كان بصحته، ويعيش مستورًا هو وأسرته، من كفاح يده. لم يتباطأ، أو يتغاضى عن النزول إلى العمل. «فالعافية ما بتستخباش»، على حد تعبيره. وكأنه رزق البنات، حيث رزقه الله بسبع بنات.
لكنها الحياة التي لا تسير على وتيرة واحدة؛ حيث أصابه المرض والوهن، ولم يعد قادرًا على العمل كما كان. وكان يريد أن يعلمهن جميعًا، لكن ما باليد حيلة. فلم يرزقه الله بولد، ليكون سندًا له في تكملة مشواره معهن. فسعى «أبوالبنات» لعمل معاش يكون هو السند له ولهن، وفقا لمشورة أهل الخير. وبالفعل تقدم لعمل المعاش، صحيح «داخ السبع دوخات»، لكنه أخذه في النهاية.
المشكلة أنه لم يمر العام من بداية صرف المعاش، حتى تم قطعه، بحجة عدم استحقاقه له. إنه حسن عبدالحميد محمود أحمد، عمره 61 عامًا، ويقيم بقرية المنايل، مركز الخانكة بالقليوبية.
يروى «عم حسن» حكايته قائلا: «عايش في بيت سويسى، يعنى بيت من الحجر لكن مبنى بالطين والرمل، ومسقوف بالخشب. أي في مهب الريح. لكن الحمد لله رغم ذلك كان مستقرًا. فأنا أعمل أرزقى. وعملت في كل المجالات حتى في الفلاحة. فأنا أذهب وراء اللقمة في أي مكان. والحمد لله كان يومى يكفى بيتى ويزيد. لدرجة أننى رفضت الوظيفة، وقلت هتجيب لى كام يعنى؟
لم أكن أعلم ما تخفيه الأيام. رزقنى الله بسبع بنات، والحمد لله. زوجت أربعة منهن، وواحدة مخطوبة. ومش قادر أحدد ميعاد فرحها، إلا لما أكمل جهازها. أنا لسه بسدد أقساط جهاز أختها. كانت الدنيا ماشية زى الفل، لغاية 3 سنين فاتت. ابتديت أتعب، ومقدرش أشيل وأحط زى الأول. فالرزق قل. قلت أشتغل على قدى في الخردة. فكنت سارح أجمع الحديد والبلاستيك، من الزبالة وأبيعها. وفى مرة من المرات، دوخت ووقعت مغمى على. فكشفت وظهر إنى مريض قلب، وعندى قصور بالشرايين، ولازم أركب دعامات. وعملتها على نفقة الدولة، وركبت دعامتين بتاريخ 18 /1 /2016. ومبقتش قادر على الشغل. فنصحنى أهل الخير بعمل معاش. وفعلا قدمت كل الورق ولفيت ودخت السبع دوخات، لمدة 3 شهور، وبعدها اتكرموا على بالموافقة وصرفولى معاش 450 جنيها. بالنسبة لى كتير والحمد لله. على الأقل دخل ثابت، أقدر بضمانه تكملة جهاز بنتى، أو حتى أستلف.
لكن يا فرحة ما تمت صرفت أول معاش في شهر أغسطس 2017. واستمر الحال على كده، لغاية شهر سبتمبر 2018. رحت أصرف المعاش ما لقيتوش. سألت في التأمينات، قالولى لازم تجدد الكشف.
طيب بالعقل كده، هو مريض القلب بيخف. ولا حتى الضغط بيختفى. قلت حاضر. رحت أجدد الكشف في معهد ناصر، زى ما حددوا لى المكان والتاريخ 15 /9 /2018. لكن للأسف الدكتور، لم يكلف نفسه إنه يبص في الورق، وأشّر بالرفض. طبعا لم أعرف ذلك، إلا بعد 3 شهور من انتظار صرف المعاش زى ما قالولى. وكل ما أسأل اللى يقول لى لسه، واللى يقول لى أصل المعاش هيبقى تكافل وكرامة، لغاية ما سألت فقالوا إنت مرفوض علشان ما فيش نسبة عجز عندى. فتظلمت، وحددوا لى مكانا آخر، المجالس الطبية بشبين الكوم، بتاريخ 20 /1 /2019، لإجراء كشف جديد. ونفس الموال، لكن زاد المرة دى إن الدكتور فاجأنى بقوله إنت مركب دعامتين من 10 سنين. فقلت إزاى يا دكتور الورق قدامك، في 2016؟!
وكانت النتيجة الرفض للمرة الثانية.
ومن يناير لغاية دلوقتى، وأنا رايح جاى على الوزارة، أسأل على المعاش. يقولوا لى ما فيش معاش. اتظلم بعد ستة شهور. يعنى أستنى لغاية شهر 10، علشان أعيد الكرة تانى، ويا عالم بعدها آخد المعاش ولا لأ؟
طيب ده يرضى مين؟ لأنه أكيد ما يرضيش ربنا.
آكل منين؟ وأعيش إزاى أنا ومراتى وبناتى؟
طيب لو مش عاوزين يعملوا لى المعاش، يعملوه باسم مراتى ولا بناتى، لكن حتى ده رفضوه، لأن أسماءهن معى في ورق المعاش.
طيب يا ريت حد من مسؤولينا الكرام يقول لى أعمل إيه؟ وإحنا داخلين على شهر رمضان، وبعده عيد.