x

خبير في هندسة البترول: العرب تركوا الملعب لقبرص واليونان وإسرائيل وانشغلوا بربيع الثورات

الثلاثاء 14-02-2012 18:17 | كتب: أشرف فكري |
تصوير : other

أسئلة كثيرة تطرح نفسها حول حقيقة الاكتشافات التى أعلنت عنها شركة «نوبل إنرجى» الأمريكية فى منطقة حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، والتى تشمل المياه الإقليمية لكل من إسرائيل وقبرص، بالإضافة إلى سوريا ولبنان والحقوق المشروعة للفلسطينيين فى المياه الإقليمية لقطاع غزة.

«المصرى اليوم» طرحت هذه الأسئلة على الدكتور رمضان أبوالعلا، أستاذ بكلية هندسة البترول بجامعة «فاروس» بالإسكندرية للحصول على إجابة، خاصة أن تقرير هيئة المساحة الجيولوجية الذى تضمن الاحتياطيات السابقة للدول المطلة على سواحل شرق البحر المتوسط اعتمد على دراسات ومؤلفات متعلقة به.. وإلى نص الحوار

فى رأيك متى بدأ تركيز الضوء على أهمية الغاز فى مياه البحر المتوسط؟

- ما نشره المعهد الجيولوجى الأمريكى(USGS) عام2010 نتائج استطلاع متعلقة بحجم احتياطى النفط والغاز الموجود فى منطقة حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث كشف عن أن احتياطيات ضخمة من الغاز فى دلتا النيل وأمام سواحل إسرائيل.

وهل صدقت هذه التوقعات بالنسبة للدول السابقة؟

- لقد تلقت حكومات هذه الدول نتائج هذه الدراسة بترحاب كبير وسعى كل منها لطرح مناطق للتنقيب أمام الشركات العالمية فى البحر المتوسط، وبالفعل أعلنت شركة «نوبل إنرجى» الأمريكية فى منطقة حوض شرق البحر الأبيض المتوسط عن وجود احتياطيات فى حقلى تمار وليفياثان مقدرة بـ 8.7 و16 تريليون قدم مكعب على التوالى وعلى أعماق تصل إلى 1678 متراً، وهو خمسة أضعاف أقصى عمق تم الإنتاج منه فى بحر الشمال وتقدر القيمة الإجمالية لاحتياطيات منطقة الحوض بحوالى 122 تريليون قدم مكعب احتياطى مصر المعلن حتى الآن حوالى 76 تريليون قدم مكعب.

وما أهمية هذه الاكتشافات بالنسبة للجانب الإسرائيلى؟

- الحقلان المعلن عنهما يحتويان على ضعف ما تحتوية الحقول البريطانية فى بحر الشمال وتقدر قيمتها بحوالى700 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج من حقل تمار عام 2012، لكن فى رأيى فإن تكاليف الإنتاج وتنمية الحقول (فى رأى كاتب المقال) سوف تكون مرتفعة إلى حد يصعب معه التكهن بالجدوى الاقتصادية منها - على الأقل فى الوقت الراهن والمستقبل القريب - لذلك ربما يكون وراء إعلان تلك الاكتشافات أهداف سياسية إقليمية ودولية.

ما طبيعة هذه الأهداف التى يمكن أن تكون وراء هذه الاكتشافات؟

- أتوقع أن يكون أحدها إضعاف موقف المفاوض المصرى عند أى محاولة لتعديل اتفاقيات الغاز مع إسرائيل، بالإضافة إلى الهدف الرئيسى وهو كبح جماح ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وهذا ليس غريباً على الدول الصناعية الكبرى التى دبرت سيناريوهات مشابهة قاد أولها وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر عام 1974 عقب ارتفاع أسعار البترول الخيالية بعد حرب أكتوبر 1973، مما أدى إلى حدوث نكسة أسعار البترول الأولى عام 1986.

ما التداعيات السياسية التى نجمت عن هذه الاكتشافات على دول المنطقة؟

- أعقب الإعلان عن تلك الاكتشافات تداعيات سياسية خطيرة حيث تقع تلك الاكتشافات فى المياة الإقليمية للعديد من الدول التى تتعارض مصالحها وتوجهاتها السياسية ودول أخرى تتعرض لأزمات سياسية داخلية وعدم استقرار للحكومات التى تتعامل مع الأزمات الداخلية والخارحية مثل سوريا ولبنان وفلسطين.

وحيث إن إسرائيل تبسط سيطرتها على حوالى 40% من منطقة الاكتشافات لذلك فإنها استتنفرت جميع إمكانياتها وعلاقتها السياسية والدبلوماسية وقوتها العسكرية وأعلنت عن الشروع ببناء المنصات ومعامل الطاقة تمهيداً للإنتاج من الحقول رغم عدم ترسيمها للجدول البحرية مع أغلب الدول المجاورة خاصة العربية منها.

