قال سفير فنزويلا الجديد فى القاهرة، ويلمر عمر بارينتوس، إن رئيس بلاده، نيكولاس مادورو، ملتزم باليمين الدستورية التى أداها، مؤكدا أن التاريخ سيحاسب رئيس البرلمان، خوان جوايدو، الذى قال إنه انقلب على الشرعية، وأشار، فى أول حواره صحفى له، لـ«المصرى اليوم»، إلى أن الحوار هو الحل بعيدا عن التدخلات الأجنبية فى الشأن الداخلى الفنزويلى، وأكد أن الجيش والشعب الفنزويلى مستعدون للدفاع عن الأراضى الفنزويلية ضد أمريكا، وقال إن الجيش متماسك، مشيراً إلى التشابه بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والزعيم الفنزويلى الراحل، هوجو شافيز، وإلى نص الحوار:
■ ما أبرز المستجدات فى فنزويلا، وما تفسيرك لما يحدث؟
- ما تشهده فنزويلا هو انقلاب على الرئيس مادورو، المنتخب بـ6 ملايين و200 ألف، بنسبة 67.8%، وأدى اليمين الدستورية فى 10 يناير الماضى بعد انتخابات حرة ونزيهة، وديمقراطية، بتأكيدات مراقبين دوليين، وبعد 13 يوما من أداء اليمين، أعلن جاويدو تنصيب نفسه حيث إنه مدعوم من الولايات المتحدة التى تطبق سياسة تعسفية وقحة للتدخل فى الشؤون الداخلية لفنزويلا، والتى تهدف إلى أن يتولى الحكومة رئيس يستجيب لمصالحها، لتتمكن من الاستيلاء على مواردنا الهائلة، بالمخالفة والانتهاك للقانون الدولى. وأمريكا استولت على المصافى البترولية وصادرت حسابات بنكية بقيمة 30 مليار دولار، فيما تقوم بتقديم مساعدات بقيمة 20 مليون دولار، وتريد أن تستولى على ثروات بلادنا التى تحتل المركز الأول فى الاحتياطى من النفط.
■ لماذا أقدم رئيس البرلمان على محاولة الانقلاب فى هذا التوقيت؟
- ببساطة، لأنه يحقق سيناريو خاصاً بـ«سيده» وهى الولايات المتحدة، التى لا تريد لفنزويلا أن تعيش الديمقراطية التى قدمناها لأنفسنا، ولكن التى تريد فرضها بالقوة، وهذا الإعلان غير دستورى، لأن دستورنا لا يقر شخصية الرئيس المؤقت، ولا تنطبق المادة 233 على ما تقترحه المعارضة، لأن هذه المادة تنص على أن: «من أسباب الغياب المطلق لمنصب رئيس الجمهورية (الموت، الاستقالة، الفصل من قبل محكمة العدل العليا، العجز البدنى أو العقلى الدائم المعتمد من قبل مجلس طبى معين من قبل محكمة العدل العليا وبموافقة الجمعية الوطنية، والتنحى عن الحكم، والمصرح من قبل الجمعية الوطنية، فضلا عن الإلغاء الشعبى لولايته) ولم يتم تقديم أى من هذه الافتراضات.
■ لكن هناك من يقول إن الرئيس مادورو هو من دفع المعارضة للسير فى هذا الاتجاه، عندما أقسم اليمين أمام المحكمة العليا وليس البرلمان؟
- أدى الرئيس مادورو اليمين أمام محكمة العدل العليا مما أدى إلى تفعيل الدستور، لأنه لم يتمكن من القيام بذلك أمام الجمعية الوطنية (البرلمان) لأنه منذ 11 يناير 2016، أعلنت الدائرة الانتخابية لمحكمة العدل العليا الجمعية الوطنية بازدراء وبطلان جميع أعمال الهيئة التشريعية، وأمر مجلس إدارة البرلمان بإلغاء يمين نواب ولاية الأمازون، بعد تقديم شكاوى عن مخالفات فى الانتخابات البرلمانية، ولم تلتزم الجمعية الوطنية بالأمر الصادر من محكمة العدل العليا.
وفى 10 يناير، أدى مادورو اليمين أمام رئيس محكمة العدل العليا كرئيس لفنزويلا فى الفترة من 2019 إلى 2025، وجرت مراسم التنصيب، ويجب الإشارة إلى أن هذا ينص عليه الدستور الوطنى فى المادة 231، أن «يتولى المرشح المنتخب منصبه كرئيس فى العاشر من يناير من السنة الأولى من ولايته دستوريا، بحلف اليمين أمام الجمعية الوطنية، وإذا لم يتمكن رئيس الجمهورية، لأى سبب، من المثول أمام الجمعية الوطنية، يؤدى اليمين أمام محكمة العدل العليا».
■ ما هو رد الفعل الذى ستقوم به فنزويلا فى الفترة المقبلة تجاه أمريكا؟
- رد الفعل بدأ منذ اللحظة الأولى باستنكار ما فعله جوايدو، فالشعب الفنزويلى الذى ورث الحرية من زعيمه ومحرره سيمون بوليفار سيظل مستقلا يدافع بكرامة عن حقه المقدس فى تقرير المصير، ضد القوة العسكرية العالمية الأولى التى تسعى إلى تعيين حكومة عميلة من الخارج، وتجاهل الإرادة الشعبية، فى محاولة لتجريدنا من أراضينا والاستيلاء على مواردها الهائلة.
■ فى حالة إصرار جوايدو على عدم الحوار الذى بادر به الرئيس مادورو، ما هو الحل؟
- لا حل دون حوار، ورئيسنا مادورو مستعد للحوار، وحث المعارضة على الانضمام دون تأخير إلى الحوار الوطنى الذى يرعاه رئيس الدولة، ولا يوجد طريق آخر يقودنا إلى السلام والعقلانية والاستقرار والتعايش السلمى بين الفنزويليين، كما أن الحوار الوطنى والفهم السياسى يؤكدان مبدأ حرية تقرير المصير للشعوب، حيث يجب تسوية الشؤون الفنزويلية بشكل خاص من قبل الفنزويليين، دون تدخل وباحترام صارم للولاية الداخلية للدولة الفنزويلية.
■ برأيك هل ستتدخل أمريكا عسكريا؟ وما هو السيناريو إذا حدث؟ هل ستتدخل روسيا والصين لمواجهة التدخل الأمريكى؟
- لقد أكدت روسيا والصين عدم التدخل فى شؤون فنزويلا، وحرية تقرير المصير للشعوب، كما أنهما تؤيدان الحوار، فهو الطريق الصحيح للتغلب على الخلافات، ولكن إذا لم توافق الولايات المتحدة على الحوار، فإن الحكومة والشعب والقوات المسلحة جاهزون للدفاع عن وطننا وكرامتنا وسيادتنا كشعب.
■ جوايدو يحرض أمريكا على التدخل.. هل من المحتمل محاكمته إذا فشلت محاولة الانقلاب؟
- لم يحدث قط فى تاريخ بلدنا أن يتوسل مواطن فنزويلى من قوة أجنبية لتهديد شعبه والتنازل عن الحرية والاستقلال والأراضى الوطنية، وسيأتى الوقت عندما يتحمل مرتكبو هذه الأعمال المسؤولية أمام التاريخ.
■ هناك من يتخوف بشأن حدوث حرب أهلية، هل يمكن أن يحدث ذلك؟
- الولايات المتحدة ذكرت أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، لكن الشعب الفنزويلى يريد السلام، وحكومتنا، وعلى وجه الخصوص الرئيس مادورو، تدعو إلى الحوار وتجنب المواجهة منعا للحرب الأهلية، فكل ما نريده نحن الفنزويليين هو السلام.
■ ما موقف الجيش من الأزمة، فى ظل وجود انشقاقات؟
- على الرغم مما تقوم به أمريكا، فهناك قوة مسلحة متماسكة وتقدم دعمها الكامل لرئيسنا الدستورى مادورو، وهناك اتحاد مدنى- عسكرى كامل على أتم الاستعداد لدعم سيادتنا، وحرية تقرير المصير، المرتبطة بالدستور والقوانين، وقد أعربت القوات المسلحة عن دفاعها عن المؤسسات الديمقراطية وولائها للرئيس، بالإضافة إلى ذلك، يتم الإعداد لتوطيد مذهبنا العسكرى، «حرب الشعب كله»، استناداً إلى مُثُل محررنا القائد هوجو تشافيز التى اتخذها للدفاع المتكامل عن الأمة.
■ هناك من يقول إن هناك عناصر من حزب الله اللبنانى فى فنزويلا.. ما صحة ذلك؟
- الرئيس مادورو قال إن حزب الله هو حزب سياسى فى لبنان، ولا علاقة لفنزويلا بحزب الله السياسى، ولا تحتاج إلى أى جماعة مسلحة للدفاع عن نفسها، فى الوقت الذى تكفل فيه فنزويلا الحرية الكاملة للجالية اللبنانية.
■ بعض الدول سارعت بتأييد جوايدو وهناك من يترقب، ما تعليقك؟
- تعترف غالبية دول النظام الدولى بالحكومة الشرعية للرئيس نيكولاس مادورو، وعلى أى حال، فإن القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية هى أعمال سيادية، وفنزويلا تحترم مبادئ المساواة السيادية، ولا تملى أى مبادئ توجيهية على بلدان أخرى، فالأمر متروك لكل دولة لتقييم الوضع والتصرف وفقاً لذلك، والحقيقة الموضوعية هى أن هناك فى فنزويلا اليوم حكومة تقوم بأعمالها بكامل شرعيتها وتعترف بها أغلبية الدول والمؤسسات فى جميع أنحاء العالم.
■ كيف ترى العلاقة الثنائية بين مصر وفنزويلا؟
- حافظت كل من مصر وفنزويلا على علاقة تاريخية ممتازة مبنية على الاحترام المتبادل، والتى انعكست فى تطوير حركة بلدان عدم الانحياز (NAM) وفى تقوية وتوسيع التعاون بين بلدان الجنوب، فى مختلف المنتديات متعددة الأطراف، ويتمتع كلا البلدين بمزايا وقوة تنافسية لتحقيق التآزر وتعميق المعاملات التجارية بهدف زيادة حجم التبادلات الثنائية فى مختلف المجالات ذات المنفعة المتبادلة. وبين الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس هوجو تشافير أوجه شبه كثيرة خلدت ذاكرتهما فى تاريخ الشعوب، فكلاهما قادا ثورتين ناجحتين، كما أنهما تصديا للهيمنة الأمريكية.
وفى الواقع، وفقا للتوجيهات التى وضعها الرئيس مادورو، تهدف إدارتى الدبلوماسية إلى تطوير وتوطيد مشاريع التعاون ذات الاهتمام المشترك فى كل المجالات، ورفع مستوى التبادل التجارى.