بعد الثورة لم تعد «وسط البلد»، المنطقة التى يتمنى الكثيرون الإقامة فيها، ليس لارتفاع أسعار عقاراتها وإنما لتحولها إلى ثكنة عسكرية ومنطقة مضطربة أمنيا، تنتشر فيها المدرعات وتحيطها الجدران الخرسانية والأسلاك الشائكة من كل اتجاه، حتى باتت تلك الحوائط والأسلاك من العلامات المميزة للمنطقة، وهو ما زاد من ضيق واختناق سكان تلك المنطقة والعاملين فيها.. الذين اضطرتهم الظروف إلى تركها مؤقتا لحين استقرار الأوضاع أو إزالة الحواجز الأسمنتية.
فى منطقة «وسط البلد» وصل عدد الحوائط الخرسانية إلى 9، فكلما وقع حادث ارتفع عدد تلك الحوائط، ومؤخراً بعد أحداث بورسعيد ورغبة بعض المتظاهرين فى اقتحام وزارة الداخلية، أقيم حائطان فى شارع منصور من الجهتين، وحائط فى كل من شوارع «الفلكى» و«نوبار» و«فهمى» (عبدالمجيد الرمالى سابقاً) و«يسرى الجندى» بطول خمسة أمتار حول وزارة الداخلية، بالإضافة إلى الحائطين اللذين شيدا أثناء أحداث مجلس الوزراء أحدهما فى شارع «قصر العينى» والثانى فى شارع «الشيخ ريحان»، والحائط الخرسانى الذى أقيم فى شارع محمد محمود الذى هدمه المتظاهرون ولم يتبق منه إلا حاجز يستطيع المارة عبوره.. وبخلاف الحوائط الخرسانية هناك 6 حواجز حديدية وأسلاك شائكة تغلق المسارات الرئيسية للطرق بمنطقة وسط البلد، ومنها الأسلاك الشائكة التى أغلقت شارع ماسبيرو المتجه إلى 26 يوليو.
ممدوح حنفى سائق تاكسى من سكان عابدين قال إن سائقى التاكسى أكثر فئة عانت من كثرة بناء الحوائط الخرسانية فى وسط البلد، لأنها -حسب رؤيته- تسببت فى زحام المنطقة باستمرار بعد أن كانت تزدحم فى أوقات معينة، مؤكدا أن هذا الوضع جعله يرفض بعض طلبات التوصيل إلى منطقة وسط البلد لأنه - حسب قوله: «بيلف فيها حوالين نفسه».
د. تريزا بيباوى، صاحبة صيدلية تقع إلى جوار الحائط الخرسانى المبنى فى شارع الفلكى، أكدت أن ما يحدث غير معقول، وقالت: «عشان ابعت دليفرى لمنزل جنب الصيدلية لكنه خلف السور الخرسانى، لازم ألف مشوار طويل»، وتساءلت لماذا يؤمنون المنشآت الحيوية ولا يؤمنون الشعب نفسه؟! وأضافت: هذه ليست شكواى أنا فقط بل شكوى كل المحال المجاورة للأسوار الخرسانية، ونحن نستعد للتجمع والذهاب إلى وزارة الداخلية حتى تجد لنا حلا.
معاناة قديمة ومازالت مستمرة منذ قيام الثورة حتى الآن تلك التى يعانيها المسعود سيف، مسؤول عن أحد المحال فى شارع محمد محمود: «المحل أغلق أكثر من مرة بسبب أحداث العنف بعد الثورة، وعندما بدأت أحداث «محمد محمود» أغلق الشارع بحائط خرسانى، وأحيط المحل بأسلاك شائكة، وطلبت منا الشرطة العسكرية إغلاق المحل أو عدم مرور أشخاص منه، حيث يطل على ناصيتين، وفى ظل هذه الظروف توقفت عملية البيع تماما».
وأضاف: «بعد أن هدأت الأمور قليلاً وأزيل السور الشائك من أمام المحل، جاءت أحداث بورسعيد فتكرر العنف، وتعرض المحل للسرقة مثل معظم المحال المحيطة، سرق منه حوالى 13 ألفاً و500 جنيه».