توجه مئات الآلاف من الناخبين التونسيين، صباح أمس، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية الجديد من بين 24 مرشحا بينهم سيدتان، ينتمون لتيارات سياسية مختلفة، بعد تنازل مرشحين اثنين لصالح المرشح الرئاسى عبدالكريم الزبيدى، فيما من المقرر إعلان النتائج غدا الثلاثاء.
وشهدت الساعات الأولى من الصباح إقبالا ضعيفا، حيث بلغت نحو 6%، فيما ارتفعت نسبة الإقبال فى منتصف النهار إلى 16% بمشاركة واسعة من كبار السن.
ويحق لنحو 7 ملايين و88 ألف ناخب الإدلاء بأصواتهم، 49% منهم من النساء، فيما يمثل الشباب فى الفئة العمرية ما بين 18 و35 سنة نحو 35%، وفق إحصائيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وتزامن مع انطلاق الانتخابات، أمس، وفاة قرينة الرئيس التونسى الراحل الباجى قايد السبسى، الذى توفى فى 25 يوليو الماضى، وتسببت وفاته فى تقديم موعد الانتخابات حيث كان مقررا لها فى 17 نوفمبر المقبل.
وتوفيت شاذلية فرحات، أرملة السبسى، عن عمر يناهز 83 سنة، بعد نقلها إلى المستشفى العسكرى، وذلك بعد مرور 52 يوما على وفاة زوجها الرئيس السابق، حسبما أعلن ابنها حافظ قايد السبسى على صفحته على «فيسبوك».
وفتحت أغلب لجان الاقتراع أبوابها فى الثامنة صباحا، حتى السادسة مساء، فيما فتحت نحو 242 مركزا أبوابها فى العاشرة صباحا، وأغلقت فى الرابعة عصرا فى الولايات الحدودية بالقصرين وقفصة والكاف وسيدى بوزيد، حيث تتركز أغلبها فى المناطق الجبلية، وذلك لأسباب أمنية، وفقا لما أعلنه رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون، فى مؤتمر صحفى فى قصر المؤتمرات بتونس العاصمة.
وأشار بفون إلى أن الهيئة خصصت 4 آلاف و326 مركز اقتراع، تضم 13 ألفا و115 مكتب تصويت، وخصصت 30 ألف مكتب اقتراع موزعة على 4567 مركز اقتراع فى الداخل و3030 فى الخارج، فيما وفرت الهيئة اعتمادات لنحو 13 ألف مراقب محلى ودولى.
وقال بفون إن الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية ستكون فى 29 سبتمبر أو 6 أكتوبر إذا حصلت طعون فى الدور الأول، أو 13 أكتوبر فى حال تسجيل حالات استئناف.
ونشرت وزارة الداخلية نحو 70 ألف عنصر من قواتها لتأمين الانتخابات، مشيرة فى بيان إلى أن 50 ألفا منها أوكلت لهم مهام تأمين كافة المقار الانتخابية والمواقع ذات الصلة بالانتخابات، فضلا عن حماية المرشحين والناخبين والمراقبين المحليين والدوليين، وتأمين نقل المواد الانتخابية وصناديق الاقتراع فى مختلف مراحلها، فيما تم تكليف »أكثر من 20 ألف فرد أمنى لضمان الأمن والاستقرار وحماية الممتلكات العامة والخاصة ومكافحة الجريمة بمختلف أنواعها بالإضافة إلى تأمين الحدود، والمقار الدبلوماسية، وتم تخصيص «159 فريقا من الوحدات المختصة فى مكافحة الإرهاب بكامل ولايات الجمهورية مدعوما بطائرات مروحية».
ولم تخل بطاقات الاقتراع من اسمى المرشحين محسن مرزوق وسليم الرياحى، اللذين أعلنا تنازلهما أمس الأول فى وقت الصمت الانتخابى لصالح المرشح الرئاسى عبدالكريم الزبيدى، حيث قالت عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حسناء بن سليمان، إن قانون الانتخابات ينص على أن انسحاب أى مرشح من السباق الانتخابى لا يكون له أى أثر بعد الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، والتى تمت منذ 31 أغسطس الماضى.
وأشارت بن سليمان إلى أن بطاقات الاقتراع تم توزيعها على كافة بلدان العالم، ولا تتغير بالانسحابات السياسية، مشيرة إلى احتمال أن يصوت بعض الناخبين للمرشحين اللذين أعلنا تنازلهما، قائلة لن يؤثر ذلك على طريقة احتساب الأصوات، لكن الأثر الوحيد على العملية هو أثر سياسى بحت لكن من الناحية القانونية والانتخابية ليس له أى تداعيات.
ميدانيا، سجل مراقبو الاتحاد العام التونسى للشغل عددا من التجاوزات، وفقا لما قاله سامى الطاهرى، عضو الاتحاد فى تصريحات صحفية، مشيرا إلى أن الدائرة الانتخابية بمدينة قفصة شهدت احتجاج عدد من الناخبين ضد حزب معين كان قد وعدهم بمبالغ مالية، دون أن يذكر اسم الحزب، فيما أشار إلى أن الإقبال العام على الاقتراع متوسط ودون المتوسط خاصة فى صفوف الشباب.
ونشر الاتحاد على صفحته الرسمية على «فيسبوك» تجاوزا وصفه بأخطر التجاوزات فى إشارة إلى وجود أوراق فى مركز «البياض ببرقو» فى ولاية «سليانة» عليها علامة واضحة فى إحدى الخانات على استمارات توجيه الناخبين، ما يمثل توجيها لأشخاص بأعينهم، فيما تم سحبها وتحرير محضر فيها».
وأثناء عملية التصويت، قال الرئيس التونسى المؤقت محمد الناصر، إن ارتفاع نسبة التصويت سيمثل تعزيزا للوحدة الوطنية ودعما للثقة فى المستقبل، وسيؤكد للعالم بأسره مضى البلاد فى ترسيخ مسارها الديمقراطى.
جاء ذلك عقب الإدلاء بصوته فى مركز اقتراع فى ناحية سيدى بوسعيد، ودعا التونسيين لاختيار من يرونه جديرا بثقتهم، مؤكدا أن قيم الجمهورية ومبادئ الدستور تنص على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب، مما يجعل من الانتخاب حقا وواجبا.
ودعا المرشح الرئاسى، يوسف الشاهد، التونسيين إلى المشاركة فى الانتخابات «حتى لا يتركوا لغيرهم تحديد مصيرهم بدلا عنهم، وأضاف عقب الإدلاء بصوته أمس فى مركز اقتراع بناحية المرسى قرب العاصمة «نحن فخورون بهذا الحدث الكبير الذى تتابعه دول العالم ورأوا شفافية وسلاسة العملية الانتخابية».
وقال المرشح الرئاسى عن حزب حركة النهضة (إخوان تونس)، عبدالفتاح مورو، أثناء الإدلاء بصوته فى مركز الاقتراع بمدينة المرسى شمال تونس العاصمة: «أتمنى أن يتحول الشعب إلى صاحب قرار نهائى، وأن يفهم الجميع أن السلطة أصبحت بيده».
وأضاف: «أنا سعيد بأداء هذا الواجب الدستورى والقانونى، وأصبح من حقى وحق أمثالى الذين حرموا منه سابقا، بموجب ثورة مات فيها عدد من الشباب وجرح فيها العدد الآخر، وأنا سعيد أيضا بالعيش فى تونس، هذا البلد الذى استطاع أن يحقق مسارا ديمقراطيا مرموقا من العالم، واستطاع أن يقيم وئاما وطنيا بين أفراده».
وأوضح أن الانتخاب هو شكل من أشكال إزالة البغضاء بين المواطنين، لأن الاحتكام إلى الرأى العام هو الذى ينبغى اتباعه.
وقال رئيس حزب حركة النهضة (إخوان تونس)، راشد الغنوشى، يجب أن يفخر التونسيون بأنفسهم وأن يعتزوا بما حققته ثورتهم، وأن يترحموا على شهداء ثورتهم، وأن يحافظوا على الحرية، جاء ذلك عقب ادلائه بصوته فى مدينة بن عروس، جنوب العاصمة قرطاج، مضيفا بأن مشاهد الانتخابات لا مثيل لها فى أى بلد عربى آخر.
وقالت المرشحة عن حزب الأمل، وزيرة السياحة السابقة، سلمى اللومى، إن عملية الاقتراع تتم فى مناخ ديمقراطى، يختار فيها الشعب التونسى الشخصية التى يريدها والأقرب إليه، جاء ذلك عقب الادلاء بصوتها فى مركز اقتراع بمدينة نابل.
وقال المرشح الرئاسى محمد عبو «إن الانتخابات شوهها المال السياسى، وغابت عنها الشفافية، جاء ذلك عقب إدلائه بصوته فى منطقة الوردية بالعاصمة قرطاج، مضيفا أنه سيحترم ما تفرزه صناديق الاقتراع، فيما اعتبر أن ضعف نسبة المشاركة فى الساعات الأولى يعكس انتشار الأنانية فى المجتمع».