جددت قوات الجيش النظامي السوري قصفها العنيف، لليوم الرابع على التوالي، لمدينة «حمص»، التي حظيت بلقب «المدينة المنكوبة»، بعدما لقي العشرات من أبنائها حتفهم إما بفعل الصواريخ والمدفعية الثقيلة، أو قتلًا تحت أنقاض منازلهم المهدمة.
ويأتي ذلك عشية الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إلى دمشق، حيث يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد، بهدف «الضغط عليه لتطبيق الإصلاحات بوتيرة أسرع، وإنهاء الانتفاضة المستمرة ضد حكمه منذ 11 شهرًا»، بحسب مصادر روسية رسمية.
وأكد نشطاء وسكان من مدينة حمص أن القصف العنيف تجدد، صباح الثلاثاء، بعد مقتل 95 مدنيًا على الأقل، الإثنين فقط. وبحسب المجلس الوطني السوري المعارض، فإن ضحايا الإثنين فقط وصلوا إلى 50 شخصًا، بينما لقي أكثر من 200 آخرين مصرعهم في المدينة نفسها، الجمعة، وذلك في أكثر الأحداث فتكًا منذ انتفاضة مارس.
حمص.. مدينة معزولة بعد انقطاع الكهرباء والاتصالات
وقال الناشط محمد الحسن لـ«رويترز» إن القصف يتركز، صباح الثلاثاء، مرة أخرى على منطقة «باب عمرو»، وأضاف «حاول طبيب الوصول إلى هناك، هذا الصباح، لكني سمعت أنه أصيب»، وتابع «لا توجد هناك كهرباء، وكل الاتصالات مع الحي قُطعت».
وقال عضو في المجلس الوطني السوري المعارض إن الهجوم مستمر على عدة أحياء بالمدينة، التي تحولت إلى معقل للمقاومة المسلحة المناهضة للأسد، مع ذلك، تنفي دمشق رسميًا إطلاق النار على المنازل، وتقول إن صور الجثث المنتشرة على الإنترنت «غير حقيقية».
وقالت وسائل إعلام حكومية، الإثنين، إن «مجموعات إرهابية مسلحة» تطلق قذائف هاون في المدينة، وتضرم النار في الإطارات، وتفجر المباني الخالية، لإعطاء الانطباع بأن حمص تتعرض لهجوم من قوات الأسد.
وبحسب رواية السلطات السورية، فإن قوات الأمن قتلت «عشرات الإرهابيين» في حمص، وجاء في بيان لوزارة الداخلية أن 6 من أفراد الأمن، أيضا، قتلوا في الاشتباكات.
حملات الإدانة للـ«فيتو» الروسي تتواصل
دبلوماسيًا، تواجه روسيا انتقادات دولية عنيفة بسبب موقفها في مجلس الأمن المعارض لمشروع قرار يدين ممارسات النظام السوري، ووصف وزير الخارجية الإدانات الموجهة لاستخدام موسكو الـ«فيتو» بأنها «هيستيرية».
ويأتي التحدي الروسي للموقف الدولي في وقت يتوجه فيه لافروف، الثلاثاء، إلى دمشق، حيث يلتقي الأسد في مسعى «لاستعادة الاستقرار في سوريا على أساس التطبيق السريع للإصلاحات الديمقراطية التي حان وقتها».
وصرح الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قبل الزيارة، بأنه سيتحدث مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، لمناقشة الأزمة السورية، التي وصفها بـ«الفضيحة»، ووعد ساركوزي، بعد قمة فرنسية- ألمانية، مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأن فرنسا وألمانيا «لن تتخليا عن الشعب السوري»، بعد استخدام الـ«فيتو» الروسي والصيني.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد استنكر قصف حمص، ووصفه بأنه «مرفوض في نظر الإنسانية» ويقلص شرعية حكومة دمشق، وأضاف الأمين العام، في بيان، أنه «فزع» من العدد المتزايد للقتلى.
من ناحية أخرى، أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في دمشق، وقالت إن جميع موظفي السفارة غادروا البلاد بسبب تدهور الوضع الأمني، كما سحبت كل من بلجيكا وبريطانيا سفيرها من سوريا، وقالت لندن إنها ستسعى لأن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على دمشق.
أوباما: لا نية لاستخدام القوة في الإطاحة بالأسد
وفي تصريحات له، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الدول الغربية، رغم استعدادها للضغط على الرئيس السوري دبلوماسيًا، ليست لديها النية لاستخدام القوة للإطاحة به، مثلما فعلت مع الزعيم الراحل معمر القذافي في ليبيا العام الماضي.
وقال لمحطة «إن.بي.سي» إنه «من المهم جدًا أن نحاول حل هذا الأمر دون اللجوء إلى تدخل عسكري خارجي، وأنا أعتقد أن ذلك ممكن»، على حد قوله.
وفي أستراليا، قررت الحكومة تمديد حظر السفر والعقوبات المالية على قادة سوريين، لتشمل 75 شخصًا إضافيًا و27 مؤسسة في سوريا، كما تعتزم العمل مع دول أخرى «لشن مزيد من العقوبات المحتملة»، بحسب تصريحات لوزير الخارجية، كيفين رود.
كان الأسد قد وعد بإصلاحات سياسية، منها وضع دستور جديد، على أن يعقب ذلك إجراء انتخابات برلمانية، لكنه توعد في الوقت نفسه بالقضاء على ما سماه «الإرهاب»، الذي يلقي عليه مسؤولية أعمال العنف المتصاعدة في البلاد.
وتعتبر المعارضة السورية أن وعود الأسد لا تتمتع بأي مصداقية، لذلك رفضت دعوة روسيا إجراء محادثات مع مسؤولين سوريين في موسكو، لاسيما بعد الحملة القمعية لنظام الأسد والتي تقول الأمم المتحدة إنها أسقطت- حتى الآن - 5000 قتيل، منذ مارس الماضي.