x

«الجماعات الإسلامية بسيناء».. بدأت فى الثمانينيات وتلقت ضربات من الصوفيين في التسعينيات

الأحد 12-08-2012 00:42 | كتب: وائل ممدوح |
تصوير : اخبار

يعود تاريخ الجماعات الإسلامية بسيناء إلى بداية الثمانينيات، مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى من آخر مدن المحافظة الحدودية، لتعود سيناء إلى السيادة المصرية بالكامل، وفقا لبنود معاهدة السلام، لتتحول إسرائيل من محتل يجب مقاومته- من منطلق وطنى- إلى دولة جوار تحتل إحدى الدول الإسلامية، ومن هنا برزت فكرة الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين بين أبناء المنطقة الحدودية على وجه التحديد، لاقترابهم من الحدود من جانب، ولارتباطهم بعلاقات القرابة والنسب مع بعض عائلات قطاع غزة من جانب آخر.

صراع آخر يروى تفاصيله عبدالقادر سويلم، أحد المنتمين للجماعات التكفيرية فى وقت سابق، بالقول: «فى هذا الوقت شهدت سيناء صراعا من نوع مختلف بين الجماعات الصوفية التى كانت منتشرة بسيناء بشكل كبير، وبين جماعات الدعوة السلفية التى بدأت فى الظهور عقب انسحاب قوات الاحتلال، وبدأ هذا الصراع مجموعات صوفية وسرعان ما تحول إلى العنف، نظرا لارتباط المسألة بفرض النفوذ الدينى داخل شبه جزيرة سيناء، وهو ما دفع بعض أصحاب الفكر السلفى للنزوع إلى تكفير أصحاب هذا المنهج، خاصة أنهم لم يجدوا غضاضة فى قتل وإيذاء أعضاء أبناء التيار السلفى، لمجرد أنهم يختلفون معهم فكريا».

وأكد «سويلم» المهتم بالتأريخ للجماعات الإسلامية بعد انفصاله عنها فكريا وتنظيميا، أن «العنف الصوفى مع أبناء التيار السلفى كان بداية ظهور أفكار التكفير لدى بعض هذه الجماعات، قبل أن يؤصل ذلك التعامل العنيف من قبل أجهزة الأمن، وأمن الدولة على وجه الخصوص، مع أبناء سيناء، على مدار فترة التسعينيات، حتى وصلت الأمور إلى ذروتها عقب تفجيرات طابا 2004، حيث شنت الأجهزة الأمنية فى وزارة الداخلية حملة غير مسبوقة بسيناء، نتج عنها اعتقال ما يقرب من 4 آلاف شخص، تعرضوا لتعذيب بشع بمقار أمن الدولة، فضلا عما تعرضت له حرمات المنازل من انتهاك، وما تعرضت له النساء من ضرب واعتقال لحين تسليم ذويهم المطلوبين لأنفسهم، كل هذه الممارسات أدت إلى تأصيل فكرة تكفير السلطة عند أعضاء بعض التيارات الإسلامية، من منطلق أن من يفعل ذلك بحرمات البيوت وبالنساء ليس من الإسلام فى شىء، وتكفيره واجب، والقصاص منه هدف».

وأضاف سويلم: «الفكر التكفيرى قائم على تكفير الحاكم ومن هو من دونه، ما لم يطبق شرع الله، ومن ثم أصبح المجتمع بالكامل كافرا فى عقيدة أصحاب هذا الفكر، أما فكرة الجهاد ضد الكفر فهى نتاج طبيعى لهذه الأفكار التى وجدت بيئة خصبة لها فى المنطقة الحدودية بسيناء، بسبب انتشار الفقر والجهل، وبسبب تضييق أجهزة الأمن على المنتمين للجماعات السلفية فى حقبة التسعينيات، ما دفع معظم المنتمين للجماعات الإسلامية للاعتماد على الأفكار المنقوله خلال الدروس التى كان بعضها يتم تنظيمه بشكل سرى، خوفا من بطش أجهزة الأمن، بالإضافة إلى عدم وجود دعاة ينتمون للفكر الوسطى بالمنطقة»، وأضاف: «لو كان هناك وجود للأزهر الشريف فى المنطقة الشرقية بسيناء لاختلف الأمر كثيرا»، مشيرا إلى أنه لم يجد فرصة للاطلاع على الدين بشكل صحيح ومراجعة أفكاره السابقة إلا عند اعتقاله على خلفية أحداث طابا.

ويتفق معه فى الرأى عبدالحميد صبحى، عضو التيار السلفى بسيناء، مؤكدا أن «تهميش سيناء والتعامل معها كملف أمنى بالأساس سبب صعود بعض التيارات المتطرفة»، لكنه أشار فى الوقت نفسه إلى أن معظم الجماعات السلفية الحالية بسيناء لا تتبنى أفكارا جهادية أو تكفيرية، وأن الجماعات التى تتبنى مثل هذه الأفكار تندرج تحت تصنيفات أخرى.

