الإعلان الدستوري المكمل بأيام بناء على حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية مواد في قانون انتخابه.
وبإلغاء الإعلان الدستوري المكمل صارت سلطة التشريع أيضا في يد مرسي لحين انتخاب مجلس الشعب الجديد.
ووصف السياسي الليبرالي، محمد البرادعي، السلطات التي حازها مرسي بعد إلغاء الإعلان المكمل بأنها «سلطات امبراطورية».
وقال حمادة محمد السيد (28 عاما) وهو عاطل «قرارات مرسي كان يفترض أن يتخذها من أول ما وصل للحكم. كان لا بد أن تكون له الصلاحيات الكاملة حتى لا تكون له حجة عندما يحاسبه الشعب إذا قصر في تنفيذ برنامجه الانتخابي».
وكان الرئيس الجديد وعد بحل مشاكل تتصل بالحياة اليومية خلال مئة يوم من توليه الحكم مثل تراكم القمامة في كثير من شوارع المدن وأزمة المرور. كما وعد بالنهضة بالبلاد خلال رئاسته.
وقال سيد عبده (45 عاما) ويعمل بقالا «مرسي كان لازم يشيلهم لأنهم رجال مبارك، قراراته الناس كانت بتطالب بها حتى قبل أن يتولى المنصب».
واستقبلت صحف القاهرة قرارات مرسي بصورة متباينة فصحيفة الأخبار اليومية التي تملكها الدولة والتي عين مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الإخوان رئيس تحريرها الجديد، محمد حسن البنا قبل أيام وصفت القرارات في العنوان الرئيسي على صفحتها الأولى بأنها «ثورية».
وجاء العنوان الرئيسي في الصفحة الأولى من صحيفة الوطن اليومية المستقلة «رسميا.. إخوانية» في إشارة إلى مصر.
والعنوان الرئيسي في الصفحة الأولى من التحرير وهي صحيفة يومية مستقلة هو «ثورة الرئيس على العسكري.»
وبدت قرارات مرسي التي تخلص بها أيضا من دور اختص به المجلس العسكري نفسه في كتابة الدستور الجديد للبلاد خطوة جريئة على طريق إنهاء 60 عاما من تولي ضباط جيش قيادة البلاد.
وعين مرسي اللواء عبد الفتاح السيسي، (57 عاما) بعد ترقيته لرتبة فريق أول قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربي. وكان السيسي يشغل منصب رئيس المخابرات الحربية.
وشغل منصب رئيس الأركان اللواء صدقي صبحي، (56 عاما) بعد ترقيته إلى رتبة فريق. وكان صبحي قائدا للجيش الثالث الميداني الذي ينتشر في محافظة السويس وفي محافظة جنوب سيناء على الحدود مع إسرائيل.
ولم يظهر، الاثنين، أي تحد في الجيش للقرارات التي جاءت بوزير دفاع ورئيس أركان جديدين وربما يرجع ذلك لرغبة الضباط متوسطي الرتب وصغار الرتب في أن يتسلم قيادتهم جيل جديد.
وتحدث محلل عن «انقلاب مدني مضاد» تم التخطيط له مع ضباط أصغر في الجيش.
وقال شادي حامد، من مركز بروكنجز الدوحة على حسابه فى موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «ما رأيناه في مصر يبدو على نحو متزايد مثل خليط من انقلاب مضاد مدني وانقلاب منسق من داخل الجيش نفسه».
وقال اللواء محمد العصار الذي كان عضوا في المجلس العسكري لرويترز، الإثنين: «إن مرسي تشاور مع طنطاوي وعنان وباقي أعضاء المجلس العسكري قبل أن يصدر قراراته».
وحسب قرارات مرسي شغل العصار منصب مساعد وزير الدفاع الجديد.
وكان كثيرون توقعوا أن يستمر الصراع السياسي بين مرسي والعسكريين لسنوات. وقالت صحيفة المصري اليوم في العنوان الرئيسي على صدر صفحتها الأولى «مرسي ينهي الدور السياسي للقوات المسلحة».
ومتاح للجيش الآن مجالات سياسية قليلة إذا أراد القيام بدور في ظل حكم مرسي، لكن مصالحه الاقتصادية الواسعة ونفوذه التاريخي في السياسة الداخلية يجعل من الصعب على مرسي تجاهله كلية.
وكان مرسي قال في احتفال بمناسبة ليلة القدر، الإثنين، إن «القرارات ليست موجهة لأشخاص أو لإحراج مؤسسات».
وقال: «ما اتخذته اليوم من قرارات لم أوجهه أبدًا لأشخاص ولا لإحراج مؤسسات».
وأضاف: «لا بد من الوفاء لمن كانوا أوفياء قصدت مصلحة هذه الأمة وهذا الشعب».
لكن ليبراليين ويساريين ثارت مخاوفهم من أن تكون قرارات مرسي تمكينًا للإخوان من مختلف مؤسسات الدولة. ويخشى البعض من أن يدير الإسلاميون ظهورهم للتحالفات مع الغرب ويطبقوا الشريعة الإسلامية بصورة صارمة في مجتمع اعتاد التسامح ويعيش فيه ملايين المسيحيين.
وقال رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي «من البداية قلت للجميع إن الإخوان يلعبون لعبة المصالح المشتركة. قإذا تحققت مصالحهم ينقضون على الصديق».
وأضاف متحدثا إلى رويترز، الإثنين: «المجلس العسكري هو الذي أتى بالإخوان ومكن الإخوان وعليه أن يتحمل».
وقال نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان: «طنطاوى وعنان باعا مصر للإخوان فيما عرف بصفقة الخروج الآمن».
وأضاف «قرارات مرسى الاخيرة افتئات على الدستور وتحويل الحكم فى مصر الى حكم دكتاتوري. الإخوان يقبضون على جميع مفاصل الدولة المصرية وبإلغاء الإعلان الدستورى المكمل أصبح تشكيل الدستور وفقما يراه التيار الدينى الإخواني والسلفي فقط، ولن يكون معبرًا عن كل طوائف الشعب».
لكن السياسي اليساري وعضو مجلس الشعب المنحل، البدري فرغلي قال «قرارات الدكتور مرسي هي تصحيح لأوضاع خاطئة... الإعلان الدستوري المكمل كان اعتداء على سلطة الشعب».
وأضاف: «لا يوجد جيش واحد في العالم كله مهمته التشريع».
وفي الخارج لم يتوافر الكثير من رد الفعل، بما في ذلك من الولايات المتحدة التي تقدم معونة عسكرية واقتصادية كبيرة لمصر منذ توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.