طالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بسرعة محاكمة المتهمين والمشتبه بهم في جرائم قتل وإصابة المتظاهرين خلال أحداث الثورة، وتسريع وتيرة التسويات المتعلقة بالتعويضات لأسر الضحايا، وإعطاء الأسبقية لمعالجة المصابين، وسرعة تحويل الحالات الحرجة للعلاج، سواء في الداخل أو الخارج على نفقة الدولة، وتوفير الأجهزة التعويضية أو الوقائية للذين فقدوا بعض أعضائهم أو حواسهم أثناء الاعتداءات.
وأوصى المجلس في تقرير لجنة تقصى الحقائق حول أحداث مسرح البالون وميدان التحرير، يومي 28 و29 يونيو الماضي، الذي أعلنه، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، بضرورة عمل برامج تأهيل نفسى للمصابين في أحداث الثورة، والتوسع في برامج الرعاية الاجتماعية لأسر الضحايا، وتسريع وتيرة العمل على «إزالة أوجه الالتباس في التوجه السياسى للدولة، وتهيئة المناخ المناسب لتشكيل مؤسساتها».
وشدد التقرير على أهمية دعم جهود الدولة في إعادة دور الشرطة لأداء واجباتها المهنية، ووضع حد لحالة الانفلات الأمنى، وأكد أن اللجنة اكتشفت خلال تفقدها المستشفيات شعور القائمين عليها من أطباء وهيئة تمريض وإداريين بالخوف، جراء تعرض المستشفيات في مثل هذه الظروف الاستثنائية، لاعتداءات من خارجين على القانون، يستهدفون ملاحقة المصابين، أو الحصول على المواد المخدرة، أو علاج مرافقيهم أولا، قبل الحالات الحرجة، أو محاولة انتزاع تقاير طبية غير مطابقة للحقيقة.
وأشار التقرير الذى شارك في إعداده جورج إسحق، وحافظ أبوسعدة، وعمرو حمزاوى، وناصر أمين، ومحسن عوض، أعضاء لجنة تقصى الحقائق، وعدد من الباحثين، إلى أن اللجنة عاينت مواقع أحداث الثلاثاء، بدءًا من مسرح البالون، وماسبيرو، وحتى ميدان التحرير، ومخارج الميدان باتجاه وزارة الداخلية، والتقت شهود عيان، وزارت المستشفي الميداني، ومستشفيات أحمد ماهر التعليمى، والمنيرة وقصر العينى، التى استقبلت المصابين، وتواصلت مع وزارة الصحة لبيان الأرقام الخاصة بالإصابات، وطبيعتها، والتقت أسر ومحامى بعض المعتقلين أثناء الأحداث، وراجعت البيانات الرسمية والتحليلات الإعلامية المختلفة عن مسار الأحداث وأبعادها.
ورصد التقرير تطور الأحداث وفقاً لشهادات الشهود، مشيرا إلى أن إحدى الجمعيات الأهلية نظمت حفل تكريم لبعض أسر الشهداء بمسرح البالون بالعجوزة مساء 28 يونيو الماضى، وفوجئت بأعداد كبيرة من المواطنين يرغبون في الدخول، وتم إخطارهم بأنه لابد من وجود دعوات، لكنهم أصروا على اقتحام المكان، فنشبت مشاجرة مع مسؤولى الأمن بالمسرح، فقام بعضهم بتخريب مرافق المبنى قبل أن تفرقهم الشرطة، فاتجه بعضهم إلى موقع اعتصام أسر الشهداء أمام ماسبيرو، وبالاستفسار من بعض المعتصمين وعددهم –حسب التقرير– نحو 70 شخصا، أفادوا بأن بعض الأشخاص حضروا إليهم ودعوهم للانتقال إلى ميدان التحرير حيث تسير مظاهرات لدعم مطالب أسر الشهداء في محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم قتل الشهداء، ولدى انتقالهم إلى الميدان شهدوا مصادمات بين الأمن والمتظاهرين.
