وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية «مجلس النواب»، في قراءة ثانية، على مشروع قانون «مكافحة الشغب»، الذي أثار جدلا واسعًا، خاصة أنه يعطى السلطات الحق في منع بعض الأشخاص من المشاركة في المظاهرات المناوئة للحكومة، وصوت لصالح القانون 210 أعضاء، فيما عارضه 115 نائبا، ومن المقرر أن يرفع مشروع القانون ليوقع عليه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
وبمقتضى القانون، يمكن لمحافظى الدوائر والبلديات منع المظاهرات والحكم بالسجن 6 أشهر وغرامة مالية، في حال تنظيم مظاهرات في ظل المنع الإدارى، كما ينص على منع إخفاء الوجه خلال التظاهر، ومنع التظاهر لأى شخص تسبب في أعمال عنف أو تخريب، فضلا عن تقديم أي متورط للعدالة بعد ساعات قليلة فقط من توقيفه، وأثار القانون، الذي اقترحه حزب «الجمهوريون» اليمينى المعارض، خلافا بين نواب الحزب الحاكم «الجمهورية إلى الأمام»، فيما رفضته أحزاب اليسار، في وقت تعيش فيه فرنسا على وقع احتجاجات «السترات الصفراء» منذ أكثر من 3 أشهر ضد حكم الرئيس ماكرون.
وطرح نص المشروع في أكتوبر الماضى مشروع القانون، الذي يستهدف «المخربين» خلال المظاهرات والتجمعات، ووافق عليه أعضاء مجلس الشيوخ، ثم عدلته الجمعية الوطنية التي تشكل فيها حركة الرئيس ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» الأغلبية.
وفى الوقت نفسه، قالت منظمة «مدافعون عن حقوق الإنسان» الفرنسية إن تعامل الشرطة الذي اتسم بالاستخدام المفرط للقوة مع مظاهرات أصحاب «السترات الصفراء»، التي اعتقل خلالها الآلاف وأصيب كثيرون، يعكس تراجع الحريات المدنية في فرنسا، ودعت المنظمة المستقلة إلى تحديث أساليب الشرطة، مستشهدة بالتغييرات في ألمانيا وبريطانيا، وقال جاك توبون، مدير المنظمة، إن السلطات التي حصلت عليها الشرطة بموجب حالة الطوارئ في أعقاب هجمات نفذها متشددون إسلاميون في 2015 تحولت إلى ممارسات شائعة.
وكتب توبون في التقرير «مثل الأقراص المسمومة، أصابت حالة الطوارئ التي فرضت لعامين قوانينا العامة بالتلوث شيئا فشيئا وقوضت حكم القانون، بالإضافة إلى الحقوق والحريات»، وأضاف: «ساعد ذلك في وضع حجر الأساس لنظام قانونى جديد يستند إلى الاشتباه وأصاب ذلك الحقوق والحريات الأساسية بالضعف بطريقة ما». وكان خبراء حقوقيون مستقلون من الأمم المتحدة قالوا، الشهر الماضى، إن حقوق المحتجين «قُيدت بشكل غير متناسب» خلال الاضطرابات.
ورفعت فرنسا حالة الطوارئ في نوفمبر 2017 لكنها طبقت بدلا منها قانونا أمنيا صارما وسع نطاق سلطات الشرطة في تفتيش الممتلكات والقيام بعمليات تنصت وإغلاق المساجد التي يشتبه في أنها تروج للكراهية في خطبها. ودافع وزير الداخلية الفرنسية كريستوف كاستانير عن تصرفات الشرطة، وقال: «أنتم لا تستخدمون القوة من أجل المتعة بل من أجل الواجب، لن أسمح بالقول إنكم خطر على الحقوق بينما تخاطرون بأرواحكم كل يوم لضمان احترام الحقوق».