x

المغرب: «20 فبراير» تحيى الذكرى الأولى لانطلاقتها بسلسلة احتجاجات

السبت 18-02-2012 16:55 | كتب: غادة حمدي |
تصوير : رويترز

يحيى شباب حركة «20 فبراير» فى المغرب غداً ذكرى مرور عام على إطلاقهم شرارة المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، والتى أدت إلى تبنى المملكة دستوراً جديداً عبر استفتاء شعبى، وإلى تنظيم انتخابات تشريعية تعددية فاز فيها إسلاميو «حزب العدالة والتنمية». ومع مرور عام على بدء الاحتجاجات تواجه حكومة عبدالإله بنكيران الكثير من التحديات التى يتعين عليها مواجهتها لتهدئة الشارع المغربى.

وفى الذكرى الأولى لتأسيسها كثفت حركة «20 فبراير» من أنشطتها، وصعدت من لهجة خطابها مطالبة بالمزيد من الإصلاحات فى المغرب. ودعا نشطاء الحركة  الجمعة  إلى تنظيم اعتصام لمدة يومين- بدءاً من ظهر السبت - بساحة محمد الخامس فى الدار البيضاء، وهو المكان الذى انطلقت منه أول مسيرة لها العام الماضى. وأوضحت الحركة أن الهدف من تنظيم الاعتصام هو المطالبة بتوزيع عادل للثروات، والقضاء على الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعى ومختلف مظاهر التخلف، وذلك تحت شعار «صمود وتحد واستمرارية حتى إسقاط الفساد والاستبداد». ومن المقرر أن تشهد نحو 60 مدينة أخرى مسيرات ووقفات واعتصامات، بحسب نشطاء فى الحركة.

ومن ناحيتها، دعت فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة وشبكة «نساء متضامنات» إلى وقفة أمام البرلمان، صباح اليوم، احتفالا بالذكرى الأولى لانطلاق حركة «20 فبراير» وللمطالبة بعدم التمييز بين المرأة والرجل.

وعلى الرغم من استمرار الاحتجاجات فى المغرب يمكن اعتبار المملكة من الدول التى نجت من «رياح الربيع العربى» التى اجتاحت المنطقة العام الماضى. ويرجع محللون ذلك إلى ذكاء القصر فى التقاط إشارة الشارع سريعاً، فبعد 3 أسابيع من تنظيم حركة «20 فبراير» أولى مظاهراتها أعلن العاهل المغربى الملك محمد السادس فى 9 مارس قرار إجراء تعديل للدستور، يمكّن للمرة الأولى الحزب الفائز فى الانتخابات بأغلبية مقاعد البرلمان من تشكيل الحكومة، ويمنح الحكومة الجديدة صلاحيات غير مسبوقة، بينما يحتفظ الملك بالكلمة النهائية فى مسائل الدفاع والأمن والشؤون الدينية.

وبالرغم من أن خطاب الملك- الذى رحبت به بعض الأطياف السياسية- لم ينل رضا حركة «20 فبراير»، معتبرة أنه لم يقدم ما يكفى من إصلاحات، ما أسفر عن استمرار الاحتجاجات قبل وبعد الاستفتاء على الدستور فى يوليو الماضى، فإن الإصلاحات الدستورية حققت مكتسباً إيجابياً، حيث إنها فتحت الباب أمام نقاش حول إجراء انتخابات برلمانية مبكرة فى 25 نوفمبر، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة وصعود الإسلاميين إلى سدة الحكم فى المغرب بعد أعوام طويلة من التهميش. وبهذا نجح القصر فى امتصاص زخم الاحتجاجات وحصرها فى مطالب لا علاقة لها بطبيعة النظام الملكى، أو الدعوات لإسقاط النظام التى ترددت فى أرجاء دول الجوار، بل بطريقة إدارة شؤون البلاد.

وفى حين منحت التعديلات الدستورية حكومة بنكيران صلاحيات هى الأوسع فى تاريخ الحكومات المغربية منذ مرحلة الاستقلال عام 1956، فإنها مازالت تواجه العديد من التحديات التى تضعها موضع اختبار من قبل الشعب المغربى. ومن أبرز تلك التحديات أن الحكومة التى يقودها «إسلاميون» تعمل فى ظل عدد من المستشارين الملكيين الأقوياء الذين يلعبون دوراً كبيراً فى التأثير على القرارات المهمة، فضلاً عن بقاء القضايا الكبرى ضمن اختصاصات الملك، الأمر الذى قد يعرقل جهود الحكومة المطالبة بتفعيل بنود الدستور الجديد من حيث تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة وسلطاته وتثبيت استقلالية قراره عن نفوذ الديوان الملكى.

كما تواجه الحكومة تحديات سياسية وأولويات اجتماعية واقتصادية كبرى تزداد أهميتها بفعل تداعيات ثورات «الربيع العربى». فعلى الصعيد السياسى يتعين على الحكومة - التى رفعت فى حملتها الانتخابية شعار «محاربة الفساد والاستبداد» - تطهير الممارسة السياسية من ظواهر المحسوبية والفساد وإقرار الحكم الرشيد وتفعيل مؤسسات الرقابة على المال العام. وعلى الرغم من توالى المؤشرات حول سعى حكومة بنكيران إلى مواجهة الفساد تتصاعد دعوات الجماعات الحقوقية بضرورة محاسبة بعض الشخصيات البارزة.

واجتماعياً، تعهدت الحكومة- مع نهاية ولايتها الممتدة لـ5سنوات- بخفض نسبة البطالة إلى 8%، خاصة فى ظل محاولات عدة عاطلين عن العمل الانتحار حرقاً، إضافة إلى إصلاح قطاعات الصحة والقضاء والتعليم ودعم القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة من المجتمع.

واقتصادياً، ينتظر أن تحد الحكومة من تفاقم العجز المالى الذى بلغ 5.7% من الناتج المحلى الإجمالى، وتعمل على تحسين مناخ الأعمال لجلب الاستثمارات.

وعلى الرغم من أن استطلاعاً للرأى أجرى لحساب صحيفة يومية مغربية ونقلت نتائجه هيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى» مؤخراً أفاد بأن 88% من المغاربة يضعون ثقتهم فى رئيس الحكومة- وهى نسبة تأييد نادراً ما حظى بها رئيس حكومة سابق- فإن حركة «20 فبراير» تعتبر حكومة بنكيران «مشوهة وشكلية» ولا تتمتع بصلاحيات حقيقية، متهمة «الطبقة السياسية بالتآمر على التغيير الحقيقى فى المغرب»، وهو ما يشكل واحداً من أهم التحديات التى تواجه الحكومة، حيث إنها ستعمل فى ظل ضغوط مستمرة من الشارع المغربى ما لم تسع إلى اعتماد إصلاحات جذرية ترضيه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية