بدأت شركات التطوير العقارى تقييم فرص الاستفادة من القواعد الجديدة التى أطلقها البنك المركزى، الأسبوع الماضى، والتى تهدف إلى تنشيط السوق وضخ سيولة لدى المطورين.
ورحبت شركات فى السوق، استطلعت «المصرى اليوم الاقتصادى» آراء مسؤوليها، بتخصيص «المركزى» 50 مليار جنيه حدًا أقصى للتمويل، معتبرين ذلك رسالة قوية تعزز الثقة فى القطاع وتدحض التوقعات بتعرضه لهزات عنيفة، ولكنهم أكدوا أن ارتفاع أسعار الفائدة مازال عائقا أمام استفادة عدد كبير من الشركات من هذه الضوابط.
وتسمح الضوابط الجديدة التى أقرها «المركزى» بنقل مديونيات الشركات الممثلة فى قيمة الأقساط المتبقية على الوحدات إلى البنوك، وتسدد البنوك قيمتها «كاش» إلى الشركات، مخصوما منها سعر الفائدة، وهو ما يوفر للشركات السيولة اللازمة لاستكمال مشروعاتها القائمة، أو ضخها فى مشروعات جديدة.
وتشترط الضوابط أن يكون العميل تسلم الوحدة وسدد 50% من ثمنها، وألا تزيد المدد المتبقية للأقساط على 6 سنوات، مع الالتزام بإخطار العميل بنقل المديونية من الشركة إلى البنك، واستثنى «المركزى» المديونية من الحد الأقصى لنسبة الأقساط إلى الدخل الشهرى للفرد البالغة 35- 40%.
وقال طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، إن هذا النظام معروف باسم «قطع الشيكات»، ومطبق منذ 15 عاما، وتستهدف الضوابط الأخيرة تنظيم عمله، وسط توقعات بأن يحظى بإقبال واسع من شركات التطوير العقارى فى ظل المتغيرات التى طرأت على السوق خلال آخر عامين.
وأوضح شكرى أنه بعد تعويم الجنيه ارتفعت قيمة الوحدة، بما يفوق القدرة الشرائية للعملاء، فلجأت الشركات لتقديم مدد سداد تجاوزت 8 سنوات، فى وقت تلتزم الشركة بتسليم المشروع كاملا خلال 4 سنوات، الأمر الذى أدى إلى الضغط على التدفقات المالية للشركات.
وتابع: «الضوابط الأخيرة مفيدة للطرفين، المطور يحصل على السيولة اللازمة لاستكمال مشروعاته، والبنوك لديها ودائع تراكمية تحتاج استثمارها فى قطاعات مضمونة»، متوقعا إقبالا واسعا من المطورين للاستفادة من هذه التيسيرات.
فى المقابل، يرى علاء فكرى، عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقارى، باتحاد الغرف التجارية، رئيس شركة بيتا للاستثمار العقارى، أن الفائدة المرتفعة ستحد كثيرا من استفادة شركات التطوير العقارى من الضوابط الأخيرة.
وأوضح فكرى أن المطور العقارى يستبدل شيكاته مع البنك مخصومة منها نسبة الفائدة السارية مضافا إليها 2- 3%، حسب قوة محفظة العميل وسمعة الشركة، أى أن متوسط الفائدة المخصومة يصل إلى 19%، مقابل 20% ربحية المطور فى الوحدة الواحدة، وبالتالى فإن التعامل البنكى سيعود على الشركة بـ«الخسارة».
وأضاف: «استمرار البنك المركزى فى سياسته التوسعية واستكماله خطط خفض أسعار الفائدة عامل مهم جدا»، مشيرا إلى أن شركته قد تدرس الاستفادة من هذه الضوابط حال وصول سعر الفائدة إلى 12- 14%.
واستبعد عدد من بنوك الاستثمار مؤخرا اتجاه «المركزى» لإجراء خفض جديد فى أسعار الفائدة حتى أغسطس أو سبتمبر المقبلين، فى ظل توقعات بارتفاع معدلات التضخم بعد تحرير الوقود وتطبيق آلية التسعير منتصف العام.
من جانبه، قال أحمد شلبى، نائب رئيس المجلس التصديرى للعقار، الرئيس التنفيذى لـ«تطوير مصر»، إنه يجرى حاليا دراسة إيجابيات وسلبيات الضوابط الجديدة، لافتا إلى أن تكلفة التمويل مازالت مرتفعة، وأن الشركات ستكون مضطرة إلى التريث لحين تراجع أسعار الفائدة لمتوسطات تقترب من 12- 14%.
وأكد أن القرار فى مجمله خطوة إيجابية، ويجب أن تتبعها إجراءات أخرى تستهدف دورا أكبر للبنوك فى تمويل المشروعات العقارية الجادة، من خلال زيادة حصص قروض القطاع العقارى من محافظ البنوك والبالغة حاليا 5%، مشيرا إلى أن صدور قانون اتحاد المطورين وقوائم تصنيف الشركات يساعد البنوك فى حسم قرارات التمويل بشكل أكثر أمانًا.
وأشار إلى أن المبلغ الذى حدده المركزى بقيمة 50 مليار جنيه يتناسب مع إجمالى مبيعات السوق البالغة 100 مليار جنيه سنويا، خاصة أن التمويل يقتصر على الوحدات المسدد 50% من قيمتها.
وفى رده على سؤال حول تأثير الضوابط على التوقعات بتعثر وخروج شركات من السوق جراء تقديم تسهيلات «غير منطقية» للعملاء، قال شلبى: «القرار يخاطب الشركات الجادة التى نفذت مشروعاتها وقامت بتسليم الوحدات إلى العملاء، ولن تستفيد منه الشركات غير الجادة والتى حصّلت مقدمات حجز من العملاء ولن تستطيع استكمال مشروعاتها، كما أن لهذه السيولة تكلفة ممثلة فى الفائدة التى تتحملها الشركات، ولن تقدر المراكز المالية لهذه الشركات على تحملها».
يُذكر أن أغلب الشركات المطورة فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة تتبع نهجا تسويقيا يوفر مدد أقساط تجاوزت 10 سنوات دون مقدمات، ووفقا للضوابط التى اشترطت تسليم الوحدات، فإن كل هذه الشركات لن تستفيد من هذه الإجراءات نظرا لأن أغلب المشروعات مازالت تحت الإنشاء.