سادت حالة من الغضب والاستياء بين الأثريين وسكان شارع المعز التاريخى فى القاهرة، بعد هدم «وكالة العنبريين»، خلال الساعات الماضية، والتى يرجع تاريخها إلى عصر السلطان قلاوون الذى بناها لتكون سجناً، ثم حوّلها العثمانيون إلى وكالة لصانعى العطور، ومن هنا جاء اسم «وكالة العنبريين».
وقال المستشار محمد سمير، المتحدث الرسمى لهيئة النيابة الإدارية، فى تصريحات تليفزيونية وصحفية، إن لجنة من كلية الآثار وأثريين كبار انتهت إلى أن المواصفات الخاصة بالمبانى الأثرية متوفرة بالمكان، ورغم توصية وزارة الآثار باتخاذ إجراءات تسجيل المكان كأثر، تم هدم العقار ببيان من وزارة الآثار نفسها تؤكد خلاله عدم أثرية العقار.
وقال محمد عبدالعزيز، المشرف العام على مشروع القاهرة التاريخية بوزارة الآثار، إن العقار غير أثرى، ولم يسبق تسجيله من قبل فى تعداد الآثار المصرية، موضحاً، فى تصريحات صحفية، أنه صدر قرار بهدمه من محافظة القاهرة بسبب خطورته الداهمة، خاصة فى ظل تعرض العقار للاحتراق مرتين فى عامى 2005 و2017، لافتاً إلى أن الوزارة لا علاقة لها بالعقار إطلاقاً.
وقال الخبير الأثرى، سامح الزهار، لـ«المصرى اليوم»، إن شارع المعز لدين الله الفاطمى والقاهرة التاريخية بكل محتوياتها مسجلة كمنطقة تراث عالمى، معتبراً أن هدم الوكالة بمثابة بداية لسلسلة من هدم المبانى التاريخية والمبانى ذات الطابع التراثى للقاهرة التاريخية، قائلاً: «من اليوم سيكون لدينا مبنى جديد يتهدم كل يوم»، مشيراًَ إلى أن عدم تسجيل المبنى كأثر مشكلة وزارة الآثار، وأوضح أن اللجنة الدائمة للآثار عندما تقول إن حالة المبنى الإنشائية غير جيدة، وتعرض للحريق مرتين، لا يعنى ذلك هدمه وتجاهل تاريخه وأهميته.
وأضاف: «شغلتنا كأثريين هى ترميم المبانى المتهالكة والحفاظ عليها، وليس تسجيل المبانى متكاملة الأركان، والحفر الكبير سيعمل على هز ورَجّ الشارع والتأثير بشكل سيئ جداً على المبانى الأثرية، فهل يضمن أى شخص ألا تتأثر المبانى الأثرية الموجودة بالشارع التاريخى جراء بناء مبنى جديد بدلاً من وكالة العنبريين؟».
وطالب «الزهار» الحكومة، وليس وزارة الآثار فقط، بالتدخل لحماية شارع المعز ومبانى الشارع التاريخى التى باتت مُهدَّدة بأن تنال المصير ذاته، قائلاً: «كل البيوت الموجودة فى الشارع لابد أن يتم تشكيل لجنة لها من علماء الآثار وحصر المُهدَّد منها لدرء الخطورة وحل النزاعات».
واقترح «الزهار» حلاً بديلاً للهدم، متمثلاً فى عرض المبنى للمستثمرين لحل النزاع مع الورثة وتسوية الأمر، بالإضافة إلى تمويل عملية ترميم المبنى المُهدَّد نظير الاستفادة بحق الانتفاع بالمكان لعدة سنوات تعوضه عن الأموال التى دفعها وأكثر، لافتاً إلى أن العديد من المستثمرين قد يُعجبون بهذه الفكرة ويتمنون تنفيذها على أرض الواقع لأن المنطقة ستدر عليهم دخلاً كبيراً.