تنتظر السودان مرحلة سياسية جديدة ستنطلق فور توقيع وثيقة الإعلان الدستوري، التي أعلن رئيس لجنة الوساطة الأفريقية، محمد حسن ولد لبات، مساء الجمعة، التوصل إلى اتفاق كامل بشأن كل بنودها بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير.
ومهدت لهذا الاختراق في المفاوضات اجتماعات بين لجان فنية قوامها الأساسي من قانونيين، لحسم نقاط خلافية تركزت حول تبعية بعض المكونات العسكرية والأمنية ومفوضيات، ستؤسس في المرحلة الانتقالية، فضلًا عن مصير «وثيقة السلام»، التي اتفقت عليها في أديس أبابا قوى الحرية والتغيير مع «الجبهة الثورية»، التي تضم بعض الحركات المسلحة.
وبعد جولتين من التفاوض المباشر بين المجلس العسكري و«الحرية والتغيير»، في حضور الوساطة الأفريقية، أُعلن التوصل إلى اتفاق حول «الوثيقة الدستورية» يرسم ملامح المرحلة الانتقالية كاملة: سلطاتها، اختصاصات كل سلطة، تشكيلها، والعلاقة بين كل منها، وصولا إلى الهدف النهائي المتمثل في سن دستور دائم يُحدد شكل الحُكم في السودان، وإجراء انتخابات عامة وفقًا لهذا الدستور.
وتترقب الأوساط السياسية والشارع السوداني إعلان موعد التوقيع على الوثيقة الدستورية، ليكتمل اتفاق الأطراف السودانية على شكل إدارة المرحلة الانتقالية، بعد توقيع طرفي التفاوض على الاتفاق السياسي، 17 يوليو الماضي.
وتجتمع، السبت، لجنة فنية مشتركة من الطرفين، لضبط الصياغة النهائية لوثيقة الإعلان الدستوري، والاتفاق على موعد التوقيع عليها، فضلًا عن الأمور المتعلقة بمراسم التوقيع على تلك الوثيقة المهمة.
وسيكون شكل الحكم في المرحلة الانتقالية أقرب إلى نظام برلماني- رئاسي مُختلط، إذ يُنتظر تشكيل «مجلس سيادي» وحكومة انتقالية، لكل منهما صلاحيات مُحددة، وإن كانت اليد الطولى في تسيير شؤون الدولة للحكومة المدنية.
ووفقًا للإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، سيتم حل المجلس العسكري الانتقالي، ليحل محله المجلس السيادي، المكون من 11 عضوًا، 5 من العسكريين و5 من المدنيين، وعضو مدني يُختار بالتوافق بين الطرفين.
وتتولى قوى إعلان «الحرية والتغيير» منفردة تشكيل الحكومة المدنية، إذ ترشح اسم رئيس الوزراء، ويُصدر المجلس السيادي قرارًا بتعيينه، ثم تُقدم له «الحرية والتغيير» ترشيحاتها بأسماء الوزراء، ليختار من بينها طاقمه الوزاري.
ووفقًا للاتفاق بين الأطراف السودانية، تتولى شخصية عسكرية رئاسة المجلس السيادي فور تشكيله ولمدة 21 شهرًا، ثم تنتقل الرئاسة إلى شخصية مدنية لمدة 18 شهرًا، يُفترض بعدها أن تكون مرحلة الحكم الانتقالي قد انتهت، وتشكلت مؤسسات الحكم وفقًا لدستور دائم.
ويتولى «المجلس السيادي» و«مجلس الوزراء» سلطة التشريع مؤقتا لحين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، الذي ذكرت قوى «الحرية والتغيير» أنها ستستأثر بنسبة 67% من مقاعده.
ولن يكون المجلس التشريعي في المرحلة الانتقالية مُنتخبًا، لكن ستعينه القوى السياسية بنسب مُتفق عليها، على أن يُراعى فيه تمثيل كافة فئات المجتمع، وفور تشكيله ستؤول له سلطات التشريع.
وستُشكل بالتوازي مفوضيات عليا، معنية بسَنّ قانون للانتخابات وكتابة مشروع لدستور دائم، يُستفتى عليه الشعب السوداني، قبل أن تُجرى انتخابات عامة وفقًا لهذا الدستور، ونظام الحكم الذي سيقرره لتنتهي المرحلة الانتقالية بتشكيل مؤسسات الدولة، ليبدأ السودان عهده الجديد.