x

فورين بوليسي: تسليم السلطة لمرسي «مشكوك فيه»

الثلاثاء 24-07-2012 12:30 | كتب: ملكة بدر |
تصوير : other

 

في ذكرى مرور 60 عامًا على ثورة يوليو 1952، قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن مرور 18 شهرًا فقط على ثورة 25 يناير، أدى إلى التأسيس لنظام جديد، هيمنت عليه أيضا المؤسسة العسكرية، مضيفة أن المؤسسة العسكرية أمامها الآن خيار يجب أن تقرره، لنفسها ولمستقبل مصر.


وأوضح الخبير الاستراتيجي، إتش هيلير، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، والباحث بمعهد بروكنجز، وجامعة ووريك، أن السؤال أمام الجيش هو: «هل يجب أن يستمر في مكانته المميزة، الحارسة والمسيطرة على السلطات المدنية بشكل غير محدود؟ أم يجب أن يبدأ في الإعداد للمشاركة في تغيير ثوري حقيقي ويسلم كل السلطات للمدنيين، بالكامل وليس رمزيًا فقط؟».


وأضاف «هيلير» أن «المؤسسة العسكرية تروج لفكرة أن أداءها كان جيدًا، ومازال الإعلام الرسمي يعطي الجيش تقديرًا ويعارض الإخوان المسلمين»، لكن تسليم المجلس العسكري السلطة للرئيس الإخواني الجديد محمد مرسي أدى إلى منح العسكري «خروجًا آمنًا من دائرة الضوء، وعودة للثكنات بشكل رمزي».


وقال إن الصورة التي يريد لها الجيش أن تروج هو أنه قام بدور بطولي في حماية الثورة وسلم السلطة، مستدركًا: «لكن الأمر مختلف وأكثر تعقيدًا، فالمجلس العسكري تلاعب بعدد من القوى المختلفة، وخلال الثورة ضحى بمبارك فقط للتخلص من تأثير الثورة على استقرار أوضاعه».


وأوضح أن اللعب على مشاعر الخوف من الفوضى وعدم الاستقرار كان في مصلحة الجيش، ممثلا في المجلس العسكري، وسانده في ذلك الإعلام الرسمي، بالإضافة إلى رفض العامة للاحتجاجات وانشقاق الثوار، كل ذلك أدى إلى أن تنصل الجيش من مسؤولية كل ما يحدث، وأضاف هيلير أن هناك عنصرا مهما كان في صالح الجيش أيضا، هو «الدولة العميقة»، والتي عرفها بأنها البيروقراطية الهائلة التي ترفض التغيير وليس من مصلحتها مساندته، ومعها فلول النظام القديم الذي مازال قائمًا حتى الآن.


واعتبر الباحث السياسي أن تسليم السلطة لمرسي «مشكوك فيه»، واصفًا العملية كلها بأنها «محرجة»، مشيرًا إلى أن انتخابات الرئاسة التي أجراها العسكري بدت وكأنها لن تغير من مجرى الأمور الحقيقية شيئًا، حتى الدولة العميقة لم يكن أمامها شيئًا تفعله سوى أن تختار مرشحًا قريبًا من مصالحها لتسخر أجهزتها لمساندته.


وخمن هيلير أن يكون خيار «الدولة العميقة» في بداية الانتخابات كان عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، والذي لم يبد مواقف راديكالية يمكنها تهديد مصالح الجيش على الرغم من كونه رجلا غير عسكري ثم ظهر عمر سليمان في الأفق واعتبر المحللون أنه مرشح الدولة العميقة حتى تم استبعاده، وعاد موسى للضوء من جديد وارتفعت أسهمه، إلى أن «ارتكبت الدولة العميقة خطأ فادحًا بتأييد أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء لمبارك، الذي كان عسكريًا على عكس موسى».


وقال إن خطأ حسابات «الدولة العميقة» هو أنها عولت على كراهية الناس للاحتجاجات والثورة، وبالتالي سيوافقون على أي مرشح له صلة بالنظام القديم، حتى لو كان شفيق، الذي جاء في المركز الثاني بعد مرسي، وأصبح من المستحيل تزوير الانتخابات بسبب رقابة المجتمع المدني عليها، والآلة الانتخابية القوية للإخوان المسلمين، وبالتالي لم يكن من الممكن إلا الاعتماد على أصوات الناخبين فعلا ليفوز شفيق.


واعتبر هيلير أن حل البرلمان خطوة أخرى تدل على تخبط الدولة العميقة، خاصة في توقيتها، إذ ظهر أن العسكري لا يريد برلمانًا إسلاميا للرئيس الجديد، أيا كان، كما أنه قلص صلاحيات الرئيس «لحماية مصالحه»، وبالتالي زادت الشكوك حول دعم الجيش لأي مرشح يدعم النظام في مصر قبل 25 يناير.


ورأى أنه بخلاف الجيش، فإنه لا أحد يعلم متى بدأت بالتحديد «الدولة العميقة»، لكن كثيرين يعتقدون أنها بدأت بثورة يوليو 1952، لكن الحقيقة هي أنها ربما تكون بدأت برفض الرئيس محمد نجيب تدخل الجيش في السياسة، ومن ثم استطاع جمال عبد الناصر وأنصاره الإطاحة بنجيب، وترسيخ المؤسسة العسكرية التي مازالت بلا رقابة مدنية حتى الآن.


وقال إن الشهور القليلة الماضية أكدت انخفاض شعبية الجيش، كما أن الكثيرين يعترضون الآن على استمراره في التدخل في الحياة السياسية، وعدم مراقبته مدنيًا، رغم تسليم السلطة رمزيًا للرئيس محمد مرسي، وبالتالي فإن الجيش يواجه حتمًا الخيار الآن، إما أن يؤجل التاريخ ويخاطر بخسارة كل مميزاته وشعبيته بمرور الوقت بسبب ضغط المدنيين الذي سيستمر أبعد من فترة رئاسة مرسي، أو يقبل بالحتمي ويبدأ بالتدريج في الانسحاب من السلطات التشريعية ودوره السياسي، ليبدأ في المساعدة في تأسيس دولة مدنية كاملة، ليس فيها نخبة «حارسة» مثل الجيش، وبها دستور يعبر عن كل طوائف المجتمع المصري.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية