رغم الإمبراطورية القوية التي أرسى دعائمها عمرانا ومعرفة، وبعد كل الانتصارات والفتوحات التي حققها الإسكندر الأكبر، والتى انطلقت من اليونان وانتصرت على أقوى الإمبراطوريات، وهى بلاد فارس، وسيطرت على بابل والهند ومصر، ورغم كونه واحداً من أعظم القادة العسكريين- فإن ما يدهشنا أن قائداً عظيماً كهذا قد مات وعمره ٣٢ سنة فقط.
لقد كان الإسكندرحريصاً على أن يتوج فتوحاته بإرضاء أهلها واحترام دياناتهم، حتى إنه عندما جاء إلى مصر ذهب إلى واحة سيوة وادعى أنه ابن الإله آمون وكعادة رجال الدين القريبين من السلطة أعانه في ذلك الكهنة، والإسكندر كقائد عسكرى فاتح لم يقتصر تأهيله ليكون قائداً عسكرياً، وإنما تتلمذ كذلك على يد الفيلسوف اليونانى أرسطو، وكان والده فيليب قد استطاع أن يخضع بلاد الإغريق ويوحد كلمتهم تحت راية واحدة، وكان يأمل في إخضاع الشعوب المجاورة وأن ينتصر على الإمبراطورية الفارسية بعدما ظلت لسنوات تفرض سلطانها على اليونان.
لكن لم يطل به العمر، فورث عنه ابنه الإسكندر الملك والشجاعة أيضاً، بينما ورث عن أمه الدهاء والمكر، وكان خلاف قد وقع بين أبيه وأمه بسبب رغبة أبيه في الزواج للمرة السابعة فكان مقتله بتدبير من أمه أوليمبياس، وكان من الطبيعى أن تحدث فتن واضطرابات عقب اغتيال فيليب، لكن حزم الإسكندر ومقدرته العسكرية والسياسية جعلاه قادراً على وأد الفتنة في مهدها، ودانت البلاد له بالولاء التام، ثم ألف جيشاً قوياً واستطاع أن يقهر إمبراطورية الفرس، وواصل انتصاراته وأسس إمبراطورية هائلة وبنى مدينة الإسكندرية في مصر، والإسكندرونة بالشام، ومات «زي النهارده» في ١٠ يونيو ٣٢٣ قبل الميلاد على إثر وليمة شراب في بابل.