يختلف مع هذا الرأى سعيد عتيق، الناشط السيناوى، أحد أبناء مدينة الشيخ زويد الحدودية، مؤكداً أن العديد من الجماعات الجهادية والتكفيرية تتخذ من الدعوة السلفية غطاء لها، لذلك تجد من يطلقون على أنفسهم اسم «السلفية الجهادية»، فى محاولة لتشتيت الانتباه، والخروج من تصنيف الجماعات المسلحة الذى يلحق بالجماعات الجهادية. وأضاف «عتيق»: «مسؤولية الهجمات التى تعرضت لها قوات الأمن بالمنطقة الحدودية على مدار الأشهر الماضية تعود بشكل مباشر إلى الجماعات التكفيرية والجهادية التى تتخذ من منطقة الوسط والشريط الحدودى مركزا لها»، ووصف الناشط السيناوى القريب من مسار الأحداث منذ ثورة يناير الاعتداءات الأخيرة التى استهدفت جنود وضباط الجيش للمرة الأولى بالمنطقة الحدودية بـ«استعدادات ما قبل الإمارة»، مشيرا إلى أن الجماعات الجهادية والتكفيرية تعمل على إخلاء المنطقة الحدودية من القوات المسلحة، بعد أن نجحت فى إخلائها من الشرطة بعد الثورة.

وأكد عتيق أن بعض الجماعات تنظم معسكرات تدريب لإعداد أعضائها وتدريبهم على استخدام السلاح وتنفيذ تكتيكات عسكرية، كالتى تم استخدامها فى عملية الماسورة الأخيرة، استعدادا لفرض السيطرة على شبه سيناء كما فعلت حماس فى غزة، وأشار إلى وجود اتصال مباشر بين هذه الجماعات وبين جماعات جهادية فلسطينية فى غزة.

وتحدث عضو سابق بإحدى الجماعات الجهادية بسيناء، فضّل عدم الإفصاح عن هويته، عن التنظيم الداخلى للجماعات الجهادية بالمنطقة، قائلا: «تنظيم قاعدى، يبدأ بالأمير وينتهى بالأعضاء العاديين»، وأكد أن الجماعات الجهادية مقسمة جغرافيا بحسب المناطق التى تتواجد بها، وأن لكل منطقة أميراً تتبعه الجماعة، وأوضح أن أعضاء الجماعات الجهادية منتشرون فى معظم مناطق مدينتى رفح والشيخ زويد، وأنهم لا ينفصلون عن أهلهم مثل التكفيريين، وكل بيت فى المنطقة فيه عضو بالجماعات الجهادية، وعمل الجماعات الجهادية منظم ومحدد بخطط مسبقة، على عكس بقية الجماعات الإسلامية التى تعمل دون تنظيم.

وأكد عضو الجهاد السابق، أنه بالرغم من انتشار الجماعات الجهادية التى تتبنى أفكار القاعدة بمنطقة الشريط الحدودى والوسط، إلا أن أيا منها لا يرتبط بارتباط تنظيمى مباشر مع تنظيم القاعدة، وقال: «هناك تواصل فكرى بين هذه الجماعات وأفكار الجهاد التى قام عليها تنظيم القاعدة، لكن ليس هناك بينها وبين القاعدة أى تواصل تنظيمى».

وأشار إلى أن بعض الجماعات التى ادعت ارتباطها بتنظيم القاعدة مؤخرا، تكذب، نافيا أن تكون لها أى علاقة بالتنظيم، وقال: «بعض هذه الجماعات تتلقى تمويلا من بعض الجماعات الجهادية الفلسطينية، أو عن طريق بعض الخلايا المرتبطة بالقاعدة، لكن ذلك يتم بشكل غير منظم، وفى مناطق محدودة بوسط سيناء بعيدا عن المدن». ودلل على كلامه بإهداء جماعة «مجلس شورى المجاهدين- أكناف بيت المقدس» عمليتها الأولى التى نفذتها داخل حدود إسرائيل لأيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، فى البيان الذى أعلنت فيه مسؤوليتها عن العملية، وقال: لو كانت هذه الجماعة تابعة بشكل مباشر للقاعدة لأعلنت عن مسؤوليتها عنها، ولما لجأ أعضاؤها إلى إهدائها إليه.

وقال إن «الجماعات الجهادية هى الأكثر تنظيما بسيناء، وإن لم تكن بنفس انتشار الجماعات التكفيرية»، مشيرا إلى أن الخطر الأكبر يأتى من الجماعات التى تنتهج أفكاراً مختلطة بين الفكر الجهادى والتكفيرى، حيث يمكن استغلال هذه الجماعات غير محددة الهوية من قبل أى جماعات خارجية، سواء جماعات إسلامية أو أجهزة مخابرات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل سيناء، بعد توفير الدعم المالى والتقنى لها، ورجح أن تكون العملية الأخيرة التى استهدفت نقطة حرس الحدود المصرية، قرب قرية الماسورة، قد تم تنفيذها بهذه الطريقة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية