كانت تتردد عليهم بشكل دائم، تعيش معهم ليل نهار، حين رن هاتفها مساء الخميس الماضى، لاحظوا ارتباكها وارتعاش يديها، وحين مضت رنا مصطفى، 42 سنة، لتقابل المتصل عليها، صحوا في اليوم التالى على ضجيج أصوات سارينة الشرطة، التي قطعت هدوء منطقة مساكن النيل في السلام: «إلحقوا الست أم سارة لقت رنا مقتولة داخل شقتهما»، يحكى جمال فتحى، مالك كوافير «أم مريم»، وزوجته أم حسام، بداية الواقعة بالعثور على جثة المجنى عليها، ليؤكدوا: «المتهم شاب عنده 24 سنة، واتخانق مع رنا وضربها بسكين 12 طعنة ومثل بجثتها، لأنها نصبت عليه في فلوس»، وهى الرواية التي تطابقت مع تحقيقات النيابة العامة وتحريات أجهزة الأمن. «رنا كانت بتيجى كل يومين أو 3 أيام تعمل شغل عندنا، حتى صار الناس يظنون أنها تعمل معنا في الكوافير»، حسب «جمال»، فإن رنا كانت تقول إنها تعمل سكرتيرة بإحدى شركات العقارات في الشروق، وقبل عامين تركت منزل زوجها في كفر الشيخ، وجاءت للمنطقة لتقيم رفقة «شيماء. م»، وابنتها سارة، بالشقة التي شهدت مقتلها.
يوم الجريمة، كانت «رنا» تصفف شعرها بالكوافير، وبعد أن رن هاتفها، لاحظت أم حسام، ارتباك زبونتها ورغبتها في الانصراف حتى قبل انتهاء الشغل: «كانت عاوزة تمشى على طول من غير ما تغسل شعرها»، لتسمع صاحبة الكوافير المجنى عليها تقول للمتصل عليها: «إنت جيت لحد هنا، حصلت تيجى لحد البيت»، وبعد دقائق توجهت المجنى عليها إلى موقف سيارات ميكروباص، إذ قالت قبل مغادرتها الكوافير: «هروح الموقف أجيب شخص أعرفه».
في الخامسة فجرًا، فوجئ هشام خالد، وزوجته، بطرق 3 أمناء شرطة باب شقتهم، ويخبرون الزوجين: «إحنا حراسة على الشقة اللى قدامك»، وبسؤالهما عما حدث، أجاب الشرطيون: «فى جريمة قتل هنا». استغرب الزوجان والجيران بالعقار محل الجريمة، سلوك أم سارة صديقة المجنى عليها، والتى تقيم معها، إذ أنها لم تصرخ وتستغيب بهم، توجهت على الفور إلى قسم الشرطة: «الست أم سارة كانت اللغز، وفعلاً يوم الجريمة غابت وابنتها عن الشقة، وجاءتا فجر الجمعة»، وتبين فيما بعد أن أم سارة تعرف بابتزاز المجنى عليها لأحد الأشخاص، وتستولى على أمواله، لذا قتلها. لم يعرف الجيران شيئا عن المجنى عليها سوى أنها تعمل كوافيرة أو تتردد على كوافير «أم مريم» بصورة دائمة، ويعرفون أنها حضرت إلى شقة أم سارة لتقيم معها منذ 6 أشهر، وأن الأخيرة استأجرت الشقة قبل عامين، من سيدة تُدعى «أم أسامة»، والتى قالت: «عمرى ما شوفت المجنى عليها، ومعرفتهاش غير لما اتقتلت». سجلت كاميرا مراقبة الكوافير توقيت خروج «رنا» من الكوافير تمام الـ6.5 مساءً، وحين توجهت إلى موقف الميكروباص لإحضار شخص تبين أنه المتهم ويُدعى «محمود.ع»، 24 سنة، عادت بعد نصف ساعة، ورصدت كاميرات مراقبة كشك بيع حلوى وسجائر تمتلكه سيدة تُدعى «أم هبة»، دخول المجنى عليها العقار، توضح مالكة الكشك أن فريق البحث الجنائى تحفظ على الكاميرات.
تحول محل الكوافير لثكنة عسكرية، وشهد استجواب مالكيه والعاملين به، وقاطنة الشقة أم سارة وابنتها، ولفيف من الجيران، إذ أخبر مالكو الكوافير الشرطة بأن المجنى عليها هجرت بيت زوجها من حوالى 6 أشهر، كما قالت لهم، وهى من محافظة كفر الشيخ، وأقامت دعوى خلع ضد زوجها وتم الطلاق قبل أسبوع من الجريمة، وتركت أولادها الثلاثة، أكبرهم «أحمد»، طالب جامعى، وكانت تخبرهم بأنها تعيش ببيت «عيلة» وكرهت العيشة هناك، وأنها تعمل بشركة عقارات، وحين يسألونها على عنوانها تتوه الكلام، كأنها لا تريد أن يعرف أحد عنها شيئا. وقبل 10 أيام، فوجئ العاملون بالكوافير بدخول رنا، ويديها بها مصوغات ذهبية «دبلة ومحبس»، وقالت لهم: «أنا اتخطبت»، وقبل يومين من الجريمة، أخبرتهم: «فركشت خلاص»، إذ سمعتها أم حسام، مالكة المحل، تقول لخطيبها وهو صحفى: «خلاص انتهى اللى ما بينا». لاحظ جمال، مالك الكوافير، ارتباك زبونته «رنا»، فخلال الفترة الأخيرة كانت تدخن بشراهة، وأعصابها مشدودة دائمًا، وتزعق لأشخاص في التليفون، ليكتشف المفاجأة أنها نصبت على شخص تبين فيما بعد أنه المتهم: «مالكش عندى فلوس». وقالت أم سارة، صاحبة البلاغ، إنها تعمل بمجال الحجامة النسائية، وأغلب الوقت تغيب عن المنزل، وحضرت المجنى عليها للإقامة معها بعدما تركت منزل عائلتها، وأن الأخيرة لها علاقات غير منضبطة «نصابة». حين عاينت الشرطة مسرح الجريمة، تبين أن المجنى عليها مُصابة بـ12 طعنة وذبح حول الرقبة، ولا توجد آثار بعثرة بالشقة، وبعد القبض على المتهم في محافظة دمياط، قال: «كنت عاوز أنتقم منها.. أخذت فلوسى كل شوية 10 و20 ألف جنيه، أصلها ابتزتنى بصور لى بمكان مشبوه».