عقدت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، محادثات مكثفة مع وزرائها، لمدة 5 ساعات، أمس، لمناقشة آخر تطورات مأزق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، المقرر في 12 إبريل الجارى، وبعد أن وصل الاتفاق وبدائله كلها إلى طريق مسدود في مجلس العموم البريطانى، وخلف أزمة وانقسامات غير مسبوقة في البلاد، فيما تتزايد التحذيرات الأوروبية من خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، في الوقت الذي تواجه فيه «ماى» وحكومتها أزمة غير مسبوقة بسبب الانقسامات التي خلفتها عملية «الطلاق النهائى» مع بروكسل.
وللمرة الثانية على التوالى، صوت أعضاء مجلس العموم، مساء الاثنين، ضد 4 بدائل لاتفاق الخروج الذي أبرمته «ماى» والاتحاد الأوروبى، لكن لم يحصل أي منها على الأغلبية، وكان المجلس رفض اتفاق «بريكست» 3 مرات، وكان مجلس العموم صوت ضد 8 بدائل لاتفاق «بريكست»، الأسبوع الماضى، وتمت تصفيتها لتصبح 4 خيارات، لكن الأغلبية صوتت برفض جميعها مجددا، وصوت النواب بأغلبية 292 صوتا، مقابل 280 صوتا ضد مقترح إجراء استفتاء جديد للخروج من أوروبا، كما صوت المجلس ضد مقترح بشأن إقامة اتحاد جمركى بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى بأغلبية 276 صوتا، مقابل 273 صوتا، وبفارق 3 أصوات فقط، وصوت 282 عضوا مقابل 216 عضوا ضد مقترح بشأن البقاء ضمن سوق موحدة بعد مغادرة الاتحاد الأوروبى، على غرار النرويج.
ورأست «ماى» اجتماعات مطولة في مجلس الوزراء، في محاولة لإيجاد مخرج من أزمة «بريكست» المعقدة، التي أثارت انقسامات غير مسبوقة في المملكة المتحدة، وتسعى رئيسة الوزراء لطرح اتفاقها للتصويت للمرة الرابعة أمام مجلس العموم، وإذا لم تتمكن «ماى» من الحصول على تصديق البرلمان للمرة الرابعة، على اتفاقها، حتى 12 إبريل الجارى، سيكون عليها الاختيار بين الخروج دون اتفاق، أو إجراء انتخابات مبكرة، أو مطالبة الاتحاد الأوروبى بتأجيل طويل للتفاوض على اتفاق خروج على أساس علاقات أوثق كثيرا مع التكتل.
وكان أحد المقترحات المطروحة إجراء انتخابات عامة، لكن وزير الخارجية البريطانية السابق، بوريس جونسون، قال إن ذلك قد «يثير غضب» الناخبين، وأضاف أن اختيار قائد جديد بدلا من ماى وتغيير تكتيك التفاوض يمكن أن «يعدل» اتفاقية رئيسة الوزراء «المريعة» مع الاتحاد الأوروبى.
وقال وزير «بريكست»، البريطانى ستيفن باركلى، إن «الخيار الوحيد» المتبقى هو إيجاد طريقة تسمح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبى مدعومة باتفاق، وأضاف: «لا تزال الحكومة تعتقد أن أفضل مسار للعمل هو التوصل لتوافق في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أنه «إذا تمكن المجلس من إبرام اتفاق، فقد يتسنى تجنب مشاركة بريطانيا في انتخابات البرلمان الأوروبى»، المقرر إجراؤها في 23 مايو المقبل، وتواجه ماى خطر تمزيق حزب المحافظين الذي تنتمى إليه إذا ما انحازت إلى علاقات أوثق مع الاتحاد بعد الخروج أو الخروج دون اتفاق. لكن ماى محاصرة، فنصف نواب حزبها صوتوا لصالح الخروج دون اتفاق الأسبوع الماضى، في حين صوت 37 فقط لصالح خيار البقاء داخل الاتحاد الجمركى، وصوت 15 لصالح إجراء استفتاء جديد.
ونقلت صحيفة «ديلى ميل»، البريطانية، عن مارك سيدويل، مستشار ماى لشؤون الأمن الوطنى، قوله إن من شأن الخروج دون اتفاق رفع أسعار الغذاء 10% وفرض حكم بريطانى مباشر في أيرلندا الشمالية والتهاون في الأمن الوطنى، وقال نواب بحزب المحافظين إنهم قد يؤيدون اقتراعا على سحب الثقة إذا قبلت ماى خروجا يبقى على العديد من الروابط الاقتصادية القائمة مع الاتحاد الأوروبى.
وبدوره، قال ميشيل بارنييه، كبير مفاوضى الاتحاد الأوروبى، إن خروج بريطانيا دون اتفاق بات مطروحا بشكل أكبر، وأضاف أنه لا يزال من الممكن تجنبه، وأكد بارنييه: «أنه لم يعد هناك سوى 3 طرق للمضى قدما بعد فشل مجلس العموم في الاتفاق على آخر مقترح بشأن الخروج، وهى الخروج دون اتفاق، أو تمديد طويل الأجل للخروج، أو القبول باتفاق رئيسة الوزراء، تيريزا ماى»، وأوضح: «لم نكن نرغب أبدا بسيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد دون صفقة، لكن دول الاتحاد الـ27 باتت مستعدة له الآن، إنه يبدو محتملا بشكل أكبر يوما بعد يوم»، وأكد بارنييه أن أي تمديد ينطوى على «مخاطر كبيرة بالنسبة للاتحاد الأوروبى»، وأن هناك حاجة إلى «مبرر قوى» قبل موافقة الاتحاد على أي تمديد، وأضاف أنه ما زال بإمكان بريطانيا قبول اتفاق «بريكست» واعتبره السبيل الوحيد أمام بريطانيا للخروج من التكتل بشكل منظم.