قال محمد فائق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن جلسة استعراض الحكومة تقريرها الوطنى أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، كانت جيدة، وشهدت إشادات دولية، موضحا أن صورتنا في الخارج يجرى الترويج لها بأنها سيئة، رغم أن في ذلك مبالغة، ولا يعكس الواقع الذي نشهده.
وأضاف في حواره لـ«المصرى اليوم» على هامش مشاركته بجلسة الاستعراض بجنيف: «نقول هناك تحديات ولنا ملاحظات ولكن ليس كما يجرى الترويج لها خارجيا»، مشددا على أن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان «مسيسة».
وانتقد «فائق» ما سماه «التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية باسم حقوق الإنسان»، معتبراً إصدار بعض المنظمات تقارير للخارج فقط، والاستقواء بالخارج طوال الوقت فهذا شأن آخر ونرفضه.. وإلى نص الحوار:
■ بداية كيف تقيم عملية المراجعة الدورية وأداء الوفد المصرى للتقرير الوطنى أمام مجلس حقوق الإنسان الدولى في الجولة الأولى من عملية المراجعة الثالثة؟
- التقرير جيد وأداء الوفد كان أكثر من رائع، ولاحظنا استعدادًا من قبل الحكومة للجلسة وقبل استعراض التقرير، وظهر ذلك جليا في عقد لقاءات ومشاورات مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدنى، ونتمنى أن يستمر هذا التعاون ولا يقتصر فقط على جلسات المراجعة، لأننا نرى أن المجتمع المدنى شريك في عملية البناء والتنمية.
■ كيف جرت عملية التحضير ومشاركة المجلس؟
- من خلال التواصل مع كافة الجهات المعنية، ممثلة في المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب، ووزارة الخارجية، والتنسيق بين باق مؤسسات الدولة، والتى ضمها الوفد الرسمى، وأيضا الوفد غير الحكومى، ممثلا في ممثلى منظمات المجتمع المدنى، وشكلت حضورا قويا وأداء متميزا ظهر خلال جلسة الاستعراض ومشاركة الجميع في الحديث والردود على الأسئلة والملاحظات.
■ كيف ترى عملية المراجعة وتأثيرها على البلدان في تحسين أوضاع حقوق الإنسان؟
- تتميز عملية المراجعة بأنها واضحة ومحددة وتتطرق المناقشات إلى قضايا واضحة، وبالتالى الردود عليها من قبل الدولة صاحبة الاستعراض تكون سهلة ولا تنطلق من عموميات، والمداخلات بعيدة عن الحدة، وأقرب للنصح، وهذا ماشاهدناه في الجلسة الخاصة بمصر، فيما يتعلق بقضايا الحبس الاحتياطى، وحرية التعبير، وادعاءات الاختفاء القسرى، والتى كانت مثار تساؤلات من قبل بعض الدول، وكان الاقتراب منها بشكل ملاحظات واستفسارات.
■ مارأيك في الإشادات التي تلقاها الوفد المصرى خلال جلسة الاستعراض؟
- هذه حقيقة، كانت هناك إشادة من قبل العديد من الدول، وهو يكشف ما تضمنه التقرير من معلومات وحقائق، والعديد من الدول عبرت عن دعمها لمصر في حربها ضد الإرهاب، والذى يشكل تحديا كبيرا وتأثيرا بالغا على حقوق الإنسان في كافة صورها.
■ ما أهم وأبرز القضايا التي طرحت للنقاش وتراها تشكل نقاط التماس مع الوفد المصرى؟
- قضايا كثيرة، منها حرية الرأى والتعبير، وإطلاق حرية المجتمع المدنى، خاصة قضية التمويل الأجنبى، والتى أرى أنها تشكل أزمة يجب التخلص منها في الفترة المقبلة، وتحديدا قبل موعد الجولة الثانية للمراجعة في مارس المقبل، وكان هناك الادعاء بالاختفاء القسرى بسبب التأخر في تقديم وعرض المتهمين على النيابة، وهى قضايا يجب الأخذ بها في الاعتبار، لأنها تثير كثيرا من الاستفسارات والانتقادات ونحن في غنى عن ذلك، لأن صورتنا في الخارج يجرى الترويج لها بأنها سيئة، رغم أن في ذلك مبالغة ولا يعكس الواقع الذي نشهده، ونقول هناك تحديات ولنا ملاحظات ولكن ليس كما يجرى الترويج لها خارجيا.
■ وفقا لآلية المراجعة تقدم المجلس بتقرير مواز للتقرير الوطنى ماذا عنه؟
- تقرير المجلس تضمن العديد من الملاحظات والتوصيات، والتى نطالب الدولة بالعمل عليها في الفترة المقبلة، وهناك استجابة من الدولة لبعضها، وبعضها الآخر قيد بحث، أو جار العمل عليها، لأنها مرتبطة بتشريعات قانونية، وفى انتظار مجلس النواب الانتهاء منها، ومنها على سبيل المثال قانون الإجراءات الجنائية وتعديلاته المرتقبة.
■ حدثنا عن التوصيات والملاحظات التي تلقاها الوفد المصرى بشأن موضوعات خاصة بالشريعة الإسلامية؟
- نود الإشارة هنا إلى أن مصر رفعت تحفظاتها لعدد كبير من الاتفاقيات الدولية، وبالتالى لم يعد عدم التصديق عليها مبرر، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات المتعلقة بالشريعة الإسلامية، والملاحظة الأهم أن تلك التحفظات تشهد خلافا بين الدول العربية والإسلامية، وكل دولة ترى القضية بمنظور ووجهة نظر مختلفة، وليس عليها إجماع في بعضها، وحسب ظروف كل بلد.
