x

الإعلام الفرنسي: ماكرون يعيد الدولة الأمنية لفرنسا بقانون مكافحة الشغب

الجمعة 15-03-2019 22:58 | كتب: مروان ماهر |
احتجاجات السترات الصفراء التى ادت إلى عنف وتسببت فى تمرير القانون احتجاجات السترات الصفراء التى ادت إلى عنف وتسببت فى تمرير القانون تصوير : أ.ف.ب

يواجه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون اتهامات بالاستيلاء على المجلس الدستورى وإعادة ما يعرف بـ«الدولة الأمنية» إلى فرنسا، في إطار مساعيه لمواجهة الإرهاب والسيطرة على مقاليد الأمور التي كانت توشك على الانفلات في بلاده خلال الأسابيع الأخيرة.

التاريخ الفرنسى ما زال يذكر عودة الزعيم الفرنسى الراحل (الجمهورى)، شارل ديجول، في عام 1958 إلى المشهد السياسى لإنقاذ البلاد بعد اعتزاله لمدة 12 عاما، لحماية فرنسا من حرب أهلية بسبب الاختلاف حول حرب الجزائر، وأنشأ محكمة أمن الدولة عام 1963 لمكافحة الشغب ومحاكمة الخارجين عن القانون في أي مظاهرات أو مرتكبى أي عمليات تخريب في البلاد، وألغى العمل بالمجلس الدستورى، إلى أن جاء الرئيس الفرنسى اليسارى، فرنسوا ميتران عام 1981 وألغى العمل بمحاكم أمن الدولة الفرنسية، وأسس مكانها محاكم استثنائية لمكافحة الشغب.

وجاء الرئيس الفرنسى اليمينى (الجمهورى) الأسبق، نيكولا ساركوزى عام 2009 وأراد تمرير ذلك القانون بعد وصفه للمحتجين وقتها بـ«الحثالة» إلا أنه لم ير النور، حتى جاء الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي اتخذ ساركوزى مستشارا له في الظل عقب توسع احتجاجات السترات الصفراء، ووصف المحتجين بـ«المخربين»، وطالب وزير الداخلية ورئيس الوزراء بتمرير القانون في البرلمان، الذي وافق في قراءة ثانية، على مشروع قانون «مكافحة الشغب»، الذي أثار جدلا واسعا، لأنه يعطى السلطات الحق في منع بعض الأشخاص من المشاركة في المظاهرات.

وبمقتضى القانون يمكن لمحافظى الأقاليم ومسؤولى البلديات منع المظاهرات، وحظر إخفاء الوجه خلال أي احتجاجات ومنع التظاهر لأى شخص تسبب في أعمال عنف وتخريب، وتقديم أي متورط للعدالة بعد ساعات من توقيفه بالتعاون مع وزارتى الداخلية والعدل، مع الحكم بالسجن 6 أشهر وغرامة مالية، في حال تنظيم مظاهرات في ظل المنع الإدارى.

ويثير مشروع القانون، الذي اقترحه حزب «الجمهوريون» اليمينى المعارض، خلافا بين نواب الحزب الحاكم «الجمهورية إلى الأمام»، فيما رفضته أحزاب اليسار، في وقت تعيش فيه فرنسا على وقع احتجاجات «السترات الصفراء» منذ أكثر من 3 أشهر.

ووفقا لقناة «تى إف 1» الفرنسية، اقترح رئيس الوزراء اداورد فيليب نهاية 2018 قانون «مكافحة الشغب» لمواجهة السترات الصفراء، مؤكدا أن القانون موجود لكنه غير مستخدم، لافتا إلى أن السيناتور الفرنسى ريبولبيانس برونو ريتايلو اقترح إضافة بنود في القانون لتمريره، وتنص على حق «الشرطة» بتنفيذ عمليات الحبس والتفتيش البصرى والبحث في الأمتعة والهواتف المحمولة الخاصة بأى شخص يتواجد في محيط أي مظاهرة.

وقالت صحيفة «لوبنينون» الفرنسية إن الفكرة قديمة لكن إقرارها سيؤدى إلى طلب تصاريح قبل الخروج في مظاهرات، كما سيكون من حق الداخلية رفض أي مظاهرة، وحتى إذا تقدم الشخص لأخذ التصريح من أجل التظاهر ولم يتمتع بشروط معينة تطرحها، يظل من حق الشرطة أن تشك بأن سلوكه يمثل تهديدا خطيرا للأمن العام، مؤكدة أن الشرطة ستمنع أفرادا من التظاهر إذا ثبت أنهم ارتكبوا أعمال شغب في ظاهرة سابقة أو جرائم معينة أو حتى كانوا على اتصال منتظم بأفراد يحرضون أو يسهلون أو يشاركون في ارتكاب أعمال شغب.

