أكد رئيس الوزراء الجزائرى أحمد أويحيى، أمس، أن مسألة الولاية الخامسة للرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، التى تظاهر ضدّها «عدد معتبر» من الجزائريين فى الأيام الماضية، سيتم حسمها فى صناديق الاقتراع، خلال الانتخابات المقرر إجراؤها فى 18 أبريل المقبل، وذلك فى أوّل ردّ رسمى على الاحتجاجات الرافضة لترشح بوتفليقة، 82 عاما، لولاية خامسة على التوالى، بينما يحشد النشطاء فى الجزائر لمظاهرات حاشدة ضد ترشح بوتفليقة، يوم الجمعة المقبل، واحتج المحامون فى الجزائر رافضين «العهدة» الخامسة للرئيس المريض، الذى سافر إلى جنيف، أمس الأول، لإجراء فحوصات طبية بعد إصابته بجلطة دماغية أقعدته على كرسى متحرك منذ عام 2013.
ودعا أويحيى، الجزائريين إلى «اليقظة والتخوف من انزلاقات خطيرة»، بعد أن نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع، الجمعة الماضى، تلبية لدعوات على التواصل الاجتماعى لرفض ترشح بوتفليقة المريض.
وأقر أويحيى بأن دستور البلاد يضمن حق المواطنين فى التجمهر السلمى، وأشار، خلال عرضه بيان السياسة العامة للحكومة على نواب مجلس الشعب الوطنى، إلى «بعض الانزلاقات التى لا يحمد عقباها»، محذرا المواطنين من الاستجابة لنداءات «مجهولة المصدر»، ودعا رئيس الوزراء، المواطنين إلى التحلى بالحيطة والحذر واليقظة التامة من «النداءات التى أتت من أطراف مجهولة، إلا أن مسعاها واضح وهو إشعال فتيل الفتنة»، وشدد على أن من حق كل واحد أن يتمتع بالسلم والاستقرار، مذكّرا بسنوات الدم والدمار التى مرت بها البلاد فى تسعينيات القرن الماضى، فى إشارة إلى «العشرية السوداء التى قتل فيها أكثر من 300 ألف شخص خلال مواجهات بين الجيش، والمسلحين من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية عام 1988.
ووصف أويحيى ما شهدته العاصمة الجزائر مؤخرا بأنه «انزلاقات صغيرة إلا أنها خطيرة»، متهما «أطرافا مجهولة»، بإخراج التلاميذ من المؤسسات التربوية واستغلالهم فى التجمهر، ولفت إلى أن من حق كل شخص أن يدعم المرشح الذى يريده، ومن حق كل واحد أن يعترض على مرشح ما، ولكن صندوق الاقتراع هو الفاصل، وأشاد رئيس الوزراء باحترافية قوات الأمن فى تعاملها مع المحتجين، وتوجه أويحيى إلى دعاة التغيير بالحديث عن رسالة ترشح بوتفليقة إلى الشعب من أجل «تزكية الندوة الوطنية»، واصفا هذه الندوة بالسابقة فى تاريخ الجزائر، لبحث تعديل الدستور، وقال إن «التغيير سيكون انطلاقا من هذه الندوة التى ستعقد بعد الرئاسيات»، وأنها «ستكون مفتوحة للجميع لمناقشة كل ما يراد مناقشته باستثناء الثوابت ونظام جمهورية الدولة»، وأكد أن الانتخابات الرئاسية «ستجرى بعد أقل من شهرين وسيكون هذا الموعد مناسبة للشعب الجزائرى للاختيار بكل حرية وسيادة»، لافتا إلى أن الشعب الجزائرى، وبعد كل ما عاشه من آلام، «من حقه أن يختار رئيسه بكل حرية وفى كنف السلم والهدوء مثل باقى البلدان».
وعلى صعيد متصل، قال حزب جبهة التحرير الوطنى الذى يقود الائتلاف الحاكم، إن انتقادات رئيسه معاذ بوشارب، للمتظاهرين تم تحريفها وإنها ليست موجهة للشعب، وإنما لأحزاب معارضة التى فشلت فى الوصول إلى أهدافها، وأثار بوشارب الجدل، إذ اتهم، أطرافا قال إنها «ستفشل فى مسعاها الدنىء بالسعى إلى الفتنة»، قائلا: إن «بعض الساسة وأشباههم أصبحوا يحلمون، فنتمنى لهم أحلاما سعيدة»، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية، وتعرض بوشارب، إلى انتقادات واسعة، ورأى نشطاء فى تصريحاته استفزازا لتحركاتهم السلمية ومطالبهم المشروعة، وفقا لصحيفة «الشروق» الجزائرية.
وتتسع دائرة الرفض لترشح بوتفليقة، ونشر مثقفون وكتاب ومسرحيون وسينمائيون وشعراء بارزون بيان «الانحياز إلى الشعب، وإلى صف شعبنا وضميره الحى»، أعلنوا فيه رفضهم دولة العمائم والجهويات المقيتة ومشعوذى التاريخ المزوّر، والإصرار على مقاومة هذه المغامرات الخطيرة، وقالوا إنهم يريدون دولة مدنية ديمقراطية لكلّ الجزائريين، تحقق لهم قيم الحرّية والعدالة والمساواة. ودعوا لانتخاب مجلس وطنى تأسيسى لوضع دستور ديمقراطى وعرضه على استفتاء شعبى حرّ، تمهيدا لانتخابات رئاسية وبرلمانية وإنشاء الهيئة الوطنية للعدالة والمصالحة.
وندّد صحفيون من الإذاعة الجزائرية بعدم السماح لهم بتغطية احتجاجات الجمعة الماضية، وبغياب الحياد فى معالجة الأحداث السياسية من خلال «تغطية مميّزة» لأنصار بوتفليقة، وتجاهلت القنوات التليفزيونية والإذاعات الحكومية المسيرات والتظاهرات التى شارك فيها الآلاف فى أنحاء البلاد، احتجاجاً على ترشّح بوتفليقة، كما تظاهر، أمس الأول المئات فى وسط العاصمة الجزائرية وتدخلت الشرطة لمنعها، ومنعت الإذاعة والتليفزيون الحكوميين من تغطيتها، وندّد صحفيون بلإذاعة فى رسالة «بعدم احترام الحياد فى معالجة الأخبار»، ولم تحمل الرسالة توقيعاً لكنّ محرّريها أكّدوا أنّها تعبّر عن رأى العديد من زملائهم فى الإذاعة بمختلف قنواتها، وقالت الرسالة: «نعمل فى الخدمة العمومية ولسنا صحفيى الدولة»، و«الإذاعة الجزائرية ملك لكل الجزائريين، ومن واجبنا إعلامهم جميعاً»، وأضافوا: «إنّ قرار المسؤولين بتجاهل المظاهرات الكبيرة يوم 22 فبراير 2019 ليس إلا أحد مظاهر الجحيم الذى نعيشه يومياً أثناء ممارسة مهنتنا»، وأكّدوا رفضهم «المعالجة المميزة والاستثنائية التى يفرضها المسؤولون لصالح الرئيس والتحالف الرئاسى، وتقييد المعالجة عندما يتعلق الأمر بالمعارضة»، وتحدّثوا عن «توتّر شديد فى قاعات التحرير» داعين المدير العام للإذاعة الوطنية شعبان لوناكل للعمل معهم «لمصلحة إعلام الجزائريين بكل موضوعية»، وذكرت وكالة «فرانس برس» أنّه تم «إعفاء» صحفى من تقديم برنامج «معرض الصحافة» لأنه أشار إلى عنوان «الشعب يكسر حاجز الخوف» بصحيفة «ليبرتى»، الناطقة بالفرنسية، أمس الأول.