لماذا لم تبدأ الدول التى أعلنت اكتشافات عن الغاز مثل إسرائيل وقبرص عمليات إنتاج هذه الحقول؟

- هذه من ضمن التساؤلات الغريبة، فرغم إعلان إسرائيل أنها سوف تبدأ الإنتاج من حقل تمار بدءاً من 2012 فإن ذلك لم يحدث حتى الآن، فمن المتوقع أن تواجه إسرائيل صعوبات متعددة قبل بداية إنتاج الحقول، حيث طالبت قبرص بحقوقها فى تلك الحقول وبالتالى أصبحت هناك حقوق تاريخية لكل من تركيا واليونان، وفى هذا السياق فقد ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو مع رئيس الوزراء اليونانى خطة عمل خطوط غاز بين الدولتين عبر الأراضى القبرصية.

ما هى تفاصيل هذه الخطة من وجهة نظرك؟

- ليس من وجهة نظرى، فقد طالبت إسرائيل بالسماح لطيرانها الحربى بالتحليق فى الأجواء القبرصية واليونانية وعمل غطاء جوى لمنطقة الاكتشافات، والغريب أن الصدام بين الجانب القبرصى واليونانى أوشك على الانتهاء.

وما موقف تركيا باعتبارها دولة ذات مصالح متعارضة مع اليونان وإسرائيل حالياً؟

- الصدام مع الجانب التركى متوقع أن يؤدى إلى المزيد من التوتر فى العلاقات بين البلدين التى ساءت بصورة واضحة فى الفترة الأخيرة، مما ينذر بحالة من الاحتقان فى المنطقة خاصة بعد التقارب الواضح بين تركيا وإيران، وقد أبحرت بالفعل الباخرة التركية «بيرى رايس» خلال شهر سبتمبر من العام الماضى باتجاه منطقة شمال جزيرة قبرص وكانت مجهزة بمعدات متعددة للتنقيب عن الغاز..

وكان ذلك هو الرد العملى للحكومة التركية على قرار سلطات قبرص البدء فى عمليات التنقيب بالاشتراك مع إسرائيل وعن طريق شركة «نوبل إنرجى» الأمريكية، كما قامت تركيا فى نوفمبر الماضى بتوقيع اتفاق مع شركة «شل» العالمية للتنقيب عن النفط فى نفس المنطقة.

وما هو موقف الدول العربية من عمليات التنقيب هذه؟

- فيما يتعلق بالدول العربية التى تقع منطقة الاكتشافات فى جزء من مياهها الإقليمية فإنها منشغلة بالربيع العربى، وقد أحسنت إسرائيل استغلال ذلك.. حيث يتعرض النظام السورى لأزمة داخلية طاحنة.. وهناك تخبط سياسى شديد فى لبنان.. كما أن الحكومة اللبنانية قد فرطت فى بعض حقوقها بالاتفاق الذى عقدته مع قبرص عام 2007، والذى أهدى إسرائيل وقبرص مساحات كبيرة من حقوقها البحرية وشكل لها دافعاً للتعدى على حدود لبنان البحرية والاستيلاء على ثروته النفطية الافتراضية.

كيف استفادت إسرائيل من هذه الاكتشافات سياسياً واقتصادياً؟

- أعلنت الحكومة الإسرائيلية بالفعل عن العديد من الدراسات والخطط لتحقيق أقصى استفادة من الاكتشافات المذكورة، من بينها إسالة الغاز وتصديره إلى دول شرق آسيا «الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية»، والتى أبدت استعدادها لتحمل نفقات خط الغاز بين الحقول وبين مدينة حيفا التى سيتم فيها عمل مشروعات للإسالة وضخ الغاز لمسافة 150 ميلاً عبر خطوط أنابيب إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر، تمهيدا لتصديره عبر الناقلات للأسواق الآسيوية.

ومن المتوقع فى حالة التحقق من جدية الاكتشافات والتقديرات المعلنة أن ينعكس ذلك على إسرائيل بسيناريو تتحقق من خلاله عدة آلاف من فرص العمل اللازمة لمد شبكة خطوط أنابيب محلية تمتد حوالى 500 كم، كما أنه من المتوقع ارتفاع معدل نمو الاقتصاد الإسرائيلى، حيث ستنخفض فاتورة استحقاق احتياجات الطاقة بمقدار أكثر من مليارى دولار سنوياً.

وما موقف مصر من هذه المتغيرات السياسية المتعلقة بعمليات التنقيب فى مياه البحر المتوسط؟

- للأسف تحدث كل تلك المتغيرات السياسية من حولنا.. ونحن غارقون فى مشاكل لا جدوى منها، فالإعلام المصرى ينشغل بميدان التحرير ورفع الأذان فى البرلمان ومحاولات الاعتداء على وزارتى الداخلية والدفاع.. فهل لنا أن نفيق وننتبه لما يدور حولنا وأن تتحول وسائل الإعلام إلى مناقشة ما يتعرض له الاقتصاد والأمن القومى المصرى من مشاكل كارثية، فلابد للحكومة الحالية من أن تسعى للتأكد بشكل مستمر من أن هذه الاكتشافات لا تتداخل ضمن حدودنا البحرية أو السعى لترسيمها مع الدول الأخرى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية