تحل، الجمعة، الذكرى السنوية الرابعة لوفاة المخرج الكبير، يوسف شاهين، الذي رحل في 27 يوليو عام 2008، بعد صراع طويل مع المرض، وأثناء تصويره لآخر أعماله الفنية «هي فوضى».
ويمتلك «شاهين» رصيداً كبيراً من الأفلام السينمائية، التي تعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية منها «صراع في الوادي، صراع في الميناء، جميلة، باب الحديد، الناصر صلاح الدين، الأرض، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوتة مصرية، المهاجر، المصير، والآخر».
ولد شاهين في 25 يناير 1926، بالإسكندرية، لأم من أصول يونانية وأب من أصول كاثوليكية لبنانية، وكمعظم الأسر التي عاشت في الإسكندرية في تلك الفترة، فكان هناك عدة لغات يتم التحدث بها في بيت يوسف شاهين.
وكانت دراسة شاهين بمدارس خاصة منها كلية فيكتوريا، التي حصل منها على الشهادة الثانوية، وبعد إتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، انتقل إلى الولايات المتحدة، وأمضى سنتين في معهد «پاسادينا» المسرحي يدرس فنون المسرح.
منذ بداية مشواره مع السينما، استخدم شاهين الموسيقى والغناء كعنصرين أساسيين في أفلامه، منذ فيلمه الأول «بابا أمين»، وحتى آخر أفلامه «هي فوضى»، وفي تلك الأفلام تعامل مع عدد كبير من المؤلفين والملحنين والمطربين، وكان يشارك في اختيار الأغاني والموسيقى التي تخدم فكرته. فتعاون شاهين مع الفنان الراحل فريد الأطرش والفنانة القديرة شادية، وقدمهما في صورة مختلفة في فيلم «إنت حبيبي» عام 1957، وقدم مع فيروز والأخوان رحبانى فيلم «بياع الخواتم» عام 1965، واختار ماجدة الرومى لبطولة فيلم «عودة الابن الضال» عام 1976، ولطيفة في «سكوت هنصور» عام 2001.
ويمثل محمد منير حالة خاصة، لأنه أكثر المطربين مشاركة بصوته وأدائه في أفلام يوسف شاهين، فقدم معه «حدوتة مصرية» عام 1982 أتبعها بفيلم «اليوم السادس» بعدها بأربعة أعوام، ثم فيلم «المصير» عام 1997. وخلال تلك المسيرة لحن شاهين أغنيتين الأولى هي «حدوتة حتتنا» في فيلم «اليوم السادس» وأدّاها الفنان محسن محيي الدين، والثانية هي «قبل ما» للطيفة في فيلمه «سكوت هانصور»، وهي من كلمات كوثر مصطفى وتوزيع الموسيقار عمر خيرت.
وحصد يوسف شاهين عدة جوائز عالمية منها «التانيت الذهبية من أيام قرطاج السينمائية»، عن فيلم «الاختيار» عام 1970، و«الدب الفضي» من مهرجان برلين السينمائي عن فيلم «إسكندرية... ليه؟» عام 1979، وأفضل تصوير من مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم «إسكندرية كمان وكمان» عام 1989، وجائزة مهرجان «أميان» السينمائي الدولي عن فيلم «المصير» عام 1997، و«الإنجاز العام» من مهرجان كان السينمائي عن فيلم «المصير» عام 1997، وجائزة «فرنسوا كاليه» من مهرجان كان السينمائي عن فيلم «الآخر» عام 1999، وجائزة اليونيسكو من مهرجان فينيسيا السينمائي عن فيلم «11/9/2001» عام 2003.
وكان ليوسف شاهين آراء سياسية واجتماعية واضحة، ففي الفترة بين 1964 و1968 عمل خارج مصر، بسبب خلافاته مع رموز النظام الحاكم، وعاد لمصر بوساطة من الأديب عبد الرحمن الشرقاوي، كما كان شاهين معارضًا للرئيس السابق حسني مبارك، وكذلك لجماعات ما يسمى بـ«الإسلام السياسي».
ومن أقوال الراحل يوسف شاهين: «حين أستعرض مشواري مع السينما المصرية بكل سلبياته وإيجابياته، وبكل ما قدمت من إضافات وبكل ما حصلت عليه من عذابات، أستطيع القول إنني أخذت من السينما بقدر ما أعطيتها، وإن رحلتي مع السينما المصرية كانت تستحق كل ما قدمته من أجلها»، كما قال: «إذا أردنا أن نعرف الفنان الملتزم، فهو الذي يتقبل مسؤوليات اختياره بسلبياته وإيجابياته».
وتوفى يوسف شاهين عن 82 عامًا، في الساعة الثالثة من فجر الأحد 27 يوليو 2008، بمستشفى المعادي للقوات المسلحة بالقاهرة، بعد دخوله في حالة غيبوبة لأكثر من ستة أسابيع، وأقيم له قداس في كاتدرائية القيامة ببطريركية الروم الكاثوليك، بمنطقة العباسية بالقاهرة، ودفن جثمانه في مقابر الروم الكاثوليك بالشاطبي، في مدينته الإسكندرية التي عشقها وخلدها في عدد من أفلامه، وأقيم العزاء يوم 29 يوليو في مدينة السينما بالقاهرة، ونعاه قصرا الرئاسة في مصر وفرنسا، حيث وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمدافع عن الحريات.