قررت محكمة جنايات القاهرة، الأربعاء ، تأجيل محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، ونجليه علاء وجمال، واللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، و6 من كبار مساعديه، فى قضية قتل المتظاهرين، والفساد المالى، إلى جلسة الإثنين المقبل، وكلفت النيابة العامة بمخاطبة اتحاد الإذاعة والتليفزيون بمعرفة مدى إمكانية استعادة التسجيلات التى تم مسحها من كاميرات المتحف المصرى، وتسجيلات غرفة العمليات المركزية بالأمن المركزى بوزارة الداخلية، من عدمه، كما كلفتها بتقديم صورة من الكشوف النهائية بالمتوفين والمصابين، وضم جميع التحقيقات التى أجرتها النيابة فى وقت لاحق على إحالة القضية إلى المحكمة، مع استمرار حبس المتهمين، وتكليف النيابة العامة بإحضارهم فى الجلسة المقبلة.
كانت المحكمة قد استأنفت جلسات القضية، الأربعاء، بعد توقف دام 59 يوماً بسبب طلب رد المحكمة الذى قدمه أحد المحامين المدعين بالحق المدنى، وهو الطلب الذى رفضته محكمة الاستئناف، وغرمت مقدمه 6 آلاف جنيه، وظهر مبارك فى الجلسة بصحة جيدة وتم إدخاله قفص الاتهام راقدا على السرير كعادته فى كل الجلسات، وجلس إلى جواره ابناه جمال وعلاء، اللذان ارتديا ملابس السجن البيضاء، فيما جلس العادلى وباقى المتهمين على المقاعد المخصصة لهم داخل القفص.
ووقعت مشادات ومشاحنات بين المحامين المدعين بالحق المدنى، رغم أن سامح عاشور، نقيب المحامين، وعد رئيس المحكمة، فى بداية الجلسة، بالتنسيق وعدم إحداث فوضى من جانب المحامين، وأصر عدد من المحامين على استدعاء الفريق سامى عنان، رئيس الأركان، نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعدد آخر من الشهود، فيما طلب دفاع المتهمين التصريح بالحصول على نسخة من التحقيقات التى تجرى فى أحداث محمد محمود، وقصر العينى، وماسبيرو، وقضية التمويل الأجنبى، وحضر فريق المحامين الكويتيين المتطوعين للدفاع عن مبارك، وفرضت أجهزة الأمن حراسة مشددة عليهم، بعد اعتراض المحامين المدعين بالحق المدنى على وجودهم.
وصلت سيارات الترحيلات التى أقلت المتهمين المحبوسين فى سجن مزرعة طرة إلى مقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، حيث تعقد جلسات المحاكمة، فى الثامنة والنصف صباحاً، تصاحبها أكثر من 15 سيارة حراسة، وبعد دقائق قليلة وصلت الطائرة المروحية التى تنقل مبارك من المركز الطبى العالمى إلى الأكاديمية، وتم نقله منها فى سيارة إسعاف إلى مقر انعقاد الجلسة، وإيداعه غرفة مخصصة للانتظار، وسمحت أجهزة الأمن لنجليه علاء وجمال بالجلوس معه قرابة الساعة قبل بدء الجلسة.
وبدأت أحداث الجلسة الثانية عشرة، فى العاشرة صباحاً، بصعود هيئة المحكمة: المستشار أحمد رفعت، والمستشاران عاصم بسيونى، ومحمد برهام، وفريق النيابة العامة، بينهم المستشاران مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، ومصطفى خاطر، المحامى العام، المنصة، وقبل بدء الجلسة ألقى رئيس المحكمة كلمة قال فيها: «نود أن نعرض عهداً اتخذته المحكمة على عاتقها وهو فى رقبتها، وهو أن حق الضحايا فى رقبتنا، وكذلك حق المتهمين، وأننا سرنا فى الإجراءات بما يرضى الله، فجميعنا يريد أن يلقى الله بقلب سليم، ولن نحيد عن النهج نفسه»، ثم بدأ النداء على المتهمين، فرد مبارك أولا بكلمة «موجود»، تلاه علاء وجمال بكلمة «موجود حضرتك»، فيما رد العادلى ومساعدوه بكلمة «أفندم»، وأثبتت المحكمة حضور المحامين.
وبدأ سامح عاشور، نقيب المحامين، الحديث بقوله إن هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى تدعو الله أن يوفق المحكمة والدفاع، للوصول إلى الحقيقة، وأن المحامين على استعداد كامل للتعاون مع المحكمة، وأنهم وضعوا بعض الضوابط الشكلية لتنظيم إجراءات المحاكمة، مطالباً بتحديد وقت محدد للجلسة حتى يعرفه المحامون، ويحضروا فى الموعد المحدد، والسماح للمحامين بالدخول بهواتفهم المحمولة، وتركها أمام قاعة المحاكمة، بدلاً من الباب الرئيسى للأكاديمية.
ورد رئيس المحكمة على عاشور بقوله، إنه كان قد تعهد من قبل بالتنسيق مع المحامين بتنظيم إجراءات المحاكمة، لكن ذلك لم يحدث، فقدم الأخير وعدا جديدا، موضحاً أنهم، كمحامين، يريدون التأكد مما إذا كان من الممكن إعادة التسجيلات التى تم مسحها فى وزارة الداخلية، وكاميرات المتحف المصرى، أم لا، فوعده القاضى بالنظر فى الأمر.
ووقعت مشادات بين المحامين المدعين بالحق المدنى على أسبقية الحديث إلى المحكمة، وقال ياسر سيد أحمد، أحد المحامين، إن هناك محامين اندسوا بينهم، وطالب النيابة العامة بحصر عدد المصابين والشهداء حتى يتم تحديد المحامين المدعين بالحق المدنى، مشيراً إلى أن النيابة العامة أثبتت، فى تحقيقاتها، أن الشهداء 73، والمصابين 353 حالة فقط، كما طلب من هيئة المحكمة الاستعلام من وزارة الداخلية عن قرارات تسليح الضباط، وكيفية استعمالها.
وطلب عثمان حفناوى، المحامى، فصل قضية قتل المتظاهرين عن تصدير الغاز إلى إسرائيل، وأنه قدم نفس الطلب إلى هيئة المحكمة التى تنظر القضية المتهم فيها قيادات وزارة البترول، فقال له القاضى إن قضية مبارك هى الفرع، وهى التى يجب أن تضم إلى القضية الرئيسية. وانقسم المحامون المدعون بالحق المدنى على هذا الطلب، حيث اعترض فريق على فصل القضيتين.
وطالب عبدالمنعم الدمنهورى بإدخال متهمين جدد فى القضية، وقدم إلى هيئة المحكمة مستندات قال إنه حصل عليها من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية تشير إلى أن الثورة كان محدداً لها عام 2005، لتقسيم مصر إلى 3 دول، وأن هناك جهات أجنبية - لم يسمها - كانت تريد منح سيناء للفلسطينيين، وتحديد أماكن للأقباط، وباقى الدولة للمسلمين.
وحاول المحامى توزيع المستندات على الموجودين بالقاعة، وكان معه أحد الأشخاص لمساعدته فى التوزيع، وقال له بصوت عال: «وزع يا ابنى وزع يا ابنى»، وهو ما أثار ضحكات كل من فى القاعة، إلا أن القاضى اعترض، وقال له: «احنا مش فى الشارع»، ثم أضاف ضاحكا: «لو عندك مستندات مهمة، اخفيها علشان محدش ياخدها منك»، وطالبه بإعادة جمع المستندات وتقديمها للمحكمة.
وأصر أحد المحامين المدعين بالحق المدنى، على استدعاء الفريق سامى عنان، لسماع شهادته أمام المحكمة، وقال إن عنان لديه أسرار كثيرة، وأن فريق المحامين يريد أن يسأله عنها.
وقال رئيس المحكمة عقب انتهاء المحامين من طلباتهم، إن المحكمة استمعت إلى طلبات 16 محامياً منهم، وإنها مستعدة للاستماع إلى آخرين، فقام أحد المحامين وقال إنه من المدعين بالحق المدنى، وقدم إلى المحكمة اعتذاراً إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، واختصم النيابة العامة، وكل من قدم بلاغاً ضد مبارك، وهو ما أثار غضب زملائه، واتهموه بأنه مندس بينهم، وقدم محام آخر رصاصة قال إنها استخرجت من جسد موكله الذى أصيب فى الأحداث، وطالب بضمها إلى الأحراز، فيما قدم ثالث شهادة قال إنها موثقة فى الشهر العقارى، وتحمل اعترافاً من أحد العاملين بوزارة الداخلية بإدانة أحد قيادات الوزارة فى القضية، وطلب سماع شهادته، فيما اعترض رابع على وجود المحامين الكويتيين، إلا أن المحكمة لم تلتفت إلى طلبه. وطلبت النيابة العامة الحديث، وقال المستشار مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، إن النيابة عندما بدأت التحقيقات فى القضية لم تكن تلقت بلاغات من جميع الضحايا، وأحالت الدعوى إلى المحكمة بما وصل إليها من ضحايا، ثم أرسلت بعد ذلك تحقيقات تكميلية، موضحاً أنه ثبت حتى الآن أن عدد الشهداء بلغ 199 حالة، و1325 مصاباً.
وسمحت المحكمة بعد ذلك للدفاع عن المتهمين بتقديم طلباتهم، فطلب فريد الديب، محامى مبارك، بالتصريح له بالحصول على ما يقدم للمحكمة من مستندات، مشيراً إلى أنه طلب فى جلسات سابقة بيانات من محافظة جنوب سيناء تتعلق بالأراضى والفيلات التى تم تخصيصها، فقال رئيس المحكمة إنه تلقى خطاباً من هيئة الرقابة الإدارية يفيد بأنه لم تجر أى تحريات عن التخصيص، وخطابا آخر من المحافظة بعدد الفيلات والأراضى التى تم تخصيصها، وسمحت المحكمة للدفاع بالاطلاع عليها، كما طالب الديب بضم المذكرة التى أعدها رئيس نيابة الأموال العامة عام 2004 حول القضية رقم 601، والتى قال إن التحقيقات فيها لا تزال جارية، رافضاً الإفصاح لوسائل الإعلام عن مضمون هذه المذكرة.
وطلب محمد الجندى، محامى العادلى، الاطلاع على التحقيقات التكميلية التى أرسلتها النيابة، والحصول على صورة رسمية من الجلسات السابقة، والاستعلام من وزارة الداخلية عن بعض المأموريات والأسلحة والذخيرة المضبوطة، وعدد الجرائم الجنائية مثل الإرهاب منذ عام 1997 حتى 2011، والاستعلام عن الحملات الأمنية على الشقق المفروشة والمؤجرة لأجانب، والتى ضبط بها أشخاص من جنسيات مختلفة يمارسون أعمالا غير مشروعة فى البلاد، وعدد محال الأسلحة، والملابس العسكرية، وسيارات الشرطة التى تمت سرقتها فى الفترة بين 28 و31 يناير الماضى، وضم تحريات أجهزة الأمن حول أحداث ماسبيرو ومحمد محمود، وقصر العينى، والاعتداء على السفارتين السعودية، والإسرائيلية، ومديرية أمن الجيزة، والكشف عما قاله اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية الأسبق، عن تهريب سيارات شرطة إلى قطاع غزة أثناء الثورة، والاستعلام عن عدد المصابين والمتوفين من جانب وزارة الداخلية.
وشملت طلبات الجندى استدعاء 9 شهود، هم اللواء مراد موافى، مدير المخابرات العامة، لسؤاله عن العناصر الخارجية التى تم رصدها تدخل مصر وتشترك مع عناصر داخلية تواجدت فى التحرير بداية من 28 يناير الماضى، وما بعده، واستخدام القوة والعنف والمال لارتكاب جرائم، واللواء مصطفى عبدالنبى، الرئيس السابق لهيئة الأمن القومى، لسؤاله عن المعلومات التى توافرت لديه من خلال عمله عن منظمات المجتمع المدنى التى تلقت تمويلاً من الخارج، واللواء نجيب محمد عبدالسلام، قائد الحرس الجمهورى السابق، والمحددة إقامته حاليا، لسؤاله عن المعلومات التى توافرت لديه عن التعليمات التى صدرت له ولقواته بالنزول إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون مساء 28 يناير الماضى، بقرار من الرئيس السابق، وما شاهده أثناء مروره فى ميدان التحرير، ومعلوماته عن كيفية تعامل قواته مع المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون، واستدعاء مدير المخابرات الحربية عن طريق القضاء العكسرى، والفريق سامى عنان، لسؤالهما عن الأشخاص الذين عبروا عن طريق الأنفاق إلى سيناء، والأسلحة المضبوطة بحوزتهم، واللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية، لسؤاله عن الأجانب الذين تم ضبطهم فى ميدان التحرير، والأماكن المحيطة به، واللواء طارق الموجى، قائد قوات مكافحة الإرهاب بجهاز أمن الدولة السابق، لسؤاله عن العناصر الأجنبية التى تم رصدها قبل الثورة، واللواء محمد حامد، قائد إدارة أمن وزارة الداخلية، لسؤاله عن خطة تأمينها، وكيفية التصدى للمتظاهرين، واللواء مدحت عبدالله، مدير حراسات المنشآت العامة فى الوزارة، لسؤاله عن الأسلحة التى تم تسليمها لأفراد الشرطة المكلفين بتأمين البنوك والسفارات، واللواء صلاح هاشم، مدير إدارة المساعدات الفنية بالوزارة الداخلية، لأن لديه معلومات وصفها المحامى بأنها جوهرية سيكشف عنها أثناء مثوله أمام المحكمة.
وطلب محامى إسماعيل الشاعر الاستعلام من وزارة الصحة عن الجثث المجهولة أثناء الثورة، ومن وزارة الداخلية عن عدد المصابين والقتلى التابعين لها، وعدد سيارات الإطفاء التى تم حرقها، وضم التحقيقات فى أحداث مجلس الوزراء، ومحمد محمود، وماسبيرو، وقضية التمويل الأجنبى من الكويت، وقطر، وأمريكا، والتى بلغ حجم التمويل فيها قرابة 1.7 مليار جنيه، وهو ما كانت «المصرى اليوم» قد انفردت بنشره الأسبوع الماضى، كما طلب الاستعلام من السفارة الأمريكية بالقاهرة عن التصريحات التى أدلى بها مسؤول بالبيت الابيض عن وجود فريق مدرب لقتل مجموعة من الثوار بتمويل أجنبى، وأن هذا الفريق يتكون من 4 مجموعات تنتمى إلى دول أجنبية، وأنهم اغتالوا 36 شابا فى أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، بهدف إحداث فوضى وإلصاق التهم بالجيش والشرطة، وكذلك ما صرح به أحد مسؤولى المخابرات المركزية الأمريكية باختراق ورصد رسائل فى صفحات إلكترونية مشفرة، ورصد محادثات هاتفية من جهات بريد إلكترونى لأعضاء تلك المجموعات عن طريق الأقمار الصناعية، والتى حوت تعليمات بعمليات الاغتيال. وأصر القاضى طوال الجلسة على تنبيه المحامين بعدم ذكر أسماء الشهود المطلوبين، وهو ما أرجعه بعض المحامين إلى رغبة المحكمة فى حماية الشهود، فيما تنازل دفاع باقى المتهمين عن أى طلبات اخرى، وقالوا إنهم مستعدون للمرافعة، بعدها رفعت المحكمة الجلسة تمهيدا لإصدار القرار.
وبعد مداولة استمرت نحو ساعتين، قررت المحكمة تأجيل القضية إلى الاثنين المقبل، وكلفت النيابة العامة بمخاطبة اتحاد الإذاعة والتليفزيون لمعرفة مدى إمكانية استعادة ما تم مسحه من كاميرات المتحف المصرى، وتسجيلات غرفة العمليات المركزية بالأمن المركزى بوزارة الداخلية، من عدمها، كما كلفتها بتقديم صورة من الكشوف النهائية بالمتوفين والمصابين، وضم جميع التحقيقات التى أجرتها النيابة فى وقت لاحق على إحالة القضية إلى المحكمة.
وصرحت المحكمة للمحامين بالاطلاع على ما أجرته النيابة من تحقيقات تكميلية، وصرحت لدفاع مبارك بالاطلاع على الخطاب الوارد من محافظة جنوب سيناء، ويوضح إجراءات بيع قطع أراض فى شرم الشيخ من شركة خليج نعمة، إلى شركة «المهندسون المصريون»، والاطلاع على مذكرة النيابة العامة فى القضية رقم 601 لسنة 2004 حصر أموال عامة، والتى تتعلق بتخصيص أراض فى سيناء، كما صرحت لدفاع اللواء إسماعيل الشاعر بالاستعلام من وزارة الداخلية عن حجم الأسلحة المضبوطة فى الفترة بين عامى 2007 و2011، ونوعيتها والجهة التى استخدمتها فى أنحاء الجمهورية، وعدد الجرائم الجنائية التى ضبطتها وزارة الداخلية بين عامى 1997 2011، والاستعلام عن الحملات الأمنية بمديرية أمن القاهرة، والتى تتعلق بضبط أجانب فى شقق مفروشة بالقاهرة، والاستعلام عن عدد محال الأسلحة والملابس العسكرية التى تعرضت للسرقة، وأنواع الأسلحة، وعما إذا كان تم ضبطها من عدمه، وعدد سيارات الشرطة التى تمت سرقتها خلال أحداث الثورة، وأماكن سرقتها، وهل تم ضبطها أم لا، والحصول على صورة رسمية من وزارة الصحة عن عدد الجثث المجهولة فى الفترة من 28 إلى 31 يناير الماضى، والتى تم دفنها بعد أن تعذر الوصول إلى أهلها.