وقالت صحيفتا «لوموند» و«لوفيجارو» الفرنسيتان إن ماكرون استولى على المجلس الدستورى، وذكرت «لوموند» أن القانون سيعمل على إنشاء ملف للأشخاص الممنوعين من التظاهر بنظام «مسجل خطر إدارى».

وأعادت «لوموند» نشر تقرير سابق للكاتب الفرنسى، البروفيسور بيراترناد لو جيندر، أصدره عام 1981، يطالب بإلغاء قانون سابق أصدره ميتران، أكد وقتها أن الشعب يجب أن يتمتع بالحرية مع العدالة، وأن الدولة الفرنسية أصدرت مرسوما عام 1970 بقيادة رئيس الوزراء وقتها شابان ديلماس خلال عهد الرئيس الأسبق جورجيو بومبيدو، وكانت تصف أي متظاهر بالبلطجى.

وأوضح لوجيندر أنه في 8 يونيو 1970، صدر قانون مكافحة الشغب والذى كان يميل لاستعادة النظام العام، ضد الاحتجاجات واحتلال مبان إدارية، والعنف ضد الموظفين المدنيين وكان المحتجون يحاكمون أمام محاكم أمن الدولة، إلا أن الرئيس اليسارى، فرنسوا ميتران كان ينتقد محكمة أمن الدولة بشدة قبل أن يتولى رئاسة الدولة الفرنسية في كتابه «الانقلاب الدائم» (ويقصد من السلطة ضد المدنيين)، والذى نشر عام 1964، وأيضًا في العديد من مقالاته اللاحقة.

وعند توليه السلطة عام 1981، ألغى محكمة أمن الدولة من خلال مشروع قانون من قبل وزير العدل آنذاك روبرت بادينتر، وأوضح وقتها أن المدنيين المخربين يجب ألا يحاكموا في قضايا أمن قومى لأنهم لم يقوموا بأعمال إرهابية أو تجسسية حتى وإن كانت مخربة للمنشآت العامة الفرنسية.

وبحسب «لوموند» استمرت محكمة أمن الدولة في العمل ولكن تحت مسمى (المحاكم العسكرية) ويحاكم فيها العسكريون فقط الذي ارتكبوا جرائم.

وأفادت أن مبدأ المسؤولية الجماعية على المتظاهرين كان متواجدا في القانون الفرنسى، لكن قانون 2019 سيفتح الباب أمام الدولة الفرنسية لتكون متعسفة على نطاق واسع ضد المتظاهرين. وقالت الصحيفة إنه كما هو الحال مع إلغاء محكمة أمن الدولة عام 1981، سيكون من المدهش ألا تقاوم المعارضة الفرنسية، اليوم، بشدة هذا القمع من قبل النظام خاصة أن أغلب نواب حزب الجمهوريين المعارض هم من اقترحوا القانون بموافقة ومعارضة في نفس الوقت من اليمين المتطرف.

فيما أكدت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أنه مر بعض الوقت منذ أن فكر الفرنسيون أن إنشاء الدولة الأمنية في فرنسا ما بعد الحرب قد ولى، متهمة «ماكرون» بالاستيلاء على المجلس الدستورى، لافتة إلى أن النظام يرى أنه من الضرورى تحقيق العودة التاريخية للدولة الأمنية التي مر على إنشائها 70 عاما من قبل ديجول أي بعد الحرب العالمية الثانية.

وأكدت الصحيفة أنه إبان حكم الجمهورية الرابعة في الأربعينيات من القرن الماضى، كانت الحكومة تنظم استفتاء مؤقتا في بعض القوانين التي تسبب جدلا عاما، حتى جاء ديجول عام 1958 وأسس الجمهورية الخامسة وجعل رئيس وزرائه وقتها، ميشيل دوبوريه، يوقع أمرا باحتجاز إدارى أو إقامة جبرية لأى شخص ترى الدولة أنه خطر على السلامة العامة.

وعلى الرغم من اعتماد الجمعية الوطنية بالبرلمان، مشروع القانون في 5 فبراير الماضى، بموافقة 387 نائبا مقابل 92 صوتوا ضد القانون من المعارضة باستثناء الجمهوريين، فيما امتنع 74، إلا أن العديد من النواب عدلوا عن موقفهم إلى أن تراجع مجموع الموافقين إلى 210 نواب في مارس فيما رفضت المعارضة التصويت للحد من مظاهر العنف في المظاهرات، وذلك وفقا لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية