إبريل الماضي، رحلَ العرَّاب، أحمد خالد توفيق، الأديب والرجُل الذي قابل الموت بنفسٍ طيبة، كما كان يقول في قصاصاتُه التي لم تكُن يومًا قابلة للحرق: «لا أخاف الموت.. أخاف أن أموت قبل أن أحيا».
كما قال الرجل الذي توقف قلبُه 4 مرات في مواضِع أخرى: «أنا أخشى الموت كثيراً، ولست من هؤلاء المدَّعين الذين يرددون في فخر طفولي نحن لا نهاب الموت، كيف لا أهابُ الموتَ وأنا غيرُ مستعدٍ لمواجهة خالقي».
في أحد الأيام، كتب في مقال لهُ: «عندما رقدت في الضوء الخافت بعد ذلك كُنت أفكر في أحداث اليوم. كان من الوارد جدًا أن يكون موعد دفني (الأحد 3 إبريل 2017 بعد صلاة الظهر)»، وكأن تلك الليلة كانت «بروفة» موت مؤقت، فبعد مرور 7 سنوات رحل، على أن يُدفن 3 إبريل بعد صلاة الظهر، ولكن بتاريخ 2018. رحل العرَّاب، أحمد خالد توفيق، في إبريل الماضي، عن عُمر 55 عامًا، إثر أزمة صحية.
كيف كان «الموت» في قاموس العرَّاب أحمد خالد توفيق؟
وكأنهُ «مسافر»، عاش أحمد خالد توفيق سنواته الأخيرة، الرجُل الذي أحب الخريف وكان يداعبه مازحًا «لو أنصف فريد الأطرش لغنى (وآدي الخريف عاد من تاني)». حزَم حقائب الأمل، وتركنا نتساءل «أكانَ لابد أن تطفئ النور يا دكتور؟».
رحل دكتور أحمد خالد توفيق، الأب الروحي، بعد أن عاش «بروفة» الموت الأولى في 2011، وسجّلها، كما يقول: «جميل جدًا ألا تعرف أنك تموت ولا تتوقع ذلك.. فجأة أنت هناك مع السر الأزلي، وتدخل عالم القبر والكفن وانتفاخ البطن وسقوط الأنف.. ويخافك الأحياء.. لكنه بلا شك أفضل من معاناة صعوبة التنفس أيامًا وأنت موصول بجهاز تنفس، أو الشلل عدة أشهر وتلويث الملاءات، أو السقوط تحت عجلات قطار أو ميكروباص مجنون.. كانت ميتة جيدة نظيفة برغم كل شيء».
الآن عرفَ كل الإجابات
كتب الدكتور، أيمن الجندي، في مقاله المنشور سابقًا في «المصري اليوم»، بعنوان: «في مواجهة الموت»، يشرح كيف كان صديقه أحمد خالد توفيق في مواجهة الموت.
أيمن الجندي، قال: «طيلة رحلة صداقتنا التي استغرقت عمرنا بأكمله ونحن نتحدث عن الموت! عندما مات نجيب محفوظ فإنه اتصل بي خصيصا ليقول لي: (الآن عرف نجيب محفوظ كل الإجابات)».
وأضاف: «كنا نتحدث عن الموت كثيرا. لم يكن هذا تشاؤما أو سوداوية، على العكس كلانا يحب الحياة ويستزيد من متعتها. ولكن لا يمكن أن تفهم الحياة بدون أن تضع في ميزانك الموت الذي هو مصير كل حي. الساخر العظيم محمد عفيفي قالها متفلسفا (لو عرفت الحيوانات أنها سوف تموت لظهر فيها فلاسفة وحكماء)».
وتابع: «خالد كان ثابت الجنان في مواجهة الموت بشكل مدهش، بعد أن تدهورت وظائف قلبه، فلم يكن من النوع الذي يذهب إلى الأطباء مولولا طالبا منهم البحث عن مخرج. بل كان يتعامل مع الأمر في برود وعدم اكتراث. عندما طرحت عليه فكرة زرع القلب في الخارج رفض رفضا قاطعا، قائلا إنه لن يمضي بقية حياته يتناول سبعين قرصا- على حد قوله- لتثبيط المناعة بعدها».
بسيطًا وسريعًا
يصف «توفيق» الموت في إحد رواياته، قائلاً: «إذاً كان هذا هو الموت، بدا لي بسيطاً ومختصراً وسريعاً بهذه البساطة، أنت هنا.. أنت لم تعد هنا، والأغرب أني لم أرَ شيئاً من تجربة الدنو من الموت (NDE) التي كتبت عنها مراراً».
وفي تغريداته الأخيرة، قال: «أنا أخشى الموت كثيرًا، ولست من هؤلاء المدَّعين الذين يرددون في فخر طفولي نحن لا نهاب الموت، كيف لا أهابُ الموتَ وأنا غيرُ مستعدٍ لمواجهة خالقي».