x

رصيف نمرة 6.. مقبرة الحالمين بـ«الفرح وحب الخير» (معايشة)

الأربعاء 27-02-2019 19:18 | كتب: بيشوي ماهر, نورهان مصطفى, سارة سيف النصر |
الحساب الشخصي لإحدى ضحايا حادث قطار محطة رمسيس الحساب الشخصي لإحدى ضحايا حادث قطار محطة رمسيس تصوير : سارة سيف النصر

أمام بهو استقبال مستشفى الهلال العام في شارع رمسيس، وجدنا رمضان، شاب عشريني، يركض لاهثًا والعرق يتصبّب منه رغم برودة أجواء فبراير، بعد ساعات من حادث قطار محطة مصر.

بملابس بيضاء، وخطوات سريعة، وكلمات متعثرة، وقف أمام موظف الاستقبال ودفتره العريض الممتلئ بأسماء الضحايا والمصابين، ليسأل: «محمد ناجي، عندك مصاب اسمه محمد ناجي؟»، وبنظرة متفحصّة باردة، قرأ الموظف قائمة الأسماء معقبًا: «لأ.. مش موجود، شوفه في مستشفى (لشفا أو معهد ناصر».

لم يعبأ موظف الاستقبال ولا دفتره الضخم بصرخات الشاب المتتالية: «حد يقولي أخويا فين؟ أروح أدوّر عليه فين؟»، قبل أن يختفي مجددًا في زحام وعوادم سيارات شارع رمسيس، واصل سيره، ليبحث عن أخيه المفقود، مثل جميع أهالي المتضررين.

أمام ثلاجة حفظ الموتى داخل المستشفى، كان الأهالي ينتظرون، علموا أن ذويهم رحلوا، فبدأوا رحلة البحث عن جثثهم. سألتنا سيدة أربعينية عن نجل شقيقتها: «حد شاف محمد هشام يا ولاد؟».

تخبطت السيدة، رائحة الموت حولها في كل مكان؛ مات «محمد»، الذي تبحث عن جثته، إضافة لأبناء شقيقتها «مروة وأروى»: «البنات ماتوا وجثثهم جوّا، لكن الولد مش موجود».

بذاكرة مشوّشة، تعود السيدة بذاكرتها إلى مساء الثلاثاء: «ولاد أختي كانوا رايحين يحضروا فرح في إسكندرية، الفرح اتحول لجنازة»، إذ ذهب الأشقاء الثلاثة صباح الأربعاء إلى محطة مصر، كي يستقلوا القطار إلى الإسكندرية، فعبروا رصيف (6)، قرب جرار القطار المنكوب، تبادل الأشقاء النظرات للحظات، لكن النيران لم تعطيهم فرصة أبدًا، احترقوا، وبقيت جثثهم متفحمة مع صرخات خالتهم. قطع حديث السيّدة أحد العاملين بالمستشفى: «في طفلة جثتها متفحمة، تبعكم؟»، تصرخ السيّدة ويسود الصمت والبكاء.

في زاوية جانبيّة، وقفت «سهى» تبحث بأعين قلقة عن صديقة عمرها، نادية صبور، ودعت صديقتها التي ذهبت في رحلة خيرية إلى الأقصر وأسوان، الأسبوع الماضي، رفقة مجموعات «الروتاري»: «نادية كانت رايحة تعمل خير في أسوان، حضرتْ افتتاح (القرية الملونة)، وافتتاح المستشفى العائم، وكمان كانوا بيوصلوا مياه للقرى الفقيرة في المحافظة»، وبالفعل بعد انتهاء الرحلة، سافرت نادية على متن القطار المتجه إلى القاهرة.

الحساب الشخصي لإحدى ضحايا حادث قطار محطة رمسيس

في القاهرة، تحديدًا على رصيف (6)، وقفَت «نادية» مع باقي زملائها من «الروتاري» ينتظرون القطار المتجه إلى الإسكندرية، حسب «سهى» التي أضافت: «2 من زملائنا القدر أنقذهم راحوا يغيروا التذاكر من الشباك، و(نادية) وصديقة أخرى، وقفوا على الرصيف جنب الشنط»، تصمتْ للحظات، ثم تكمل: «ماتوا».

الحساب الشخصي لإحدى ضحايا حادث قطار محطة رمسيس

«الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح».. رسالة مسجلة تلقاها أصدقاء بيشوي فتحي، أحد الضحايا، إذ ذهب الشاب العشريني في رحلة ترفيهية إلى مدينتي الأقصر وأسوان، ثم استقل القطار عائدًا إلى القاهرة، لكنهُ «ذهبَ ولم يعُد».

أمام ردهة ثلاجة حفظ الموتى، وقف صديقا «بيشوي» في انتظار أي خبر عن صديقهم المفقود: «بنحاول نوصل لأي خبر، قالولنا في 5 جثث متفحمة في المشرحة، لكن الجثث عريضة، وبيشوي نحيف».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية