ختان الإناث، شبح مخيف، يلقى بظلاله القاتم الثقيل على حياة ملايين النساء ليس فى مصر والمنطقة العربية فقط، لكن داخل أوروبا أيضا، حيث تنظر محكمة «أولد بيلى» البريطانية الجنائية العريقة قضية وصفتها الأوساط الطبية والحقوقية والدينية بأنها «جريمة»، وتتمثل فى ختان الإناث، حيث قررت المحكمة إصدار حكمها فى القضية يوم 7 مارس الجارى، وسط تحذيرات متكررة للمصريين المقيمين فى المملكة المتحدة وغيرهم من الجاليات العربية والآسيوية والأفريقية من إجراء عمليات لختان الإناث.
وتستند المحكمة إلى القانون الذى أصدره التاج البريطانى منذ عام 1985 والذى حظر الختان بوجه عام للفتيات كافة ممن ينتمين إلى كافة العرقيات والجنسيات والديانات. فى حين كانت أول قضية ينظرها القضاء فى 2015 ضد طبيب أجرى عملية ختان لإحدى الفتيات ورجل آخر لمساعدته، ولكن تمت تبرئة الاثنين، غير أن الساحة القضائية شهدت أول إدانة ناجحة ضد هذه الممارسة فى فبراير الماضى.
بينما دعا اتحاد المصريين فى أوروبا إلى ضرورة تطبيق النظام الفرنسى فى الكشف على الأعضاء الأنثوية للفتاة فى المدارس، والتأكد من خلوها من التشوه وأنها لم تتعرض لعملية الختان، وذلك وفقا لضوابط الكشف الطبى ومراعاة الخصوصية التى ترتضيها الطالبة.
ويوجد ما يقدر بـ200 مليون امرأة تنتمى لفئات عمرية مختلفة تم ختانها فى 30 دولة بقارة أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا - والمهاجرين من هذه القارات - وهى المناطق التى يتركز فيها ختان الإناث، وذلك وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف.
وفى مصر، تم تجريم ختان الإناث، بنص المادة (242) مكرر من قانون العقوبات فى يونيو 2008، وذلك لعدة أسباب من بينها اعتبار ختان الإناث تشويها وإعاقة تلحق بجسد المرأة طوال حياتها، فهو حسب تعريف منظمة الصحة العالمية: «قطع جزئى أو كلى للأعضاء التناسلية الخارجية للمرأة بدون سبب مرضى، ومن ثم تفقد المرأة، طوال حياتها، كثيرا من الوظائف الحيوية المهمة والنافعة لجسدها».
وحذرت الأبحاث العلمية الموثقة والصادرة عن كليات الطب وغيرها من الهيئات الطبية من خطورة الأضرار الجسدية والنفسية والجنسية التى تلحق بالمرأة لعل من أهمها مضاعفات مرتبطة بالمعاشرة الزوجية، حيث يتسبب الختان فى صعوبة وصول المرأة إلى الإشباع الجنسى نتيجة لقطع الأعضاء المسؤولة عن عملية الإشباع الجنسى، فضلا عن المعاناة النفسية الصامتة، والتى يمتد أثرها إلى الرجال، مما قد يهدد مستقبل العلاقات الأسرية.
صدر محكمة «أولد بيلى» البريطانية، حكمها في واقعة متعلقة بـ«ختان الإناث»، 7 مارس الجارى، تمهيدا لإصدار حكمها على الوالدين اللذين اعتبرتهما متهمين، حيث يجرم القانون البريطانى ختان الإناث بشكل عام، وتتم إدانة كل الأطراف المشاركة، سواء أكان الطبيب الذي أجرى الجراحة أو الوالدين، إلى جانب تحميل الجناة تكاليف الدعوى القضائية.المزيد