مع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، في 12 من إبريل الجارى، تتفاقم الأزمة السياسية في بريطانيا، وسط ضغوط متزايدة على رئيسة الوزراء تيريزا ماى، مع تقلص الخيارات أمامها وأمام مجلس العموم البريطانى.
وذكرت صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية، أمس، أن «ماى» تواجه خطر استقالة كبار الوزراء من المؤيدين والمعارضين لـ«بريكست»، بناء على المسار الذي ستسلكه في الأيام المقبلة.
وأوضحت الصحيفة أن 6 وزراء على الأقل من المؤيدين للاتحاد الأوروبى سيقدمون استقالتهم من الحكومة إذا اتجهت «ماى» إلى الخروج من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق، في حين سيستقيل الوزراء المؤيدون للخروج إذا دعمت رئيسة الوزراء إقامة اتحاد جمركى مع الاتحاد الأوروبى أو سَعَتْ إلى تأجيل الخروج. وقالت «صنداى تايمز»، في صفحتها الأولى، أمس: «حكومة ماى على وشك الانهيار». وأوضحت أن الحكومة تواجه انهيارًا شاملًا ما لم تمرر اتفاق «بريكست».
وقالت صحيفة «ديلى تليجراف»، في مقال افتتاحى، بعنوان: «لا يجب على رئيسة الوزراء أن تدفعنا إلى انتخابات مبكرة»، إنه يجب «استخدام وسيلة ما لإقناع (ماى) بترك منصبها».
وحسب الصحيفة، فإنه في إشارة إلى انهيار نفوذ رئيسة الحكومة المحافظة، انضم عدد من وزرائها إلى مَن حذروا من تحرك جاد للتصويت ضد احتمال إجراء انتخابات مبكرة.
وذكرت صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية، مساء أمس الأول، أن حزب المحافظين، الذي يقود الائتلاف الحاكم في بريطانيا، هدد بوقف أي انتخابات مبكرة، وذلك في ضوء أزمة اتفاق «بريكست». وقالت إن نوابًا من حزب المحافظين، الذي تتزعمه «ماى»، هددوا بإحباط أي محاولة تقوم بها للدعوة إلى انتخابات مبكرة، وحذروا من أن أي محاولة لإجراء انتخابات مبكرة ستؤدى إلى مزيد من الانقسام بين المحافظين، ومما يفاقم الأزمة الحالية تزايد التكهنات بشأن احتمال الدعوة إلى انتخابات مبكرة، بعد فشل «ماى» للمرة الثالثة في الحصول على موافقة مجلس العموم البريطانى على اتفاق «بريكست».
وقال أليستير بيرت، وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية، إن «ماى» تتعرض لضغوط هائلة من بعض الوزراء الكبار في حكومتها، الذين يريدون الخروج دون اتفاق. وردًا على سؤال عما إذا كانت «ماى» ينبغى أن تقود حزب المحافظين في الانتخابات المبكرة، قال: «رئيسة الوزراء قالت بالفعل إنه يُحتمل أن تغادر بعد المرحلة الأولى من الخروج، لا أتوقع انتخابات عامة قبل ذلك، لذا فالإجابة هي لا». وقال جيمس كليفرلى، نائب رئيس حزب المحافظين، إن الخيارات محدودة أمام بريطانيا فيما يتعلق بالخروج من التكتل، وإنه يتعين على النواب مساندة اتفاق «بريكست» لتجنب الانسحاب دون اتفاق أو عدم الانسحاب من أساسه. وأضاف «كليفرلى»: «هناك خيارات محدودة حقًا». وتابع: «نغادر دون اتفاق، أو نوقع على الاتفاق المطروح علينا، أم نواجه احتمال عدم الخروج على الإطلاق؟.. بالنسبة لى الجواب بسيط حقًا، إنها اتفاقية الانسحاب».
ويأتى ذلك، فيما تدرس «ماى» عرض اتفاق «بريكست»، للمرة الرابعة، أمام البرلمان، وقالت إن بريطانيا بحاجة إلى «طريقة بديلة للمضى قدمًا».
وقال مصدر من مكتب «ماى» إنها ستستمر في محاولة الحصول على دعم للاتفاق، ومن المقرر أن يصوت النواب، اليوم، على عدة خيارات غير ملزمة. وتظاهر المئات عند الحدود الأيرلندية ضد «بريكست»، تحت شعار: «أبناء الحدود ضد (بريكست)»، وأعربوا عن خشيتهم من أن يهدد خروج بريطانيا اتفاق السلام بين أيرلندا الشمالية، التابعة لبريطانيا، وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبى، وشاركت زعيمة حزب «شين فين»، مارى لو مكدونالد، والزعيم السابق للحزب، جيرى آدامز، في المظاهرة التي ضمت نحو 300 شخص، وارتدى متظاهرون زى عناصر الجمارك، ونددوا بالفوضى التي خلّفتها عملية «بريكست».
وشهدت أيرلندا الشمالية نزاعًا داميًا أوقع 3500 قتيل، واستمر 3 عقود، بين الجمهوريين القوميين والوحدويين، وانتهى عام 1998 بتوقيع «اتفاق الجمعة العظيمة»، إلا أن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبى وضع الاتفاق تحت المجهر، ويخشى العديد من أنصار ومعارضى «بريكست» أن يؤدى خروج بريطانيا إلى إعادة قيام حدود فعلية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية.