x

خبير عالمى: الصراع بين ترامب والصين طبعة جديدة من فيلم قديم مع اليابان أيام ريجان

الخميس 06-06-2019 01:02 | كتب: مصباح قطب |
الرئيس الأمريكى خلال لقاء سابق بنظيره الصينى الرئيس الأمريكى خلال لقاء سابق بنظيره الصينى تصوير : اخبار

انتهى خبير عالمى في مقال له الأسبوع الماضى إلى أن «فيلم» الصراع بين أمريكا والصين هو فيلم شهدناها من قبل خلال الصراع بين أمريكا واليابان في الثمانينيات، وقال إن سبب الصراع واحد وهو وجود مشاكل حادة في الاقتصاد الأمريكى وسعى إلى تحميل دولة أخرى المسؤولية عنها بدلا عن إصلاح الأخطاء التي سببتها وأهمها نقص الادخار المحلى في أمريكا. وأسفر الصراع الأول عن تعطيل الاقتصاد اليابانى لعقود بينما قد تكون نتيجة الصراع الثانى مختلفة، حسب قوله.

وأكد الخبير ستيفن روش، الرئيس السابق لمورجان ستانلى في آسيا، وزميل معهد جاكسون العالمى للشؤون العالمية بجامعة ييل، أنه في الثمانينات من القرن الماضى، تم تصوير اليابان على أنها أكبر تهديد اقتصادى للولايات المتحدة، وتم الزعم بقيام اليابان بسرقة الملكية الفكرية الأمريكية وبعد ثلاثين عامًا، جعل الأمريكيون الصين هي الشرير.

وقال رونالد ريجان عن اليابان: «عندما تسمح الحكومات بتزوير أو نسخ المنتجات الأمريكية، فإنها تسرق مستقبلنا، ولم تعد تمارس تجارة حرة».. اليوم نشهد نسخة جديدة من فيلم الثمانينات، ولكن نجم تليفزيون الواقع ترامب حل محل نجم السينما في هوليوود ريجان وتم خلق شرير جديد بدلاً من اليابان.

وكان قد تم تصوير اليابان على أنها أكبر تهديد اقتصادى لأمريكا ليس فقط بسبب مزاعم سرقة الملكية الفكرية، ولكن أيضًا بسبب المخاوف من التلاعب بالعملات والسياسة الصناعية التي ترعاها الدولة وتضر الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة، فضلا عن العجز التجارى الأمريكى الكبير مع اليابان. وقد تراجعت اليابان في نهاية المطاف، لكنها دفعت ثمناً باهظاً للقيام بذلك هو ما يقرب من ثلاثة عقود «ضائعة» من الركود الاقتصادى والانكماش. اليوم يتم استئناف المؤامرة مع الصين.

إن اليابان والصين تشتركان في شىء آخر: لقد أصبحتا ضحية العادة الأمريكية المؤسفة المتمثلة في جعل الآخرين كبش فداء لمشاكلهم الاقتصادية الخاصة. مثلما حدث في اليابان في الثمانينيات من القرن الماضى، فإن ضرب الصين اليوم هو نتاج لاختلالات الاقتصاد الكلى الأمريكية الخبيثة بشكل متزايد. في كلتا الحالتين، أدى النقص الحاد في الادخار المحلى في الولايات المتحدة إلى حدوث عجز كبير في الحساب الجارى والتجارة، مما مهد الطريق للمعارك مع عملاقين اقتصاديين في آسيا.

عندما تولى ريجان منصبه في يناير عام 1981، بلغ صافى معدل الادخار المحلى 7.8٪ من الدخل القومى، وكان الحساب الجارى متوازنًا بشكل أساسى. في غضون عامين ونصف العام، وبفضل التخفيضات الضريبية التي قام بها ريجان، انخفض معدل الادخار المحلى إلى 3.7٪، وتحول الحساب الجارى وأرصدة تجارة البضائع إلى عجز دائم. في هذا الصدد المهم كانت مشكلة التجارة الأمريكية المزعومة من صنعها.

ومع ذلك كانت إدارة ريجان في حالة إنكار. كان هناك تقدير ضئيل أو معدوم للعلاقة بين الادخار والاختلالات التجارية وبدلاً من ذلك تم إلقاء اللوم على اليابان، التي شكل فائضها التجارى مع أمريكا 42٪ من العجز التجارى في السلع الأمريكية في النصف الأول من الثمانينات.

ويقول الكاتب إنه على عكس ريجان، لم يرث الرئيس دونالد ترامب اقتصادا به وفرة من الادخار وعندما تولى ترامب منصبه في يناير 2017، كان معدل الادخار المحلى الصافى 3٪ فقط، ولكن، مثل سلفه، الذي كان قد أخفى المشكلة تحت نداء بلاغى هو «صباح جديد في أمريكا»، اختار ترامب أيضًا عمل تخفيضات ضريبية كبيرة- هذه المرة «لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».

وكانت النتيجة اتساعًا متوقعًا للعجز في الموازنة الفيدرالية وانخفاض صافى معدل الادخار المحلى فعليًا إلى 2.8٪ من الدخل القومى بحلول أواخر عام 2018، مما أبقى على التوازنات الدولية لأمريكا في أزمة عميقة مع عجز في الحساب الجارى عند 2.6٪ من الناتج المحلى الإجمالى وفجوة في تجارة البضائع عند 4.5٪ في أواخر عام 2018.

وهنا تلعب الصين الدور الذي لعبته اليابان في الثمانينات، وقد شكلت الصين 48٪ من العجز التجارى للبضائع في الولايات المتحدة في عام 2018، مقارنة بحصة اليابان البالغة 42٪ في النصف الأول من الثمانينات. لكن المقارنة تشوهها سلاسل التوريد العالمية، التي لم تكن موجودة في الثمانينات. وتشير بيانات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ومنظمة التجارة العالمية إلى أن حوالى 35-40٪ من العجز التجارى الثنائى بين الولايات المتحدة والصين يعكس المدخلات القادمة من خارج الصين ولكنها مجمعة ويتم شحنها إلى الولايات المتحدة من الصين. وهذا يعنى أن الجزء المصنوع في الصين من العجز التجارى الأمريكى اليوم هو في الواقع أصغر من حصة اليابان في الثمانينيات.

ومثلما حدث مع اقتحام اليابان في الثمانينيات من القرن الماضى، فإن اندلاع محاولات ضرب الصين اليوم يتم في سياق مشاكل الاقتصاد الكلى الأوسع لأمريكا وهذا خطأ خطير.

ويقول الكاتب في مقاله على موقع «بروجيكت سنديكيت» إنه بدون زيادة الادخار القومى- وهو أمر مستبعد للغاية في ظل مسار الميزانية الأمريكية الحالية- سيتم ببساطة تحويل التجارة من الصين إلى شركاء تجاريين آخرين لأمريكا وكل ما سيحدث هو تحميل المستهلكين الأمريكيين تكلفة أعلى.

يتم تجاهل قيود الاقتصاد الكلى الصعبة التي يواجهها الاقتصاد الأمريكى وفى مقدمتها ضعف الادخار ويتم البحث عن كبش فداء وذلك ببساطة لأنه لا توجد إرادة سياسية أمريكية لتخفيض العجز التجارى عن طريق خفض عجز الميزانية وبالتالى زيادة الادخار المحلى. أمريكا تريد أن تحصل على الكعكة بلا ثمن، مع نظام رعاية صحية يبتلع 18٪ من ناتجها المحلى الإجمالى، وإنفاق دفاعى يتجاوز مجموع الميزانيات العسكرية السبع الكبيرة في العالم، وتخفيضات ضرائب أدت إلى خفض عائدات الحكومة الفيدرالية إلى 16.5٪ من الناتج المحلى الإجمالى، أي أقل بكثير من متوسط 17.4٪ في السنوات الـ50 الماضية.

هذا طبعة جديدة من فيلم قديم مربك، حيث وجدت الولايات المتحدة أنه من الأسهل بكثير أن تضرب الآخرين- اليابان آنذاك، والصين الآن- بدلاً من العيش في حدود إمكانياتها. ومع ذلك، قد يكون لهذا الفيلم نهاية مختلفة تمامًا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية