قال الدكتور عبدالباسط سيدا، رئيس المجلس الوطنى السورى المعارض، إن نظام الرئيس بشار الأسد يتهاوى حالياً وإنه بدأ فى مرحلة السقوط الحاسمة، خاصة بعد أن فقد مجموعة من أهم أعمدته خلال تفجير مبنى المخابرات السورية، مشيراً إلى أن المعارضة لا تقبل الدخول فى أى حوار سياسى لإنهاء الأزمة قبل رحيل رأس النظام وزمرته.
وشدد، فى حواره مع «المصرى اليوم»، على أنه لا توجد نوايا لديهم لحل حزب البعث الحاكم بعد انتصار الثورة، وأنه سيتاح للحزب المشاركة فى الحياة السياسية، كما ستجرى الاستفادة من العناصر ذات الكفاءة من الذين لم يتورطوا فى جرائم ضد الشعب السورى.
وأشار «سيدا» إلى أن الرصد الذى تقوم به المعارضة السورية يؤكد أن عدد الضحايا تعدى الـ20 ألف شهيد منذ اندلاع الثورة قبل عام ونصف العام، وأن هناك ما بين 70 و80 ألف معتقل ومختف، إضافة إلى ما يزيد على مليون ونصف المليون نازح داخل سوريا وفى دول الجوار.
وعبر عن تفاؤله بتولى الدكتور محمد مرسى، الرئاسة فى مصر، متوقعاً أن تقود القاهرة جهداً عربياً وإقليمياً ودولياً لإجبار الأسد على التنحى، والوقوف إلى جانب الشعب السورى الثائر.
وإلى نص الحوار:
■ إلى أين وصلت الثورة السورية بعد تفجير مبنى المخابرات السورية ومقتل عدد من الوزراء والمسؤولين الكبار فى نظام بشار؟
- هذا يؤكد أن النظام يتهاوى وأننا بدأنا فى المرحلة الحاسمة وأن نظام «الأسد» بدأ يتآكل من الداخل، وارتفاع ضحايا المجارز التى يرتكبها حالياً فى المدن السورية ومبالغته فى استخدام الأسلحة الثقيلة لقتل المدنيين البسطاء يعنى أنه أصبح ضعيفاً وهشاً وفى لحظاته الأخيرة.
■
هل ترى أن المجتمع الدولى متواطئ ضد الثورة السورية خاصة فى ظل الإصرار الشديد على مواصلة الحوار مع النظام السورى رغم المجازر؟ وهل لديكم استعداد للحوار مع هذا النظام؟
- لا يمكن أن نتحاور مع نظام قتل آلاف الأبرياء، ربما كان هذا مقبولاً فى بداية الثورة قبل أن يسرف فى قتل الشعب، فنحن نصر على ضرورة رحيل رأس هذا النظام مع المجموعة التى «تمسك» بزمام الأمور، فمعظم مؤسسات الدولة تدار من خلف ستار، وكأننا فى مسرح عرائس مثل مجلس الشعب، الذى لا يفعل شيئاً إلا التصفيق للرئيس.
فهذه الزمرة لابد أن ترحل ثم ندخل فى تفاوض حول نقل السلطة بعد ذلك.
■ ولكن البعض يرى أن القوى الكبرى تعمل لتحقيق مصالح خاصة بها من تحت الطاولة على حساب دماء السوريين؟
- نعلم أن هناك مصالح للقوى الكبرى ولكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب دماء السوريين، ونقول إن العلاقات بين روسيا وسوريا يجب أن تكون لصالح الشعبين، ولا يمكن أن نحترم نظام دولة حتى لو كانت كبرى، يرسل أسلحة ويعرف مسبقاً أنها ستستخدم لقتل الأطفال والنساء والمواطنين العزل.
■ فيما يتعلق ببعض الدول والأطراف العربية والإقليمية التى لا تزال تدعم نظام بشار مثل العراق وإيران وحزب الله اللبنانى، ما هو موقفكم منها؟ وما طبيعة الدور الذى تلعبه؟
- لإيران نقول إننا لسنا فى عداء معها ولا نريد، إلا أن المسؤولين فى طهران يمدون الأسد بالأسلحة والأموال والدعم السياسى، ونقول لهم: عليكم بالتراجع والتفكير جدياً فى المصالح المشتركة بين الشعبين، أما بالنسبة للإخوة فى حزب الله فنقول لهم عليكم بالاستعداد منذ الآن لمرحلة ما بعد بشار واستغلال الوضع الراهن للدخول فى حوار وطنى داخلى مع كل اللبنانيين، لتعزيز مكانة الدولة اللبنانية، التى ستكون لكل اللبنانيين، أما بالنسبة للعراق فلدينا تواصل مع كل الأطراف ذات الصلة بالعملية السياسية، ولكن هناك ملاحظات نأمل أن يتم تجاوزها، لأن العلاقة بين الشعبين هى التى ستبقى والأنظمة ستزول.
■ هل تم القبض فعلاً على عناصر من الحرس الثورى الإيرانى أو من حزب الله أثناء تورطهم فى قتل السوريين؟
- نحن متأكدون من أن إيران تقدم الدعم المالى والأسلحة لنظام الأسد، إلا أننا لم نتأكد مما تشير إليه، أما فيما يتعلق بحزب الله فنحن لسنا لدينا معطيات حول ذلك.
