نسج العنكبوت خيوطه الرفيعة على جدران منزلهم ليكون لهم صاحبًا، وانتشرت الحشرات على وقع الرائحة الكريهة «بول وبراز» التى عبأت الأرجاء فى شقتهم المتواضعة المكونة من غرفة واحدة تقع فى الدور الأرضى والتى شهدت جريمة قتل ربة منزل لحماها.
وتقطن الشقة حاليًا سيدتان، إحداهما امرأة مُسنة وابنتها شابة فى العشرينات من العمر، الأولى، والدة المتهمة التى اعترفت بأنها رطمت رأس المجنى عليه، 80 عامًا، مرات عدة فى الحائط قائلة: «زهقت من كتر طلبات حمايا، وتبوله الدائم على نفسه»، والثانية، شقيقة المتهمة. كان الطفل «آدم»، عام ونصف العام، ابن المتهمة، وحفيد المجنى عليه، يلهو داخل الشقة، ولم يدر بتفاصيل الجريمة التى وقعت أمامه، تقول جدته لأمه وشقيقة المتهمة، إن المجنى عليه كان يحبه ويتواصل معه رغم عدم قدرة المجنى عليه على الحركة أو النطق.
مساء الأربعاء الماضى، عادت سلمى ممدوح، شقيقة المتهمة، من عملها فى منطقة بولاق الدكرور، ساعدت شقيقتها المتهمة «إيمان» فى تبديل ملابس حماها «زاهر عبدالغنى» وتحميمه، بعد نحو دقائق لفظ الرجل الثمانينى أنفاسه. وقالت «سلمى»: «لم نر شقيقتى تضرب حماها وترطم رأسه فى الحائط»، وتشير إلى أنها أثناء خلعهما ملابس الرجل المُسن اكتشفت جرحًا قطعيًا برسغ يده اليسرى، فسألت أختها: «مين جرح حماك بيده؟»، فأجابتها المتهمة: «كان يشرب مياهًا غازية بكوب زجاج، وجرحت يده بعد كسر الكوب».
لم تهتم «سلمى» بحديث الأخت، أفزعها شهيق الرجل المُسن: «كان قاعد على الكرسى بعد تحميمه، وأطلق شهيقًا عاليًا وخرجت روحه إلى بارئها». وتضيف أنها اتصلت بـ«على»، ابن المجنى عليه، وحضر من بورسعيد، حيث مسقط رأسه، فى تمام الـ4 فجرًا، وعندما أحضر المغسل وطبيبًا ليوقع الكشف على جثمان المجنى عليه، قال إن هناك شبهة جنائية وراء الوفاة: «إصابة برسغ اليد اليسرى، وسحجات بالجبهة».
تؤكد شقيقة المتهمة أنها لم ترَ السحجات الموجودة بجبهة المجنى عليه وقت مساعدة أختها فى تحميم الرجل: «ممكن تكون أختى ضربته دون أن أراها»، لتشير إلى أنها دائمًا ما كانت توصى «إيمان»، شقيقتها المتهمة، على حُسن معاملة حماها: «الرجل فى منزلة والدنا وهو أمانة عندنا».
على سرير معدنى، بحجرة نوم معتمة، ليس بها أى إضاءات، تجلس فاطمة عثمان، والدة المتهمة، تقول إنها تعمل فراشة بإحدى المدارس الحكومية، ويوم الجريمة حضرت فى الساعة 5 مساءً، وغيرت بنفسها للمجنى عليه «بامبرز»: «كنت بأغير له مرتين فى اليوم»، وعندما تبول الرجل على نفسه، توجهت «إيمان» لتحميمه بمعاونة شقيقتها، وتوفى الرجل أثناء ذلك: «والله ما أعرف بنتى ضربته وقتلته ولا لأ.. المباحث استجوبتنى وابنى وبنتى مع المتهمة، وفى النهاية تحفظوا عليها».
وأضافت الأم، البالغة من العمر 63 سنة، أن «زاهر» - المجنى عليه، طرده أولاده: «زوجات أولاده الرجال رفضن استقباله.. ورفضت بناته العيش عندهن»، وجاء الرجل الثمانينى ليعيش معهم بشقتهم ببولاق الدكرور، بعد حبس «فوزى» ابنه، زوج إيمان المتهمة.
وتابعت: «خلال الفترة التى عاشها (زاهر) رفقة عائلة زوجة ابنه ببولاق، كانت تعامله معاملة حسنة، وهو لم يكن يستطيع الحركة والنطق ولما كان يطلب يأكل أو يشرب، ممكن يمسك طبق أو كوب ليشير إلى طلبه».
«يا إيمان لو لم تتحملى طلبات حماك، نرجعه لأهله».. قالت فاطمة، إنها كانت ترى عبء الرجل المُسن على ابنتها المتهمة، ورغم ذلك كانت ترفض الأخيرة عودته لأولاده، وفى النهاية انتهى الأمر بمأساة: «بنتى اتحبست بتهمة قتل حماها».
على مرتبة قطنية حولها قاذورات وتفوح منها رائحة كريهة، وجد «على»، نجل المجنى عليه، جثة أبيه، عندما حضر لتسلم الجثمان لدفنه، بعدما تلقى اتصالاً من أسرة زوجة أخيه المتهمة، مفاده: «تعال أبوك مات وهو بيستحمى».
أحضر نجل المجنى عليه، كما يروى، طبيبًا ومغسلاً اكتشفا أن وراء الوفاة شبهة جنائية، إذ سألوا المتهمة إيمان عن الجرح الموجود بسرغ اليد، فقدمت رواية لم تقنعه، فأبلغ الشرطة واعترفت المتهمة بالجريمة، خاصة أنه اكتشف قبل فترة اعتداء المتهمة على والده، مؤكدًا أنها دائمًا تعذبه: «ضربته على دماغه وتسببت له فى جرح».
وروى ابن المجنى عليه أنهم لم يتخلوا عن والدهم ليعيش مع أسرة المتهمة: «اتصلوا بينا بعد حبس أخويا، زوج إيمان المتهمة، وقالوا ليس لدينا أموال لننفقها»، ليشير إلى أن والده كان يتحصل على معاش «السادات»، ويبلغ 625 جنيهًا، وأخاه الأكبر «محمد» يكمل المبلغ ليصبح 2000 جنيه، وكانت أسرة المتهمة تنفق من تلك الأموال على أنفسهم ويتولون رعاية والده المجنى عليه.
وذكر بيان قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية تفاصيل الجريمة، أنه تبلغ لقسم شرطة بولاق الدكرور، من مفتش الصحة أنه حال توقيعه الكشف الطبى على جثة مواطن – 80 عامًا، على المعاش، بشقته بدائرة القسم لاستخراج تصريح دفن له، اكتشف وجود جرح قطعى برسغ يده اليسرى وسحجات بالجبهة ويشتبه فى وفاته جنائيًا، وتبين أن المجنى عليه يُقيم رفقة زوجة نجله، وأسرتها (شقيقتها وشقيقها ووالدتهم) وأنها وراء ارتكاب الجريمة، وبمواجهتها اعترفت بارتكاب الجريمة وقررت أن زوجها محبوس على ذمة قضية «تزوير» وأنها تقوم برعاية والده الذى يعانى من بعض الأمراض ونظرًا لكثرة طلباته وعدم قدرتها على رعايته قامت بالاعتداء عليه برطم رأسه فى الحائط عدة مرات واكتشفت وفاته.