تصدّر فيلم «الممر» قائمة محرك البحث جوجل مساء الأحد، بعد عرضه خلال احتفالات ذكرى نصر أكتوبر المجيد.
لم يمُر دور الصحفي «إحسان» الذي جسده أحمد رزق، مرور الكرام على الصحفيين، إذ ظهر خلال الفيلم بحس فُكاهي يصل لحد «السذاجة» في بعض الأحيان، الأمر الذي أثار الجدل في الوسط الصحفي، مُعتبرين ذلك بمثابة «استخفاف بدورهم».
كما انتقد نقيب الإعلاميين السابق، حمدي الكنيسي، أحد مراسلي حرب أكتوبر، أداء «إحسان» خلال الفيلم، قائلا في تصريح صحفي، إن «صناع الفيلم ابتعدوا عن الشكل الجاد للمراسل والمصور الحربي، أحمد رزق يغلب على أدائه الطابع الكوميدي، وغاب عنه التوفيق في تأدية هذا الدور، حيث لعبه بشكل فكاهي».
هل أساء «الممر» للمراسلين الحربيين حقًا؟.. «المصري اليوم» تحاول الإجابة على هذا السؤال خلال التقرير التالي:
الفدائي الزميل، عبده مباشر، الصحفى بمؤسسة الأهرام، أقدم مراسل حربي تطوع ضمن كتائب الفدائيين عام 1951، قال عن دور «إحسان»، إن «المراسل الحربي ذو مواصفات معينة ومُدرّب جيدًا على يد متخصصين في المجال العسكري والصحفي معًا، ولا يمكن لصحفي فني أو صحفي مهتم بأي مجال التحول بمثل هذه السهولة لمراسل عسكري، فإن كان غير مؤهل على المستوى المهني فعلى الأقل لابد أن يكون مؤهل نفسيًا للاستعداد للمشاهد المؤلمة التي سيراها خلال الحرب ليتمكن من نقلها دون أن تؤثر العاطفة على ذاكرته».
وأضاف «مباشر» في تصريحات لـ«المصري اليوم»: «المراسل الحربي يتم تدريبه على الأمور العسكرية، ليتمكن على سبيل المثال من معرفة اتجاهات الشظايا والطلقات النارية حتى يمكنه حماية نفسه وتأدية دوره على أكمل وجه».
وتابع «مباشر» أن تقديم الدور بهذه الطريقة يعتبر سياقا مُخالفا للواقع: «فريق العمل مبذلوش جهد عشان يعرفوا وخاضوا في ميدان ملهمش فيه».
نقابة الصحفيين
أعرب حسين الزناتي، وكيل نقابة الصحفيين، عن استيائه من الشخصية التي ظهرت في الفيلم، مؤكدًا أن غيرة الفرد على مجال عمله أمر طبيعي، ويجب وضعه في الاعتبار عند تقديم عمل فني، إذ يحدث في كافة القطاعات وليس على مستوى الصحافة فقط، والمتطلبات الدرامية للشخصية لا يجب أن تأتي على حساب الصورة المقدمة عن شخصية المراسل والمصور الصحفي المقدمة للجمهور.
وأوضح «الزناتي» أنه «إذا تمت المقارنة بين (إحسان) وبين الشخصيات الحقيقية التي عملت على تغطية وتصوير الحرب، لن نجد أي تشابه بينه وبينهم فلم يكن المراسلون الحربيون الذين غطّوا الحروب صحفيين، مثل الراحل جمال الغيطاني وحمدي الكنيسي وعبده مباشر».
واستكمل «الزناتي» أن «إحسان» لم يكن نموذجا سلبيا على مستوى الشخصية فقط، بل ظهر بشكل سيئ على المستوى المهني، فلم يكن يستخدم الكاميرا بشكل صحيح.
«حساسية زائدة»
رأت الناقدة السينمائية ماجدة موريس أن انتقاد المراسلين الحربيين لدور «إحسان» في فيلم الممر «حساسية زائدة».
وقالت «موريس» إن أحمد رزق ظهر خلال الفيلم كشخص يعيش حياة لاهية ليس لها هدف، ثم بدأ في التحول نحو الرغبة في تقديم شيء ذي قيمة، وأشارت إلى أن التحول الذي حدث للشخصية على مدار الفيلم كان أحد أهم العناصر حيث يقدم نموذجًا لهؤلاء الذين يعيشون دون هدف ولا يتحملون المسؤولية.
وأضافت «موريس» أن الشخصية غلب عليها طابع الفكاهة، وهذا يختلف تمامًا عما إذا كان الفيلم قد قدم الشخصية على أنها مراسل حربي مؤهل ومدرب جيدًا، فإذا كانت قد قدمت بهذا الشكل وغلب عليها الطابع الكوميدي لاختلف الأمر.
من جانبه، أعرب الناقد السينمائي، طارق الشناوي، في مقال نشره سابقًا في «المصري اليوم»، عن عدم ارتياحه لشخصية أحمد رزق داخل الفيلم.
وأوضح أن «الشخصية قدمت بطريقة جعلته يشعر أن وجود تلك الشخصية أداة مباشرة للتخفيف الدرامي، خاصة أنه يحمل اسم «إحسان» الذي يمكن إطلاقه على الرجل والمرأة معًا، كما أشعرته بوضع مسؤولية الضحك على كاهل أحمد رزق على مدار الأحداث».
وعن رأيه في انتقاد المراسلين الحربيين لشخصية «إحسان»، قال «الشناوي» في تصريح لـ«المصري اليوم»، إن نقده للفيلم كان من وجهة نظر فنية بحتة، لكنه لا يقبل التعميم فتقديم الشخصية وطريقة معالجتها لا تعني أن جميع المراسلين كانوا يسيرون على هذا النمط.
وتابع: «إذا تم تقديم صحفي أو قاضٍ مرتشي من خلال عمل سينمائي فهذا لا يعني أن فئة الصحفيين أو القضاة جميعًا يحملون نفس الصفات، وأكد على أن تعقيبه على الشخصية جاء من منطلق أنها محصورة ضمن الأحداث من أجل الإضحاك فقط».