ربما يتوقف تاريخ القضاء أمام الأول من يوليو 2011، ليسجل تولى أحد أبرز رموز ما يسمى «تيار استقلال القضاء المصرى»، رئاسة محكمة النقض، ورئاسة مجلس القضاء الأعلى، خلفا للمستشار سرى صيام الذى بلغ سن التقاعد فى السلك القضائى (70 عاما)، إنه المستشار حسام الغريانى، واحد من «الصقور داخل القضاء»، تعبيرا عن مواقفه القوية والصلبة تجاه التدخلات الحكومية، أو محاولات النيل من استقلال القضاء أو كرامة القضاة.
«القاضى» حسام الغريانى، كما يحب أن يُلقب، امتلك من المؤهلات العلمية والمهنية ما يضعه فى مصاف قضاة مصر والعالم العربى فى عصرنا الحالى، «الغريانى»، الذى تعول عليه آمال كبيرة فى تفعيل عمل مجلس القضاء الأعلى ودفعه بقضية استقلال القضاء إلى صدارة المشهد خلال الفترة المقبلة. مَن يقترب منه يعرف صلابته فى مواقفه، لا يخاف فى الحق لومة لائم. هو أحد القضاة القلائل الذين قالوا للغولة: «عينك حمرا»، عـندما كانت الغولة متغولة وقوية، فهو من أصدر حكما ببطلان الانتخابات فى دائرة الزيتون، الفائز فيها زكريا عزمى، وتم رفع الحكم إلى المحكمة الدستورية العليا التى قررت تطبيق قاعدة قاض على كل صندوق قبل أن يتم التراجع عنها فى الانتخابات الأخيرة (نسخة 2010).
نظرة إلى مواقف «الغريانى» وأحكامه قد تساعد فى فهم حالة الارتياح التى قابلتها غالبية القضاة عند تعيينه، ربما يعود ذلك إلى بساطته غير المتكلفة، وثرائه العلمى والمهنى، إضافة إلى مواقفه التى لا تقبل الجدال، يكفى أن تعرف أن «الغريانى» من أوائل من منعوا تصوير الجلسات فى كل الدوائر التى ترأسها، مكتفيا بمتابعتها صحفيا وعبر الرسومات المعبرة.
يتناقل شباب القضاة الحكايات فى جلساتهم عن مشاركة «الغريانى» وآخرين من رموز القضاة أول اعتصام للقضاة فى تاريخهم عام 2006 والذى استمر حوالى الشهر، احتجاجا على إحالة المستشارين هشام البسطويسى ومحمود مكى للصلاحية بتهمة الكلام عما وصف بتزوير الانتخابات البرلمانية فى 2005.
«يكفى أنه صاحب أول وقفة احتجاجية قبل الثورة».. هكذا وصفه المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، متحدثاً عن الوقفة الاحتجاجية التى شهدها نادى قضاة الإسكندرية، للمطالبة باستقلال القضاء، بناء على طلب «الغريانى». وتوقع «الخضيرى» أن يرى قضاة مصر على يديه الكثير من مظاهر الاستقلال، مشدداُ على أن «الغريانى» سيعمل على وضع قانون السلطة القضائية من أول يوم عمل. إلا أنه تمنى أن تتم إقالة وزير العدل، لأنه غير متجاوب مع الثورة، حتى لا يؤثر على أداء رئيس مجلس القضاء الأعلى.
المستشار أحمد مكى، عضو مجلس القضاء الأعلى السابق، وصف المستشار حسام الغريانى بأنه «صورة مثالية للقاضى فى التزامه وسلوكه وأدائه». يحكى «مكى» الذى يتحدث عن رفيق فى طريق المطالبة باستقلال القضاء، قائلاً إن الغريانى كان مقرر عام مؤتمر العدالة الأول عام 1986، بجانب مشاركته فى وضع مشروع قانون السلطة القضائية عام 1990. وأكد «مكى» أن «الغريانى» كان الداعى إلى الوقفة الاحتجاجية فى 2006، بمبادرة شخصية منه، وقال إنه على استعداد لأن يقف فيها وحيداً.
ولفت «مكى» إلى أن «الغريانى» كان عضوا فى لجنة مشروع قانون السلطة القضائية الذى أقره النادى فى عام 2005.
«الغريانى» الذى كتب تقريراً عن تزوير الاستفتاء على تعديل المادة 76 فى عدد من الصحف، يقول عنه «مكى» إنه «فخر لقضاة مصر أن يكون حسام الغريانى رئيساً لمحكمة النقض، ومجلس القضاء الأعلى».
من جانبه، قال المستشار زغلول البلشى، نائب رئيس محكمة النقض، إن المستشار حسام الغريانى، «قضى عمره مهموماً باستقلال القضاء المصرى»، مشدداً على أن قضاة مصر كانوا ينتظرون تولى «الغريانى» رئاسة مجلس القضاء الأعلى. ولفت «البلشى» إلى أن ما يرجوه للقضاء، أن يحقق الله «ما يتمناه الغريانى للقضاء المصرى».
واستبشر المستشار حسن النجار، رئيس نادى قضاة الشرقية، خيراً بتولى المستشار حسام الغريانى، رئاسة مجلس القضاء الأعلى، متوقعاً أن يحصل القضاء المصرى على استقلاله فى عهده، بجانب تأسيس دولة قانون تنطلق من محكمة النقض.