■ هل ترى أن الحل فى بلادكم سيكون على الغرار اليمنى أم سينهج المسار الليبى؟
- لا هذا ولا ذاك، لأن لسوريا خصوصيتها، ففى اليمن كان هناك تشابك قبلى وعشائرى، بالإضافة إلى أن مؤسسة الجيش انقسمت على ذاتها، كما أن حجم الضحايا فى اليمن لم يصل إلى عشر الضحايا السوريين، والثورة الليبية أخذت طابعاً عسكرياً منذ بدايتها، بينما حاولنا فى سوريا على مدى شهور أن نؤكد على سلمية الثورة ولكن النظام هو الذى دفع الثورة إلى سياسة الدفاع عن النفس، بسبب الإفراط فى القتل اليومى، فى ظل صمت عربى ودولى، فالدفاع عن النفس تقره الشرائع السماوية والوضعية.
■ إذن ما هو الحل الأمثل؟
- أولاً ترحل الزمرة الحاكمة ثم نتجه لتشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع مختلف فصائل المعارضة، ذات الكفاءة المعبرة عن جميع أطياف المجتمع السورى، وهنا لا يوجد مانع لدينا أن تشارك بعض عناصر النظام القديم من ذوى الكفاءة، والإخلاص للبلد فى هذه العملية شرط ألا تكون أيديها تلطخت بدماء السوريين أو شاركت فى أعمال قتل ضد المدنيين أو لها علاقة بها. لن نحل حزب البعث، وسنتيح له المشاركة فى الحياة السياسية، كل ما فى الأمر أنه سيصبح شأنه شأن باقى الأحزاب بعد حرمانه من أى امتيازات خاصة تمتع بها طيلة الحقب الماضية. ثم تعد هذه الحكومة لتشكيل هيئة تأسيسية لصياغة دستور يعرض على الشعب، ثم تجرى انتخابات حرة ونزيهة لاختيار برلمان ورئيس للدولة.
■ لماذا لم يتفكك الجيش السورى حتى الآن؟
- هناك بالفعل انشقاقات يومية متتالية فى الجيش ولدينا معلومات أن المئات من الضباط رهن الاعتقال أو تحت الإقامة الجبرية، كما أن النظام يهدد الضباط بأسرهم وذويهم، ولكن حينما يشعرون أن المجتمع الدولى والدول العربية جادة فى إزاحة النظام ستزداد هذه الانشقاقات بشكل كبير.
■ من الذى يمد الجيش السورى الحر بالسلاح؟
- هذه مسائل فنية تخص مجموعة من المعنيين بتسليح الجيش السورى الحر، ولكننا نطالب بضرورة إمداد الجيش السورى الحر بجميع الإمكانات للقيام بواجباته حتى يستطيع أن يدافع عن الأطفال والنساء فى مواجهة هذا النظام الذى لا يتورع عن استخدام الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدفعية وطائرات حربية.
■ هل تقدم بعض الدول العربية دعما سياسياً أو عسكرياً أو سياسياً لنظام الأسد؟
- مادياً نسمع بعض الروايات، ولكن لم نتأكد منها، ولكن هناك بعض الدول لا تتخذ الموقف الذى يجب أن يتخذ تجاه الشعب السورى، خاصة أنه لم يقصر مطلقاً فى واجباته القومية طوال تاريخه، فالجميع على المحك ونحن الآن نميز بين الأصدقاء الحقيقيين، ولا أقول الأعداء الحقيقيين ولكن اللامبالين، فالأصدقاء الحقيقيون هم الذين يتفهمون ظروف السوريين، ولا يمكن أن ننسى نبل هؤلاء فى الخليج، وأخص بالذكر الإخوة فى السعودية وقطر، ونأمل أن يعمم هذا الأمر، خاصة فى مصر بعد الانتخابات الرئاسية التى جاءت بالرئيس محمد مرسى، والتى أسعدتنا كثيراً، وفى نهاية المطاف نقول الشعب المصرى هو الفائز ونأمل أن تسعيد مصر مكانتها المرموقة التى تليق بوضعها، وتاريخها لكى تستعيد المنطقة توازنها، لأن غياب الدور المصرى هو الذى أربك المنطقة وأوصلنا إلى الكثير من النتائج السلبية. ونتوقع أن تقود «مصر الثورة» جهداً عربياً وإقليمياً ودولياً لإجبار الأسد على التنحى والوقوف إلى جانب الشعب السورى.
■ بعد ما شهده مؤتمركم الأخير الذى عقد بالقاهرة من خلافات هل ترى أن بعض أطياف المعارضة ربما تعمل لصالح نظام بشار لبث الفرقة والاختلاف بينكم؟
- لا أستطيع أن أنفى أو أؤكد، لكن هذا النظام الأمنى القمعى قادر على القيام بذلك، وعلينا أن ننتبه لذلك، ولكن نقول إن لدينا ثقة فى شعبنا وطيبة أهلنا، ولذلك ننطلق دائماً من النوايا الحسنة.
■ هل لديكم إحصاءات حول عدد الضحايا والمصابين منذ اندلاع الثورة السورية حتى الآن؟
- نعم لدينا توثيق يؤكد أن عدد الشهداء تعدى الـ20 ألفاً، وعدد المعتقلين والمختفين يتجاوز الـ70 ألفاً، وهناك أكثر من مليون ونصف المليون نازح، سواء داخل الأراضى السورية أو خارجها فى دول الجوار، وتشمل تركيا والعراق ولبنان والأردن.
■ هل ترى أن الأمر يحتاج تدخلاً عسكرياً خارجياً مع العلم أن هذا التدخل قد يكون غير متاح حالياً فى ظل الظروف الدولية الراهنة؟
- لم نطالب حتى الآن رسمياً بالتدخل العسكرى الخارجى، ولكننا نطالب بأن يتم تطبيق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذى يجيز استخدام جميع الخيارات، لأن هذا النظام لن يرتدع ما لم يدرك أن هناك قوة ستستخدم ضده.