جماعة إسلامية «راديكالية» فى النمسا تسعى لعقد مؤتمر دولى يدعو للخلافة الإسلامية.. احتجاجات شعبية على المؤتمر المراد إقامته فى منطقة «فيوسندورف».. وضغوط شديدة على رئيس بلدية المدينة للمطالبة بمنعه.. هذا هو الجدل الأكثر حضورا الآن فى الشارع السياسى فى النمسا، وهكذا تتناوله وسائل الإعلام المحلية.
ثار الجدل فور الإعلان عن نية «حزب التحرير الإسلامى» فى النمسا عقد مؤتمر بعنوان «الخلافة نموذج دولة المستقبل» يوم 10 مارس المقبل. الرفض جاء من مختلف أطياف المجتمع النمساوى، بل من «حزب الأحرار»، اليمينى المتطرف، الذى هاجم المؤتمر، كونه «يحمل صبغة إسلامية». وطالب الحزب الحكومة بضرورة محاربته، محذرا من أن هذه التيارات ستحول أوروبا إلى دولة إسلامية فى المستقبل.
ودافع المتحدث الإعلامى باسم الحزب، شاكر عاصم، عن المؤتمر قائلا إنه ليس من حق وسائل الإعلام أو أى جهة أخرى تصنيف الأفكار، راديكالية كانت أو غير راديكالية. وأضاف فى حديثه لـ«المصرى اليوم»: «لا يجوز محاسبة الإنسان على أفكاره مثلما كان يحدث فى العهود الكنسية فى أوروبا وعصور محاكم التفتيش عن الضمير».
وأوضح عاصم أن الحكومة النمساوية تحاول بشتى الطرق منع انعقاد المؤتمر، فقررت إغلاق القاعة بحجة أنها غير صالحة لعدم توافر الشروط الإدارية والهندسية المطلوبة. لكنه أكد أن هذه القاعة تقام فيها العديد من المناسبات منذ سنوات، ولم تتدخل البلدية إلا بعد الإعلان عن انعقاد المؤتمر.
وأضاف أنه تم منعه أيضا من مزاولة نشاطه الدينى فى مسجد معهد «الأفرو-آسيوى» التابع للكنيسة الكاثوليكية النمساوية، حيث اعتاد إلقاء الخطبة وإمامة المصلين يوم الجمعة. وبحسب المتحدث الإعلامى، فإن مدير المعهد أخبره صراحة بأن الكاردينال شون بورن، رئيس أساقفة النمسا، اتصل به هاتفيا وطلب منعه من مزاولة نشاطه داخل المعهد.
وحول المؤتمر نفسه، قال عاصم إن الهدف منه هو «عرض الإسلام كنظام بديل للرأسمالية الغربية. أردنا دعوة النمساويين وغير المسلمين للحضور والمشاركة فى حلقة النقاش حول موضوع الخلافة الإسلامية، لا سيما وأن صورة الإسلام السياسى والخلافة مشوهة فى الغرب وإعلامه».
وأوضح: «المؤتمر يتناول أيضا موضوع الربيع العربى.. هناك إرهاصات كثيرة فى الدول الإسلامية تشير إلى عودة قريبة لدولة الخلافة الإسلامية الراشدة التى بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم». وفى المقابل، ترى سوزانا فينتر، عضو حزب «الأحرار» النمساوى، المعروفة بتطاولها على الإسلام، أنه يجب منع، لا المؤتمر فقط، إنما الحزب كله من مزاولة نشاطه. كما رأت النائبة إليسا كورونا، تركية الأصل، من حزب الخضر، أن الدعوة للخلافة تتعارض مع المعايير الأوروبية للديمقراطية، وتتنافى مع المعاهدات التى التزمت بها دول الاتحاد.
ويقوم حزب التحرير، الذى أنشئ فى مدينة القدس عام 1953 على يد العلامة الأزهرى الفلسطينى تقى الدين النبهانى، الآن بدراسة بدائل أخرى لانعقاد المؤتمر فى موعده المحدد. ويصف الحزب نفسه بأنه «عالمى». ويقول القائمون على الحزب إنه منذ تأسيسه يهدف إلى النهوض بالخلافة الإسلامية «التى ستوحد المسلمين وتطبق الإسلام كاملا فى جميع مناحى الحياة». ويؤكد المتحدث باسم الحزب أنه لا يعمل فى المجال الدعوى، مختلفا بذلك عن التيارات الإسلامية الأخرى، بل يعمل فقط فى الشق السياسى، الذى سار فيه الرسول محمد، لإقامة الدولة الإسلامية. واختتم مؤكدا أن الحزب ينبذ العنف بجميع أشكاله ويعتمد الفكر والحجة والدليل الشرعى فى الإقناع.