■ ماتقديرك للتعامل مع مطالب التخلص من عقوبة الإعدام؟
- القضية مثار اهتمام بالغ، وأتمنى النظر إلى تلك القضية باهتمام، واعتقد أن ذلك يحدث بالفعل مؤخرا، لأن هناك قضايا كثيرة يحكم فيها على المتهم الغائب بأقصى عقوبة وهى الإعدام، ثم يخفف الحكم فيما بعد، مما يعطى تصورا غير حقيقى بأنه يتم تطبيق العقوبة بشكل واسع.
■ وما تطبيق عقوبة الإعدام في مصر؟
- لدينا ما يقرب من 70 جريمة يتم فيها تطبيق عقوبة الإعدام، وهو عدد كبير يجب تقليصه إلى أقل عدد ممكن، ولا تبقى إلا في أضيق حدود مثل القتل العمد وغيرها من الجرائم والتى تشكل خطورة على المجتمع.
■ ماذا عن استئناف المجلس لبرنامج زيارة السجون؟
- زيارات المجلس أو أي جهات أخرى للسجون، عملية ضرورية، وبدونها يكون هناك عجز للرد على ما يثار بشأن أوضاع السجون سواء داخليا أو خارجيا، لأن الهدف منها تحسين أوضاع المعيشة للمسجونين، والسجون المغلقة تثير كثيرا من الملاحظات والتساؤلات، وتشكل خطأ كبيرا ندفع ثمنه بالترويج لادعاءات مبالغ فيها فيما يتعلق بأوضاع السجون.
■ وما علاج تلك المشكلة؟
- نحن دولة قانون، ولائحة السجون يجب أن تطبق تماما، هذا هو العلاج، والنظر إلى الظروف الإنسانية لبعض الحالات، والهدف من زيارة وفود المجلس رصد مدى تطبيق لائحة السجون ومدى اتساق الأوضاع مع القانون، ما نرصده في تقاريرنا ونخاطب فيه بعدها الجهات المعنية في حال وجود أي ملاحظات أو شكاوى من البعض.
■ كيف تقيم بعض الإجراءات الخاصة فيما يتعلق بدعوة عدد من المقررين الخواص لرصد الأوضاع في مصر؟
من باب حسن النوايا نحن مع دعوة عدد من المقررين الخواص لزيارة مصر، لكن أثار تحفظنا صدور بيان قبل جلسة المراجعة الخاصة بمصر من أحد المقررين الخواص يتحدث عن وفاة الرئيس المعزول محمد مرسى، ونعتبره تقريرا وبيانا غير مهنى، لأنه بالفعل هناك تحقيق قامت به السلطات حول الوفاة، ولكن صدور البيان في هذا التوقيت أثار العديد من علامات الاستفهام.
■ كيف ترى تعامل المجتمع الدولى مع ملف مصر الحقوقى في ضوء آلية المراجعة وغيرها من أحداث؟
يكشف ويؤكد أن مصر دولة كبيرة، وهناك اهتمام دولى بها، وننظر إلى ذلك بأنها اهتمام بمصر كدولة في المنطقة ووسط العالم، ومصر على مدار التاريخ دولة منفتحة على العالم.
■ البعض يستند في ذلك إلى أن هناك ازدواجية في تعامل المجتمع الدولى مع قضايا حقوق الإنسان؟
ما نقوله إن مصر دولة كبرى، وهناك اهتمام دولى بها لا يمنع أن هناك حالة من التربص والبعض يتعامل مع قضية حقوق الإنسان بازدواجية، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، ولكن نشدد على أن مصر دولة محورية وهى مفتاح المنطقة، ولموقعها الجغرافى كما قال جمال حمدان ووصفها بـ«عبقرية المكان» فهى في بؤرة المنطقة وعلى اتصال بالجميع، وأى حدث تشهده معروض أمام العالم كله.
■ ماذا عن قضية التسييس في ملف حقوق الإنسان على المستوى الدولى؟.
- المنظومة الدولية لحقوق الإنسان «مسيسة»، التدخل في الشؤون الداخلية باسم حقوق الإنسان في منطقتنا العربية كان وما زال كارثيا، انظر إلى بلدان العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول كلها شهدت تدخلات باسم الإنسانية وحقوق الإنسان، ولكن النتائج كانت كارثية، ولو نظرنا إلى الوضع في مصر ترى تقارير تصدر وتشير إلى أن ما يحدث في سيناء هي جماعات مسلحة وليست جهادية تقوم بعمليات إرهابية تهدد أمن وسلامة المجتمع، لا يمكن أن تستقيم الأمور بهذا الشكل ووسط هذا الخلط في المفاهيم.
■ كيف ترى رؤية الدولة والإرادة السياسية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان من خلال لقاءاتك السابقة مع رئيس الجمهورية؟
- ما أستطيع أن أقوله عن لقاءات الرئيس أنها جيدة ومثمرة، والرئيس داعم لعملنا باستمرار في المجلس، وعندما التقيه يدفعنا لاستكمال رسالتنا، وأرى أن هناك رغبة حقيقية من قبل الدولة في التعاون، لأن الأصل أن منظمات المجتمع المدنى هي شريك في عملية البناء وترسيخ دولة حكم القانون.