وقال التقرير: «بالاستفسار من بعض أصحاب المحال في شارع نوبار، أفادوا بتوجه أعداد غفيرة من المتظاهرين باتجاه محال رئيسية في الشارع، وتخريب عدد من السيارات أثناء تقدمهم، وحاول بعض أصحاب المحال التصدي للمتظاهرين بالتعاون مع قوات الأمن».
ولفت التقرير إلى انتشار الحجارة وكسر الرخام والزجاج في مساحات كبيرة في منطقة الأحداث، وأشارت شهادات إلى «تكديس أكوام من الحجارة في اليوم السابق للأحداث، وخاصة في الشوارع التي شهدت المظاهرات» حسب تقرير اللجنة.
ولفت التقرير إلى استخدام قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع بكثافة لتفريق المتظاهرين، واستخدام طلقات الخرطوش، والرد على المتظاهرين رشقاً بالحجارة. فيما أكد التقرير أن أحد باحثي المجلس رصد إطلاق نحو 100 قنبلة مسيلة للدموع على المتظاهرين خلال ساعتين.
ونوه التقرير أنه لم يصل إلى علم المجلس وقوع أي وفيات، فيما بلغت أعداد المصابين، وفقاً لوزارة الصحة، 1140 مصاباً بينهم أكثر من 70 رجل شرطة والباقي من المتظاهرين، وأوردت شهادات الشهود العديد من الروايات منها أن شائعة سرت باعتقال 7 أشخاص واقتيادهم إلى مقر وزارة الداخلية، وأخرى أفادت مقتل محتجز جراء التعذيب داخل الوزارة، حفزتا توجه المتظاهرين إلى مبنى الوزارة.
خلص التقرير إلي أن الأحداث نشبت «في سياق مشحون بالاحتقان على خلفية بطء إجراءات محاكمة المتهمين في جرائم قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، وشعور المصابين وأسرهم بعدم اهتمام الدولة والمجتمع بأوجه المعاناة التى يعيشونها، فضلا عن الشعور السائد بالقلق من جانب المجتمع تجاه مسار تحقيق أهداف الثورة والتباس المسار السياسى، ما يخلق بيئة صالحة لشيوع الاضطراب في المجتمع».
وانتقد التقرير «تربص فلول النظام السابق لاسترداد مواقعهم من خلال الانتخابات القادمة، وما أنزله قرار محكمة القضاء الادارى بحل المجالس المحلية من تحد لهذا التوجه».
وأكد التقرير استخدام الشرطة المفرط للقوة عن طريق إلقاء القنابل المسيلة للدموع، على نحو أحدث كثيراً من حالات الاختناق، ولاحظ أحد باحثى اللجنة إطلاق ما يقرب من مائة قنبلة مسيلة للدموع في أقل من ساعتين، وبفحص نوعية بعض الفوارغ تبين أنها من طرازات 518 ، و501 ، و560 ، و350 مشيرا إلى أن الشرطة لم تستخدم الرصاص الحى أو المطاطى.
وردا على سؤال لـ «المصرى اليوم» حول نفي التقرير رصده حالات إطلاق مطاطى في الوقت الذى أكدت فيه تقارير حقوقية صدرت بالتزامن مع تقرير المجلس على وجود إصابات وجرحى نتيجة إطلاق الرصاص المطاطى، أكد حافظ أبوسعدة، عضو المجلس، أن اللجنة لم ترصد إطلاق رصاص حى، بل رصاص خرطوش، منتقدا «حالة العبث التى تشهدها محاكمات قتلة المتظاهرين، وكشف أن كل الأدلة التى تستند إليها التحقيقات الصادرة من الطب الشرعى في مواجهة قيادات الشرطة قد تدفع إلى براءتهم في القريب العاجل، لما بها من ثغرات قانوينة قد تستغل لصالحهم».
وانتقد الدكتور عمرو حمزاوى، عضو اللجنة، استمرار إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، رافضا وصف جميع المعتقلين في أحداث التحرير ومسرح البالون بالبلطجية، لأنهم يمثلون أسر الشهداء، وطالب بسرعة إنهاء محاكمة المتورطين في قتل ذويهم.