x

الكاتب العراقي خزعل الماجدي: لا ضرورة لتجديد الخطاب الديني.. لنترك الدين عفويًا بسيطًا في حياة الناس (حوار)

الجمعة 31-01-2020 03:52 | كتب: محمود جاويش |
خزعل الماجدي خزعل الماجدي تصوير : آخرون

في البداية ستصدمك إجابته فيما يخص علاقة الدين بالحضارة، والدور الذى لعبه الدين فى منطقتنا العربية، لكنه سيستدرجك قبل أن تفيق من إجابته الأولى إلى معادلة تشبه المعادلات الرياضية عما تعرضت له الشعوب من استغلال «الأسطورة» الدينية لخلق نفوذ لرجال دين صنعوا بها تاريخًا من السيطرة لأنفسهم على حساب الحضارة والتقدم.. باختصار، هو يلعب بأفكاره دورًا استثنائيًا يجعلك لا تقف عند مفترق طرق.

يأخذنا الكاتب والباحث المتخصص فى علم وتاريخ الأديان، خزعل الماجدى، فى هذا الحوار، إلى الإجابة عن السؤال الذى يشغل العقل العربى وهو: «متى ستتقلص الفجوة الحضارية بيننا وبين الغرب؟».

مرت المنطقة العربية بفترات شديدة الوعورة فى الفكر.. كيف كان تأثير الدين على هذه الفترات، خاصة ثورات الربيع العربى؟

- لعب رجال الدين دورًا سلبيًا فى العصر الحديث للعرب، وكانوا السبب الأساسى فى التخلف، فقد افتعلوا تضادًّا وصراعًا مع العلم والتحضر، بحجة الخصوصية الدينية والاعتصام بالأصول، ثم تمترسوا بالدين ضد الغرب وحضارته واستعملوه كشوكة مدببة نحوه، لا من أجل التحرر من الاستعمار الغربى الذى أنجزته حركات التحرر بمختلف أطيافها السياسية، بل من أجل إحداث القطيعة بين العرب والحضارة الحديثة.. لقد حاول العرب الخروج من ظلام التاريخ الوسيط، لكن رجال الدين منعوا ذلك بحججهم المعروفة، وهكذا تخلفنا وفقدنا فرصة الدخول للعصر الحديث بشروطه العلمية فى بناء المجتمع والدولة أولًا، ثم التعامل مع العلم والتكنولوجيا ثانيًا، ثم بناء اقتصاد عصرى يكفل لنا تداولًا صحيحًا للثروة وتكاثرها.

أما فى الربيع العربى، فقد كان دور الإسلام السياسى مخزيًا، لقد بدأ الربيع العربى بثورات شبابية متطلعة للتغيير، فركب الإسلام السياسى موجتها واستولى على هذه الثورات بعد أن نجحت، ثم قاد الناس نحو ظلام المعتقدات والأفكار البالية، وهكذا تصارعت الشعوب مع نفسها وتدمرت الدول والمؤسسات وظهر الإرهاب والتطرف وحلّ الخراب فى منطقتنا العربية.

اهتمامك بالأسطورة وربطها بالأفكار الدينية فى بعض الأحيان.. إلى أى مدى تنطبق على بنية العقل العربى الحديث؟

- العقل العربى الحديث مازال يعيش فى الحاضنة الدينية، مع الأسف، فهو لم ينطلق من الأسس العلمية الجديدة فى الفكر، ولم يؤسس جهازًا نقديًا متطورًا ليفكك به سلطة العقل العربى الوسيط، أغلب أطروحاته كانت من داخل الدين نفسه، أى أنها أقرب إلى أفكار الإصلاح الدينى. هناك القليل جدًا من المحاولات الشجاعة والعلمية التى تصدت للماضى وحاولت بناء أسس أولية للفكر العربى الحديث، لكنها قليلة وبطيئة وغير مكتملة.

وبناءً على ذلك، فإن اهتمامى بالأسطورة وتحليلها يأتى فى سياق تخصصىّ عميق لنزع الغطاء عن الأصول الأسطورية فى الخطاب الدينى، وتحوّلها إلى عقائد راسخة ومؤسسة فيه، وهو ما يساعد على عمليات البناء العلمى للفكر العربى الحديث. يأتى ذلك من خلال آليات ومناهج علمى الأديان والأساطير (الموثولوجي)، وهذه الآليات تضىء الطريق نحو فهم الأديان والأساطير بعيدًا عن العقائديين المتعصبين دينيًا، وهو ما يفتح نافذة لحرية الفكر والعلم.

الخطاب الثقافى الذى يدعو لتجديد وتطوير الخطاب الدينى مازال يلقى هجومًا وصدى من المؤسسات الدينية.. ما تفسيرك؟

- لا ضرورة لتجديد الخطاب الدينى، ولا ضروة للإصلاح الدينى، على الدين أن يخضع للقانون وأن يترك ما لا يعنيه، هذه المحاولات إضاعة للوقت فى عصر يمر سريعًا ويطالبنا بالإنجاز الحضارى فيه، وليس من المعقول أن نقضى عقودًا فى الخطاب والإصلاح.. إذًا لنترك الدين عفويًا بسيطًا فى حياة الناس، ولنمنع سلطات رجال الدين من التدخل فى حياة الناس، لأن الإسلام لا يقبل بالوسيط بين الخالق والمخلوق، وهذه ميزة عظيمة تُحسب له بين أديان العالم كلّها. المؤسسة الدينية لا تريد أن تتخلى عن امتيازاتها الدنيوية وهيمنتها على حياة ورقاب الناس، ولذلك تجدها رافضة كل هذا الذى قلته، لكن الزمن يمرّ وستجد نفسها يومًا ما فى عزلةٍ، وسيهجرها الناس لأنها لم تشجعهم على اللحاق بالشعوب المتحضرة.

ما تقييمك للمشاريع الفكرية الكبرى التى تناولت العقل العربى ؟

- مشاريع مهمة رغم ما يشوب بعضها من أخطاء، أتمنى أن يستمر ظهور أجيالٍ جديدة من المفكرين العرب بعد هؤلاء المؤسسين، وأن تتاح حرية أكبر للحوار فيما خاف من طرحه هذا الجيل المؤسس، لابد من ثورة فكرية جديدة تتبع مشروعهم، ثورة تتناسب مع الوعى الجديد للشعوب والذى أحدثته ثورة تقنيات التواصل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية